قصيدة الطاغوت

ياسر إلياس 
‏سأبيع أمي إِنْ دعتْ لي حاجتي
وأبيع   أختي     فوقها      وبناتي
سأبيع    زوجتي  التي في  ذمتي
وأبيع     فوق     عقيلتي عمّاتي 
سأبيع   كلّ  عمومتي  وخؤولتي 
وأبي الذي    من صلبه  أنا  آتي
وأبيع قومي من يخشخش صُرّتي
إنّي         أبيع    الله    بالليرات 
أنا   ساقطٌ   أنا   سافلٌ  أنا  تافهٌ
وأنا أحطُّ    الناس   في   نزعاتي
وأنا  أشدُّ    ضراوةً   و  مضرَّةً
ممّنْ   مشى  جَهْرًا  لكم  كعُداةِ
أنا   أدّعي    وطنيّةً     وشهامةً
وتفوح   مني   زنخةُ    النعراتِ
أنا        عنصريٌّ   أنعريٌّ   مُنْتِنٌ
أنا  طائفيٌّ       أسود    الراياتِ
إني      أنا   طاغوتكم   وإلهكم 
فَقَعُوا   وخُرُّوا ساجدين لذاتي
لا تغضبوا   منّي إذا حطمتكم 
فوظيفتي   كوظيفة    النحّاتِ
إني أصوغ على التجانس رسمكم
وأُؤَالفُ    العبدان       و السادات
إني    أعيض    ببِنيةٍ  عن    بِنيةٍ
لا بدَّ      للمعروفِ    من نكرات
أترونني  أجزي  بحسن صنيعكم!
هل تستوي الحسناتُ بالحسناتِ؟
لا تأبهوا   لقيامتي   من  أجلكم 
واستغرقوا  في  رقدةٍ   وسباتِ
أنا     مغرمٌ    ومتيمٌ    بوصالكم
أحياءَ   أو   كُنتُم من   الأمواتِ
تحت الثرى أو فوقها  و  وراءها
في الدار    أو  متفرِقيَّ    شتاتِ
إنّ    الكلامَ   عليّ   وحيٌ  منزلٌ
فإذا     نطقتُ    فرتّلوا    آياتي
وإذا   وقعتم  في نطاق أشعتي
فاستقبسوا الأنوار  من ومضاتي
‏أنا بسمتي فوق الحطام منارةٌ
لا تستفزَّ  حِفاظكم  ضحكاتي
توبوا  إليّ من المعاصي  كلها
أنا  غافرُ  الآثام   والشَّطحات
أنا  كالزواحف  أرتقي   أكتافكم 
حتى    أحقق    عبرها    غاياتي
لا   تطمئنوا   لي  ولا  لِسَكِيْنَتِي 
فَسَكِيْنَتِي     سِكِّينة    الهاماتِ
أنا   لي  لسان  بلبليٌّ    سلسلٌ
عذْبٌ   ولكنّي  من  الحشراتِ
‏أنا     مرمريٌّ  أملسٌ    متملّطٌ
والسمُّ في لسعي وفِي لدغاتي
أنا  كنت   كلباً  في  زمانٍ  آخرٍ
وعفنتُ  في  جربٍ  وقاذوراتِ
والآن   جئتكمُ   عميداً   رائداً
لأقودكم   في   هذه   الثوراتِ
أنا   ربكم  أنا قطبكم وإمامكم
لا تسمعوا  أبداً  سوى كلماتي
أنا شيخكم  وكرامتي  مكشوفة
عنها الغطاء  فتابعوا خطواتي 
لا تغفلوا عن رمشةٍ  من مقلتي
وتبركوا     مني    ومن   تفلاتي
إني  إلى الشاطي أقود سفينكم
فلتركبوا  خلفي   على صهواتي
أنا في السياسة لا نظير لحنكتي
أَوَما   ترون البعد   في   نظراتي
أنا كنتُ أذرط ذارطٍ في ساحها
أَوَما انتهت لسماعكم ذرطاتي
فاوضتهم   يوماً  فدار  دوارهم
دوّختهم   ببراعتي  و   حصاتي
لا تحسبوا أَنِّي أدرتُ رؤوسهم
لمّا   أدرتُ  رؤوسهم   بفُساتي
بريطانيا: ٢٦ كانون الأول ٢٠١٩

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…