تير شتيغن.. جدار برلين العظيم

 إدريس سالم
تعدّ ألمانيا موطناً لحرّاس مرمى كرة القدم، وبمستويات عالية واحترافية، كتوني شوماخر وأوليفر كان وسيب ماير وينس ليمان ومانويل نوير..، واليوم نحن أمام عملاق ألماني آخر، وهو الحارس الأساسي لنادي برشلونة الكتالوني مارك أندريه تير شتيغن، الذي يقدم مستوى عالمياً في موسم 2018م – 2019م مع البارسا، من خلال امتلاكه شخصية اعتبارية وبنية جسدية وإرادة فولاذية ورغبة روحية في الدفاع عن الحصون الكتالونية؛ حتى أمسى منافساً شرساً للحارس مانويل نوير، في حماية عرين المنتخب الألماني، ولعلّ الأرقام تكشف عن المنافسة القوية بينهما.
فتير شتيغن تصدى حتى الآن لـ (73%) من التسديدات مقابل (57%) لمانويل نوير فقط، في المقابل حافظ تير شتيغن على نظافة شباكه في عشر مباريات مقابل سبع مباريات لمانويل نوير، في وقت تصدى تير شتيغن لـ (38) كرة خطيرة في جميع المباريات التي لعبها مع برشلونة والمنتخب الألماني، في وقت أبعد نوير (27) كرة خطيرة عن المرمى، أما على صعيد بطولة دوري أبطال أوروبا، فيتعادل الحارسان تقريباً، حيثُ وصلت نسبة تصديات تير شتيغن إلى (80%) مقابل (79% ) لمانويل نوير، بحسب إحصائيات المراكز الرياضية العالمية.
قبل مباراة الكلاسيكو في الدوري الإسباني قرأت تغريدة على صفحة أحد أصدقائي الخليجيين، يقول فيها “‏‎مَن يقتل تير شتيغن قبل مباراة السبت، وله مائة ناقة؟”. عند التصفّح في صفحته، وقراءة تغريداته ستكتشف بأنه رياضي باهر وذو خبرة، وهذا أيضاً دليل حيّ على أننا أمام أسطورة ستخلّد في عالم الرياضة عامة وكرة القدم بشكل خاص، فالحقيقة أن الحرّاس يرتقون، أما تير شتيغن فهو يطير من زاوية إلى أخرى.
لا شكّ أن تير شتيغن لعب دوراً هائلاً في الفوز في مباريات الكلاسيكو – انتصاران مذلّان وتعادل جارح – ليقدم أداءً مذهلاً ودوراً فاعلاً خلال الموسم الحالي، ليصبح بطلاً لملحمة تراجيدية. صحيح أنه ليس لاعب وسط أو مهاجماً من الطراز الرفيع، ولا حتى مدافع صلب، ولكن على الرغم من ذلك فهو يلعب دوراً كبيراً في النقاط التي يحسمها برشلونة لصالحه، لا سيما المواجهة الأخيرة التي جمعت النادي الكتالوني بغريمه الإسباني ريال مدريد، الذي وقف سنداً وسدّاً منيعاً في وجه المدّ الهجومي المَلَكي، وأنقذ مرماه في كرات خطيرة، لينتهي اللقاء بين الفريقين بهدف نظيف على ملعب سانتياغو بيرنابيو بتوقيع الكرواتي إيفان راكيتيتش، بعد أن زرع شتيغن الرعب والإحباط في أقدام كريم بنزيما وفينيسيوس جونيور وغاريث بيل، وآخرين.
تير شتيغن، المظلوم ألمانياً، صاحب (26) عاماً، يحظى اليوم بمديح وإشادة الجميع، فقد أشادت به صحيفة «سبورت» الإسبانية الرياضية كحارس ألماني دولي، وذكرت أنه كان «بارداً كالمعدن»، كما كان «عملاقاً» مجدّداً أمام ريال مدريد. وأوضحت صحيفة «موندو ديبورتيفو» الإسبانية أن تير شتيغن كان «أفضل لاعب في المباراة». ولم تتردّد الصحف المدريدية وطيدة الصلة بنادي ريال مدريد في الإشادة به أيضاً، والذي قدّم أداء رائعاً. وأوضحت صحيفتا «آس» و «ماركا» بشكل واقعي: «هذا ليس الموسم الأول الذي يلعب فيه تير شتيغن دوراً حاسماً مع برشلونة». وفي تصريح نقله الموقع الإلكتروني لصحيفة «دي فيلت» الألمانية قال لوف: “في العام الماضي كان مانويل نوير رقم واحد، أما في هذه السنة فلدينا بداية جديدة صغيرة”، وهذا تصريح يحمل في مضمونه دلالات عميقة ورسائل كثيرة.
يبقى أن نتذكر ما قاله المعلق العماني خليل البلوشي عن ميسي وتير شتيغن في أن “برشلونة عبارة عن الكثير من ميسي والكثير من شتيغن”، هذا الكلام الجميل والواقعي وما صرّح به يواكيم لوف – مدرّب المنتخب الألماني – وكذلك تقارير كبريات الصحف العالمية تشير أن “تير..” سيحظى بفرصة كبيرة في التصفيات المؤهلة لأمم أوروبا عام 2020م، خاصة وأن نوير لم يعد يتمتع في الوقت الحالي بمستواه المعهود والأمان اللذين كان يتميز بهما قبل تعرضه للإصابة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي

أصبحتُ غريبًا بين الغرباء.
كلّ وجهٍ أحدّق فيه، يحمل قناعًا غريبًا، كأنّ الأرواح تلبّستها الغربة، أو كأنها خرجت من جسدها ومضت دون عودة.
أمشي صامتًا، أنسج خطاي بين شوارع باردة، لا تبتسم، لا تصرخ، لا تبكي.
أكتب على الأشجار الهامدة، في الحدائق الهامسة كأنّها مرايا مهجورة، لا حياة فيها، ولا موت.
هنا، حيث الأرصفة تتآمر على الصوت، والهواء…

إلى السيدة فيروز، صوت الصباحات السورية، وعطر الزمن الجميل،

أعتذر منكِ، أنا المواطن السوري الذي كبر على أغنياتك، واستيقظت بلاده على صوتك عقوداً طويلة، أن أكون من بلدٍ لم يُحسن، رسمياً، الوقوف إلى جانبك في لحظة وجعك الكبير.

أعتذر لأنكِ خسرتِ ابناً، وخسرتِ معه جزءاً من قلبك، بينما بلدي التي أحبّتْكِ ولم تعرف صباحاً دونك، صمتتْ… أو…

إبراهيم اليوسف

يأتي الاسم- هكذا- ممتلئاً دافقاً بالبشرى بما يكفي ليشغل فضاءً واسعاً في ذاكرة الإبداع، والتشبث بالوطن وجباله وسهوله. دروبه. قراه. مدنه. وجوه ذويه. مزكين حسكو ليست مجرّد أديبة شاعرة وساردة تكتب قصائدها وأدبها بلغتها الأم، بل جذرٌ عميق في تربة القصيدة الكردية، فرعها الذي لا ينحني مهما تبدّلت الرياح. لم تأتِ من الهامش، بل…

عصمت شاهين الدوسكي

الاحساس المرهف يفجر المشاعر المكنونة والآمال الميتة

كلیزار أنور عندما فتحت عیناھا للحیاة وعرفت بعض أسرارھا، قاومت كل الأشواك التي تحیى حولھا ،أبت أن تكون نرجسه نائیة ، جرداء ، بلا نور ، خرجت من بین الطلاسم المظلمة لتغیر ذلك الهواء بهواء نقي وترفض التقالید الفكریة البالیة ، رسمت لنفسھا طریقا وعرا، شائكا، غائرا…