الحقوق

عبد الستار نورعلي
بمناسبة عيد المرأة:
إلى التي كلّما تحدّثنا عن الحقوق، تتصرفُ بالواجبات،
إلى التضحيةِ الدائمة،
إلى رفيقةِ الدربِ (أم جوان).
            *   *   *   *
ومرّتِ الأعوامُ هذا العيدُ يزهو وردةً، حبيبةً..
أماً، وأختاً، رِفقةَ الدربِ التي ترفلُ بالأنداءْ،
قصيدةً رقيقةَ الأصداءْ.
وكلَّ عامٍ تُطلقُ الشفاهْ،
والأسطرُ الخضراءْ،
تحكي عن النساءْ،
في دورةِ الظلمِ، وجورِ العالمِ المليءِ بالشرورِ..
والحروبِ والأهواءْ.
تحكي عن القهرِ الذي يلاحقُ المرأةَ..
يمحو دورَها، وحقَّها.
تحكي عن العالمِ في الدوامةِ السوداءْ.
ومرَتِ الأعوامْ،
أنا وأنتِ والثلاثةُ الأقمارْ،
نرسمُ فوقَ لوحةِ الجدارْ
ما تحملُ الأشجارُ منْ ثمارْ
ريّانةٍ بالحبِّ والأفراحِ والأنوارْ.
يا خيمةً دافئةً، كنزاً منَ الإيثارْ.
نحكي عن الحقوقِ، تحكينَ عن الأطفالْ:
طعامِهمْ، رغْباتهم، ثيابِهمْ، ونومهمْ،
خروجِهمْ، دخولِهمْ، شتائهم، وصيفهمْ.
تحترقينَ حينَ لا ترينَ في عيونهمْ
مواسمَ الفرحةِ والصحةِ والضياءْ.
نحكي عن الحقوق، تحكينَ عن الأهل،.. 
عن الأخوةِ والخواتِ،..
عن جيراننا الغارقِ في الهمومْ.
نحكي عن الحقوقِ،.. 
تحكينَ عنِ الجائعِ والعاري،.. 
ومنْ يسهرُ لا ينامْ
في موجةِ الآلامْ،
يا أوضحَ النساءْ،
تحترفين الحبَّ في قلبٍ يرى الحبَّ سماءً
باهراً تعجُّ بالنجومْ.
ما قيمةُ القلبِ إذا لم يعتلي الغيومْ
لتُمطرَ الأرضَ، وكلَّ الناسِ،..
تسقي الزرعَ والضرعَ،
وتحمي الكونَ منْ مرارةِ اليحمومْ؟
ما قيمةُ الطقوسْ
في معبدِ العشقِ إذا لم تمتزجْ بالصدقِ..
في حرارةِ الكؤوسْ؟
ما قيمةُ الانسانِ في العالمِ 
إنْ لم ينحني ويرفعِ النفوسْ؟
هذا الذي رأيتُهُ، شربتُهُ، فؤادُكِ الهادرُ..
بالحنينِ والناسِ، وألوانِ الكؤوسْ.
يا أطهرَ النفوسْ،
تحترفينَ الحبَّ، وهي حرفةٌ مليئةٌ 
بالشوكِ والصخورْ،
والنارِ والبخورْ،
وحكمةِ العصورْ،
وحرقةِ الصدورْ.
وأنتِ أنتِ تحملينَ صخرةَ الآلامْ ،
في جبلِ الأيامْ،
يا أصلبَ الأنامْ.
ينامُ في القلبِ صدىً عن حالمٍ، عنْ عالَمٍ،
يرفلُ في البياضِ والخضرةِ والحمرةِ والزرقةِ،..
لا يعاقرُ السوادْ.
لو كانتِ القلوبْ
ينبضُ في دمائها حُبٌّ..
منَ العالمِ هذا نرفعُ الراياتْ،
تبرقُ بالشموسْ.
نحكي عن الحقوقْ،
وفي رؤاكِ أفقٌ، طفولةٌ بهيجةٌ سعيدةٌ،
عدلٌ، وفاءٌ، تضحياتٌ،
مطرٌ يزخُّ بالخيرِ وبالسلامْ،
قناعةٌ تخجلُ منها الحكمةُ القديمةُ الجذورْ،
حُلْمٌ عنِ الزهورِ والحبورْ،
يا أعطرَ القلوبِ والزهورِ والحبورْ.
لا يستطيعُ العالمُ المسحوقُ هذا
أنْ يكونَ كاملاً كما نريدْ.
لا يستطيعُ الناسُ في الأرضِ جميعاً
أنْ يكونوا أنقياءْ
كما نريدْ.
لو كانَ كلُّ الناسِ أنقياءْ،
لسادَ في الأرضِ مسراتٌ، وجناتُ النعيمْ،
ونحنُ مُكرَمونَ فاكهونْ،
نقطفُ منْ ثمارِها ما نشتهي،
اشجارُها لآلئٌ دانيةٌ،
أنهارُها منْ عسلٍ،
وأنتِ في ظلالها ترعينَ، تنعمينْ.
يا واحةَ النقاءْ!
ليسَ على الأرضِ يوتيوبيا.. 
غيرَ أحلامِ ذوي الأفئدةِ العاشقةِ.. 
الفسيحةِ الأرجاءْ،
تحملُ في أكفِّها المصباحْ،
ينزفُ بالآلامِ والجراحْ.
لكنّها تدورُ في الظلامِ كي تحيلَ هذا الليلَ
في لونِ الصباحْ.
يا أمَنا العذراءْ،
حينَ رأيتِ الابنَ روحَ القُدُسِ الأقداسْ،
يحملُ فوقَ الكتفِ الصليبْ،
ويرتدي الأشواكْ،
وينزفُ الدماءْ،
أشرقتِ العينانِ لكنْ 
في الفؤاد الحزنُ والجرحُ،
وشوقُ الحبِّ، والنورُ ، تراتيلُ السماءْ.
يا أكرمَ الأحياءْ،
صُبّي على قلوبنا منْ قلبِكِ النبضَ..
ومن أحلامكِ الضياءْ،
وحُرقةَ الباحثِ عنْ مسلةِ الحبِّ،
وعنْ إشراقةِ الوفاءْ.
صُبّي، وإنْ كانَ علينا أنْ نصُبَّ منْ قلوبنا
تمثالَكِ الباسِقَ منْ ذهبْ،
وتحتهُ ننحتُ من أرواحِنا الإسمَ،
ومنْ أضلاعِنا الحقوقْ،
يا أوضحَ النساءْ!
عبد الستار نورعلي
آذار 2019 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…