هذي حلبجة

عبد الستار نورعلي
هذي حلبجةُ في المدى أخبارُها
لتثيرَ في هممِ النفوسِ شرارَها
وتعيدُ قصـةَ ذبحـها وحريـقها
صوراً من الحقدِ اللئيمِ شِفارُها
تلك الضحايا تسـتـثيرُ نداءَها
عـاماً فعاماً كيْ تـُقرِّبَ ثارَها
فهي الجراحُ النازفاتُ روافـدٌ
للناهضاتِ الحاشداتِ قرارَها
فجموعُ هذي الناسِ ما فتئتْ ترى
في كيميـاءِ القتـلِ فيضَ نهارها
إنَ المواجعَ لم تزلْ تسري على
دمـنا شـموعاً نقـتفي أنوارَها
هذي حلبجةُ جرحُها لا ينتهي
أبدَ الدهورِ ولا يذوبُ أوارُها
ستظلُ ملحمةَ الدماءِ تسـيلُ في
عِرقِ الترابِ سـقايةً أمطـارُها
وتظـلُ تنبضُ في القلوبِ روايـة 
تحكي لجيـلٍ بعـدَ جـيـلٍ نارَها
فارفعْ، سـليلَ الأرضِ، زهرةَ تربها
فوقَ الشـفاهِ وفي العيونِ ديارَها
فهي التي رفعتْ لواءَ شهادةٍ
معمـودةٍ بصــغارها وكبـارِها
هذا ابنُ شهر بينَ حضنِ رضيعةٍ
ذاك ابنُ سـبعينٍ يشــدُّ إزارَها
هذي عروسٌ ترتدي حُلَلَ الهوى
لم يحتضنْ غيرَ الترابِ سـوارُها
وأزقة ٌ ملأى بأجسـادِ الورى
متوسـدين ترابَها وحجارَها
كلٌ تهاوى في دخـان ِ نزيلـةٍ
سوداءَ منْ صدرٍ خبيثٍ ثارُها
اللهُ، هل في الأرضِ صوتُ نزيهةٍ ؟
مازالَ صوتُ الأرضِ في أسـرارها
تبّتْ يداك، أبا لـُهيبٍ، ما اكتوتْ
الا يـداك بعـارها وشـنارِها
هـذي حلبجـةُ لم تـزلْ مقرونـةً 
بالشمسِ حتى لو نويْتَ دمارَها
فالشمسُ إنْ ضمَّتْ سحابٌ وجهَها
سـتظلُّ شـمساً يستحيلُ ستارُها
يا شـعبَ كردسـتانَ حرقـةَ لاعجٍ
حملَ الجراحَ على الضلوعِ ونارَها
كم في مسيركَ هجرة ٌومحارقٌ
تـتشـقـقُ الأرضونَ منْ آثارِها
ويحَ الطغاةِ! وإنْ تـنمّرَ ذلـُّهم
لحفيرةٍ تهوي لتلبسَ عارَها
الخميس 16 آذار 2006 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

قصة: مشعل تمو
ترجمة: ماهين شيخاني

في تلك الغرفة الواسعة , المترامية الأطراف ، كان الضابط يخطو جيئة وذهابا , ومابين كل خطوتين , بثني ركبته اليمنى ويداه متشابكتان , تهتزان خلف ظهره ، ودون أن ينظر إليَّ قال:
– نعلم ماذا تفعلون و ماذا تكتبون ! إذاكان رأسك صلداً فقد كسرنا روؤس أقسى ! إذاكنت عنيداً فنحن…

فراس حج محمد| فلسطين

هذه الرواية من الروايات القليلة التي لم أندم أنني قرأتها، وأنفقت في الاستمتاع بها يومين كاملين، فعلى الرغم من متنها الممتد لأكثر من (350) صفحة، إلا أنها دفعتني للقراءة دون توقف بنسخة إلكترونية، هذا لم يحدث معي سوى في كتب قليلة جداً، أعادتني “صلاة القلق” إلى نفسي قارئا نهماً، قبل أن تصيبني…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

عِلْمُ المَنْطِقِ هُوَ عِلْمٌ يَبْحَثُ في القواعدِ والأُسُسِ التي تُنظِّم التفكيرَ الصحيح ، وتُميِّز بَيْنَ الاستدلالِ السليمِ والاستدلالِ الخاطئ . وَهَذا العِلْمُ آلةٌ قانونية تَحْمِي الذِّهْنَ مِنَ الخَطأ في الفِكْرِ .

يُعْتَبَرُ الفَيلسوفُ اليوناني أَرِسْطُو طاليس ( 384 ق. م _ 322 ق.م ) مُؤسِّسَ عِلْمِ المَنْطِقِ . وَهُوَ…

ماهين شيخاني

قيل إن المخيم لم يُبنَ على أرضٍ عادية، بل على فراغٍ قديم ابتلع قرى وذاكرات.

من يعبر بوابته لا يعود كما كان؛ فالزمن هناك يسير مكسورا، والساعات المعلقة على جدران الخيم لا تعطي التوقيت ذاته، وكأن كل خيمة تعيش في ساعة مختلفة. بعض الناس فقدوا أسماءهم، وآخرون استعاروا أسماء غيرهم. وفي مساءٍ لم يُعرف تاريخه،…