توضيح حول رسالة د.أحمد نافذ إلى ستالين

د.عبدي حاجي
بداية لابد من القول إن رسالة الدكتور أحمد نافذ المرسلة إلى ستالين قد نشرها المستشرق الروسي المعروف م.س.لازاريف في كتاب له بعنوان” المسألة الكوردية 1923 -1945 النضال والإخفاق “، الصادر بالروسية 2005، والمنشور بالعربية بترجمتي في أربيل عام 2007.  كما صدرت ترجمة أُخرى للكتاب للمترجم صادق الجلاد في السليمانية وبالتزامن مع طبعة أربيل. 
وقد ورد نص رسالة د. أحمد نافذ في الفصل الخامس من الكتاب الآنف الذكر وهامش نص الرسالة يحمل الرقم 132 في أرشيف السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية” سكرتارية ف.م. مولوتوف “،العدد 7، الحافظة رقم 47، الإضبارة رقم 33، الورقة 2 صورة.      
 وما دفعني إلى كتابة هذه السطور هوما ورد من نفيٍّ في وسائل التواصل الاجتماعي لوجود مثل هذه الرسالة بوجه عام والطعن بمصداقية نسبة هذه الرسالة إلى د. أحمد نافذ، حيث نشرها م. لازاريف ضمن كتابه الآنف الذكر. وهنا أقول إن المؤرخ ولاسيما مؤرخاً بحجم م.لازاريف لم يأت بمثل هذه الرسالة من أرشيف الأوهام، فهولا يعتمد على مايقوله هذا أو ذاك من الناس بل يعتمد على الوثائق فلا تاريخ من دون وثائق ،وصورة نص الرسالة محفوظة ضمن وثائق أرشيف وزارة الخارجية الروسية. يرى م. لازاريف أن الأسباب التي دفعت بالدكتور أحمد نافذ ــــ الذي كان يشغل منصب السكرتير العام “للجمعية الكوردية للاتحاد والحرية ” آنذاك ـــ هي أنّ كتابة هذه الرسالة تكمن في ازدياد نفوذ الاتحاد السوفياتي في كوردستان ولا سيما بعد الانتصار الذي حققه في الحرب العالمية الثانية .وحسب مايراه المؤرخ كانت الشخصيات الكردية الاجتماعية البارزة في كردستان إيران والأجزاءالأخرى تعوّل بصورة جدية على مساعدة الاتحاد السوفياتي من أجل التحرر القومي ، وما جاء في رسالة د. أحمد نافذ يدل على مثل هذا التوجه الفكري.و كما جاء في كتاب م.لازاريف “المسألة الكوردية 1923-1945 فإن رسالة د.أحمد نافذ قد كُتبت في مدينة القامشلي بتاريخ 17 تموز عام 1945 وتسلمتها وزارة الخارجية من السفير سولود في لبنان في 1  تشرين الأول .ولما قمتُ بترجمة كتاب لازاريف  حاولت قدر الإمكان نقل نص هذه الرسالة بحرفيتها. وتأكيداً للمصداقية سأورد نصّ هذه الرسالة كما جاء في الكتاب: 
“صاحب الفخامة السيد يوسف ستالين جنرالسيموس الاتحاد السوفياتي 
   أسمح لنفسي أن أبلّغ سيادتكم باسم الجمعية الكردية للاتحاد والحرية بمباركة الشعب الكردي بأسره وبخاصةٍ الشعب الكردي في تركيا وسوريا لسياسة الاتحاد السوفياتي المعادية للفاشية والتحررية، السياسة التي تسير تحت قيادتكم الحازمة. 
يعتقد الشعب الكردي، الذي يرزح تحت نير الديكتاتورية التركية ــ الإيرانية الفاشية، اعتقاداً جازماً بأنه يجد في الاتحاد السوفياتي بالذات خلاصه، ويأمل في نيل حريته وتحقيق السلام والازدهار. 
 ولكي نشيّد كردستان على أسس المبادىء الخالدة لكارل ماركس ولينين والجنرالسيموس العظيم ستالين فاننا نضع منظمتنا تحت التصرف الكامل لحكومة اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية.
   وتقبلوا صاحب السيادة الثقة بإخلاصي الشديد”
إن ما أوردناه هو نص الرسالة الذي كتبه د.أحمد نافذ إلى ستالين وتضمّنه  كتاب “المسألة الكوردية 1923-1945 ” .ولازاريف كمؤرخ  في التاريخ الكردي المعاصر على اطلاع بما كان يحدث من تغيرات وتحولات  ولا سيما في ثلاثيته التي يرصد فيها الأحداث التي جرت في كردستان التي تشمل مرحلة زمنية تزيد على نصف قرن والممتدة من عام 1891 ولغاية 1945، والكتاب الذي وردت فيه هذه الرسالة هو الجزء الختامي لهذه الثلاثية التاريخية.  وأخيراً أقول إن من يكون حريصاً على تاريخ شعبه ويخشى التحريف والتشويه يتعين عليه الاعتماد في كتاباته على المصادر العلمية الرصينة لا على أقوال الآخرين. وللتأكيد أُحيل كلَّ من يرغب في معرفة حقيقة هذه الرسالة وسياقها التاريخي أن يرجع إلى النصين الروسي والعربي لها. 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

علي الوَرْدِي ( 1913 _ 1995 ) عَالِم اجتماع عِرَاقي ومُؤرِّخ . اهتمَّ بِتَحليلِ شَخصيةِ الإنسانِ انطلاقًا مِنْ حَقيقةٍ بسيطة ، وَهِيَ أنَّ الإنسانَ لَيْسَ كائنًا نقيًّا ، ولا شِرِّيرًا خالصًا . إنَّه يعيشُ مُمَزَّقًا بَيْنَ مَا يُمْليه المِثَالُ ، ومَا يَفرِضه الواقعُ . وهَذا التَّمَزُّقُ…

صبحي دقوري

يُعد جاك دريدا من أبرز الشخصيات التي أحدثت ثورة فكرية عميقة في مسارات الفلسفة المعاصرة، خاصة فيما يتعلق بفهم النصوص، وبنية المعنى، وحدود وجود الإنسان في إطار اللغة. لقد قدم مشروعه التفكيكي ليس كطريقة منهجية ثابتة، بل كحساسية فكرية تعبر عن التشكيك في كل ما يُعتبر بديهياً، أو مكتملًا، أو نهائيًا. وبالتالي،…

خالد حسو

الأغاني والأهازيج الكوردية، والرقص الجماعي الذي يتجلى في تماسك الأيدي خلال الدبكات الكوردية، ليست مجرد طقوس فنية أو تعبيرات عن الفرح، بل هي شهادة حية على حيوية هذا الشعب وإرادته الصلبة. إنها دليلٌ واضحٌ على حبه العميق للحياة، وسعيه المستمر للعيش بكرامة وسعادة، رغم كل مظاهر وأشكال الظلم والطغيان والاستبداد التي حاولت…

سمكو عمر لعلي

مقدمة

لم يكن الحاج أحمد ملا إبراهيم مجرد اسم عابر في تاريخ الحركة الكردية، بل كان رمزًا للنضال والمثابرة من أجل قضية شعبه. وُلد عام 1923 في بلدة عين ديوار، التي تقع اليوم ضمن الحدود السورية، لعائلة مناضلة تمتد جذورها إلى شرق كردستان من اقرباء سمكو اغا الشكاك ، حيث كان والده الملا إبراهيم…