دلشاد مراد
في شتاء العام الجاري كانت المناقشات تجري على قدم وساق حول إمكانية إنشاء مظلة لاتحادات الكتاب والمثقفين الكرد في روج آفا، وبعد إقامة عدة جلسات حوارية بين مثقفين وأدباء كُرد من مختلف الاتحادات الثقافية وخارجها رعتها اتحاد مثقفي روج آفاي كردستان، توصلوا إلى تشكيل لجنة تحضيرية مؤلفة من ممثلين عن خمس اتحادات وعشرة شخصيات ثقافية مستقلة، تكون مهمتها بناء مظلة جامعة للمثقفين الكُرد، بغية المساهمة في الجهود المبذولة لتوحيد وحدة الصف الكُردي، والوصول إلى ميثاق شرف للمثقف الكردي في روج آفا.
وبسبب اختلافات في الرؤى بين أعضاء اللجنة حول ماهية المثقف، صدر أول بيان أو إعلان للجنة التحضيرية بتاريخ 11 آذار 2020 موقعاً باسم “اللجنة التحضيرية للاجتماع العام للمتنورين في روج آفا”، هكذا إذا أُدخل مصطلح “المتنورين” في إشارة إلى “المثقفين” أو كبديل عنها في أول إعلان رسمي من اللجنة التحضيرية دون تبيان أسباب أو توضيح ذلك للرأي العام، وربما اعتقد أعضائها في قرارة أنفسهم أنه قد يمر ذلك مرور الكرام، وبغض النظر عن صحة وصوابية استخدام مصطلح “المتنورين” أو “المثقفين”، فأنه وبمجرد نشر البيان أو الإعلان المذكور في الإعلام ووسائل التواصل حتى انهالت عليهم سيل من الانتقادات وتعليقات السخرية في الوسط الثقافي والإعلامي الكُردي في روج آفا.
تلك الانتقادات أجبرت أعضاء اللجنة التحضيرية للتراجع عن استخدام مصطلح “المتنورين”، وفي الحقيقة كان ذلك أول امتحان أمام الكتاب والمثقفين، فتلكأوا في أول خطوة لهم، وهذا كان كافياً لأخذهم الحذر من أي خطوات أو أفكار غير محسوبة أمام الرأي العام، والوسط الثقافي خاصة.
أعلنت اللجنة التحضيرية يوم 13 آذار البدء رسمياً بأعمالها، ودعت جميع المشتغلين بالشأن العام من المثقفين والأكاديميين والكتاب والمبدعين الكُرد لحضور اجتماع عام لمناقشة المخاطر المحيطة وحالة التشرذم في صفوف الكرد وطرح الآراء والأفكار والخطوات اللازمة لصياغة مشروع متكامل لتذليل الصعوبات أمام وحدة الصف الكردي في روج آفا. إلا أنه وبسبب ظهور جائحة كورونا في العالم والمنطقة وإيقاف عمل معظم المؤسسات ومعظم الفعاليات والأنشطة المحلية توقف عمل اللجنة التحضيرية مؤقتاً، ليستأنف في أعقاب تخفيف حظر التجول المفروض في شمال وشرق سوريا وعودة المؤسسات لأعمالها المعتادة، وقد جددت اللجنة في بيان أصدرتها بتاريخ 13 حزيران الجاري دعوتهم لجميع المؤسسات الثقافية والشخصيات المهتمة بالشأن الثقافي لحضور اجتماع عام في 19 حزيران الجاري لبحث الأوضاع الراهنة والحوار الكردي- الكردي.
يتبين هنا أن المناقشات تتمحور حول إنشاء مظلة أو مرجعية للمثقفين الكُرد، بموازاة انطلاق الحوارات بين قطبي الحركة السياسية الكردية في روج آفا. وهذا يجري في وقت هي الأخطر على مستقبل ومصير الشعب الكردي والشعوب الأخرى المتعايشة معهم في روج آفا وعموم شمال شرق سوريا.
وبالتالي لابد من تحديد الأولويات في الحالة الثقافية راهناً، فالوحدة الثقافية للكُرد عامل هام وضروري لوحدة الصف الداخلي في شمال وشرق سوريا، ولكن في الوقت نفسه ينبغي أن لا ننسى إن هناك فعاليات ثقافية في الوسط العربي والسرياني، ولابد من اتخاذ الخطوات اللازمة لتشكيل مظلة لكافة مثقفي شعوب شمال وشرق سوريا، فتوحيد الطاقات الثقافية لشعوب المنطقة لها دورها في التصدي للمخاطر المستجدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* زاوية الحديث الثقافي، صحيفة روناهي، العدد 902، الأربعاء 17 حزيران 2020م.