شنكال في قلوب الكورد

  جان كورد 
  أرسل لي الأخ الكاتب لقمان سليمان نسخةً من روايته الرائعة (شنكال) باللغة الكوردية، اللهجة الشمالية (الكرمانجية) التي هي اللهجة الأكثر انتشاراً في كوردستان والمهاجر، وهذا يعني أن هذه الرواية ستفتح لها طريقاً إلى قلوب عددٍ لا يستهان به من القراء الذين يجيدون لغة آبائهم وأمهاتهم، وهذا هو هدف الكاتب بالتأكيد. وبالفعل، فإنها الرواية الثانية التي أجدها في منزلي وقلبي عن (شنكال) وأكتب عنها،
فقد أهداني الأخ الكاتب الشهيرإبراهيم اليوسف من قبل روايته (شنكالنامه) التي دونها بالعربية ونالت إعجاب الكثيرين من القراء. وفي الحقيقة مهما كتب الأدباء والشعراء والمسرحيون ورسم الفنانون وغنوا وأخرجوا الأفلام عن كارثة شعبنا الكوردي في منطقة شنكال فإن الموضوع يحتاج إلى توثيقٍ أعمق ودراسة متمعنة لمجمل الظروف والأسباب والأحوال التي حدثت فيها تلك الجرائم الكبيرة ضد الإنسانية. وأذكر بتواضع أنني ألمحت إليها أيضاً باختصارٍفي روايتي الثالثة بالعربية التي لم تطبع بعد (مَينوش وزمن الانسياق)، إلاّ أن هذا الجرح العظيم في صدر الأمة الكوردية قد ترك آثاراً عميقة لا يمكن لأحد تجاوزها بالكتابة عنها فقط، بل يحتاج الكورد إلى ما هو أشمل للخروج من تلك الصدمة التاريخية بالتأكيد. 
  هذه الرواية التي تزيد عن 300 صفحة ودونت بحروفٍ صغيرة والتي طبعت في أنقره بتركيا، ويمكن الحصول عليها تحت الترقيم الرسمي: (إيسبن 3 -55-9302-605-978) إنما تعكس صورةً حيةً وواضحة لمأساة الشعب الكوردي عامةً، رغم أنها تتحدث عن (شنكال) مكان الطعن الغادر في جسد هذا الشعب. وقد كتب مقدمة الرواية الأستاذ دلناس برازي في 3 صفحات أو أكثر، فأجاد التعبير عن مضمون هذه الرواية، بل عن مأساة الكورد في شنكال اليزيدية التي صارت ضحية الوحشية في القرن الحادي والعشرين من تاريخ الإنسانية. وبالفعل فإن ما حدث لشعبنا في شنكال يذكرنا بالهولوكوست وحلبجة وسربنيسكا ورواندا ومجازرالروهينغا، والتاريخ الطويل للمجازرالتي ارتكبها العثمانيون ضد الشعبين الكوردي والأرمني، ويجب أن تلقى مجزرة شنكال إهتماماً عالمياً كبيراً لكي لا تتكرر، سواءً في كوردستان أو في أي منطقةٍ أخرى من العالم. 
ولقد تعب الأخ لقمان طويلاً لجمع المعلومات وفحصها والتأكّد منها من أجل تخليد الصورة التي سعى لرسمها عما حدث في الواقع رغم قتامتها ودمويتها وصعوبة تفسيرها ورغم الحاجة الكبيرة لاستيعاب الآلام التي جلبتها معها، بحيث صارت الجريمة الكبرى في شنكال الكوردستانية بين ليلةٍ وضحاها حدبث العالم بأسره، ولكي لا تمرّ بسهولة وتصبح في مهب الريح كما جرى للمجازر التي سبقتها في كوردستان، فقد أبدع الصديقان إبراهيم اليوسف ولقمان سليمان في التذكير بها دائماً عن طريق روايتيهما التي نأمل في أن نراهما بلغات عديدة إن شاء الله. 
ومن أجل مزيدٍ من الفهم الصحيح لمأساة الكورد لا بد من قراءة هذه الرواية بإمعان وبالتالي لا بد من ترجمتها إلى اللغات الأخرى ليرى الناس في كل مكانٍ من العالم أن (شنكال) تعني إبادة شعبٍ ودين وحضارةٍ إنسانية عريقة، وهذا يجب ألا يمر دون عقاب. 
 
  كان عليّ أن أكتب هذا التعريف باللغة الكوردية ولكن لا أدري كيف شرعت في كتابته بالعربية ولماذا، فلا تؤاخوني… ربما لأنني وجدت الرواية موجهة إلى القارىء العربي الذي عليه المسؤولية الأخلاقية كالقارىء الكوردي تماماً في فضح الجريمة الكبرى على شعبنا اليزيدي الذي هو مكون كوردستاني وشرق أوسطي أصيل تمتد جذوره في أعماق التاريخ البشري لآلاف السنين، حاول الإرهابيون اجتثاثها مراراً وتكراراً عبر القرون والعصور ففشلوا، وهاهم يفشلون من جديد.
مع الشكر على هذه الهدية أخي لقمان وآمل أن تلقى روايتك الرائعة هذه رواجاً واهتماماً لا ئقين…             
مع فائق التقدير والاحترام
جان كورد
  13/1/ 2019
Facebook: alakurdi2019 
kurdaxi@live.com
http://cankurd.wordpress.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…

عبدالجابر حبيب

 

منذ أقدم الأزمنة، عَرَف الكُرد الطرفة لا بوصفها ملحاً على المائدة وحسب، بل باعتبارها خبزاً يُقتات به في مواجهة قسوة العيش. النكتة عند الكردي ليست ضحكة عابرة، وإنما أداة بقاء، و سلاح يواجه به الغربة والاضطهاد وضغط الأيام. فالضحك عنده كان، ولا يزال يحمل في طيّاته درساً مبطناً وحكمة مموهة، أقرب إلى بسمةٍ تخفي…

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…