من رواية المُلحد لعبد الباقي يوسف

 لو كانَ الأكرادُ يهوداً لكانَتْ لهم دولتُهم المستقلّة على أرضِهِم منذُ مئاتِ السّنينِ، ولمَا تجرّأ أحدٌ أنْ يرمِي حجراً على حائطِ دولتِهِم، وكانُوا دولةً، بل وإمبراطورية قبلَ الإسلامِ، لكنْ عندمَا جاءَ الإسلامُ، وآزَرُوه واعتنقُوهُ، تحوَّلُوا مع الزَّمن كما لو أنّهم أعداءٌ لبعضِ المُسلمينِ وبدأَ المُسلمونَ يفتِكُون بهِم تحتَ شعاراتٍ إسلاميَّةٍ. 
لم يترِكُوا وسيلةَ قتلٍ إلَّا وقتلُوهُم بها، قتلُوهم بإطلاقِ الرَّصاصِ، قتلُوهم تحتَ التَّعذيبِ، قتلُوهم جُوعاً، قتلُوهم برداً، قتلُوهم شَنقاً، قتلُوهم خنقاً، قتلُوهم قنصَاً، قتلوهُم ذبحَاً، قتلوهُم دَهسَاً، قتلُوهم طَعناً، قتلوهُم ضرباً، قتلُوهُم صَعْقاً،  قتلوهُم اغتيالاً، قتلُوهم أفراداً، قتلوهُم بحملاتِ إبادةٍ جماعيَّةٍ، قتلُوهم في السُّجون، قتلوهُم بدفنِهِم أحياءً، قتلُوهم بغازاتٍ سامَّةٍ، قتلوهُم بأسلحةٍ كيماويَّةٍ، قتلُوا أطفالَهُم أمامَ أعيُنِ آبائِهم، قتلُوا آباءَهُم أمامَ أعينِ أطفالِهم.
 أجل يا بنتِي، لو كانَ الأكرادُ يهوداً، لمَا ألحقَ بهِم اليَهُودُ كلَّ هذهِ الويلاتِ، لو كانُوا مسيحيّينَ، لما ألحَقَ بهِم المسيحيُّونَ حملاتِ الإبادةِ الجماعيَّةِ، لو كانُوا هندوسيّينَ، لو كانُوا بوذيّينَ، لو اعتنقُوا أيَّ معتقدٍ آخر غير الإسلامِ، لما لقُوا كلَّ هذه الكوارث التي لحقتْ بهِم، بلْ لما اعتبرَهُم بعضُ المُسلمين أعداءً لهُم، وتركُوهُم في معتقدِهِم. كلُّ هذا يا بنتي حتَّى يُخرجُوهم من الإسلامِ، وقد نجحُوا في ذلكَ مع بعضِ شَبابِنَا الذين ارتدّوا عن الإسلامِ عندمَا تراكمَتْ هذه الحَملاتُ عليهِم وهي تحملُ شعاراتِ الإسلامِ، وخلالَ الحقبِ الزَّمنيَّةِ، كانَ المُسلمونَ يمنعُونهُم حتَّى من أنْ يتحدّثوا كلمةً واحدةً بلغتِهِم، أو يطلقّوا اسماً كردياً على أبنائِهِم، بل حتَّى أنْ يرتدُوا زيَّاً من أزيائِهم، ويحظّرونَ عليهِم أنْ يكتبُوا حرفاً بلغتِهِم. لقدْ استجَابَ بعضُ شبابِنَا لكلّ ذلكَ وارتدّوا عن الإسلامِ، ومنهُم مَن أشهَرَ إلحادَهُ، وتشكّلَتْ جماعاتٌ من المُلحدين السّياسيينَ كردّ فعلٍ على المؤمنينَ السّياسيينَ الذي يتّبعونَ سياساتٍ وهم يعتَدُون على الأكرادِ، ويعتقِدُون بأنَّ الأكرادَ لمجرّد أنَّهم قد أسلمُوا، فعليهِم أنْ يتجرّدُوا من قومِيتِهم ويصبِحُوا تَبعاً لهُم. 
 


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…

شكري شيخ نبي ( ş.ş.n)

 

والنهد

والنهد إذا غلا

وإذ اعتلى

صهوة الثريا وابتلى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا جرى في الغوى… !

 

والنهد

اذا علا

حجلين اضناهما

الشرك في اللوى

او حمامتين

تهدلان التسابيح في الجوى… ؟!

 

والنهد

اذا غلا

عناقيد عنب

في عرائش السما… ؟

توقد الجلنار

نبيذا في الهوى… !

 

والنهد

اذا غلا

وإذ اعتلى صهوة الثريا والنوى

تنهيد في شفاه التهنيد…؟

كالحباري

بين مفاز الصحارى

اضناه

مشاق اللال والطوى… !

 

والنهد

اذا علا

وإذ اعتلى كالبدر وارتوى… ؟

فما ضل صاحبك

ولا وقع في شرك…