قراءة في لوحات الفنانة التشكيلية رنده حاجي

 علي شيخو برازي
 
قراءتنا للعمل الفني تختلف مع اختلاف أسلوب الفنان التشكيلي, في طرحه للموضوع وعمق ثقافته وتجربته الفنية, واختياره للألوان والخطوط, والتوازن من حيث الموضوع وكثافة اللون والقيمة اللونية .
الفنان يمر بمراحل عدة في تجربته التشكيلية, قد تكون هناك محطات واضحة في مسيرته الفنية, وقد لا تجد ذلك, حيث تمتزج تلك التجربة دون فواصل ودون تميّز في الأسلوب, وهنا يكمن قلقه الثقافي والفكري, من خلال خطوطه وأثر ريشته واختياره للون الذي يخدم فكرته, فلا استقرار في الطرح ولا استقرار في الفكر, ولا هوية فنية واضحة, وهذا يؤثر على المتلقي ويجعله غير قادر على قراءة اللوحة , وغير قادر على التعرف على هوية الفنان .
ومن المعروف أن كل فنان يسلك سبيله الخاص في خوض تجربته التشكيلية, وفقا لقناعاته وثقافته وتوجهاته الفكرية ونضوج حسه, ومدى تأثيره بالمدارس الفنية, وقد يتجاوز كل المدارس ويخرج عن الدائرة المتعارف عليها, ويقدم لنا رؤية مغايرة وبعدا تشكيليا آخر .
من خلال اطلاعي على مسيرة الفنانة التشكيلية رنده حاجي, وقراءتي لأعمالها الفنية المتنوعة بين انطباعية وتعبيرية وتجريدية, التمست الكثير من الموضوعية في تجربتها وبتقنية لا بأس بها, فهي تختار اللون من بيئتها, والموضوع من إرثها الثقافي والفكري, وتعالج اللوحة وفق أمالها وطموحاتها, حيث تختزل اللوحة الكثير من رؤاها وتطلعاتها, فترى الزيتون في دوامة من الفكر غير المعتاد عبر تاريخه, والأبنية ثملة من رائحة البارود في كل مكان في منطقة عفرين الجريحة .
 في لوحاتها التجريدية ترى الدم غير قادر على تشويه الإرث الحضاري , وتتغلب الألوان بكثافتها على الأحمر صمودا ومقاومة, الطفل يرفض العودة إلى عصور الظلام والقتل والسبي, فيضع جسده سدا أمام الطغاة, وللمرأة حيزا واسعا من تحملها لمستجدات الحياة, وصبرا يعجز عنه الحجر, أما قوافل الرحيل فهي الأكثر سوادا في لوحاتها, والأكثر ألما في بعدها الإنساني , أي أن الفنانة أدركت جيدا الغرض من لوحتها, واستطاعت أن تخدم واقعها وأن تجعلك في مدى عملها الفني.
هكذا تأخذنا رنده إلى حيث رموزها وأبجديتها الحسّية, إلى ما لا نستطيع قراءته عبر الحروف , فترانا أمام جائحة تجاوزت كل الحدود والقيم, في حالة عفرين الأبية .
لا أود تعريف الفنانة رنده بالشكل التقليدي, فغزارة نتاجها دليل ارتباطها بهذا الفن الجميل, وعامل هام على طرق النجاح, فهوية المرء نتاجه وفكره وقيمه, وليست تلك الشهادة التي تحصرها بين أربعة زوايا خشبية, فالإنسان يخرج من كل الأطر والقوالب حتى يكون له دورا في هذه الحياة, التي لا تقبل سوى من يفهمها .
 
الفنانة في سطور :
– رنده حسين حاجي, من ناحية معبطلي – عفرين , ولدت وتعلمت في مدينة حلب
– خريجة مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية عام 1993
– شاركت في عدد من المعارض الجماعية في مدينتي حلب وعفرين .
 – شاركت في معارض جماعية في كلّ من المدن الأوربية : دسلدورف – هانوفر – فيينا – روتردام – دوتنخم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…