لا تطرق الباب على امرأة

أفين إبراهيم
لا تطرق الباب على امرأة أضاعت مفاتيح الوقت
وخرجت ترقص عارية للأشجار في الحديقة الخلفية لبيتها
امرأة حشرت جسدها الهائل في علبة كبريت
ثم أشعلت الكون وغفت
غفت في خطوط الهامش على كف الجحيم دون ضجيج
امرأة تركض في كل اتجاه
تحبل بالزمن الأكثر غرابة
لتنجب لألئ تضعها عوضا عن عيون النار لترى البشر أقل قسوة من الحرب
أكثر رقة من قطرة مطر على وجه غريب
لا
لا تطرق الباب على امرأة أضاعت المفاتيح
باعت حليب صدرها لتشتري نعاس الرب
لترقص على ذراع الشياطين وهي تبكي في قصيدة
إياك
إياك أن تطرق باب امرأة ثقبت نخاع شرايينها
أراقت فراشات الصباح جروحا تئن في قاع الحناجر الضائعة
امرأة تدحرج صوت الأسى على جدران ذاكرتها لتنبت الطحالب على صدر الوحشة
وتهز الورود على سطح البحيرات
لتبتسم امرأة وحيدة في اللوحة
امرأة نصبت عواميد الرحمة على أساور العشب
ليمر الضباب في دموع الكون الحائرة
لا تطرق الباب على امرأة ابتلعت المفتاح والجمرة
فقط اترك
اترك الساعات العميقة معلقة على ذراع الحب
ثم اتبعها واركض قليلا في قلبها
اتبعها حيث الأسرة مفتوحة على الانتحار الرائع
تحاول طوال الوقت أن تثبت انه لا يوجد عائلة سعيدة
لكن هناك امرأة تبتسم في الوقت الذي كان يجب عليها أن تبكي طويلا
وهناك
هناك بعيدا رجل يدفن أيامه بين الكتب
في الوقت الذي كان يجب عليه أن يكف عن القراءة
ويسأل الشجرة في الحديقة الخلفية لمنزله لماذا أنت حزينة
لا تطرق
لا تطرق الباب على امرأة أضاعت مفاتيح الشر
المطر غزير في الخارج
والحرب لن تتوقف الليلة
فقط اركض
اركض قليلا في قلبها ثم اتركها
اتركها للضوء
في الكوابيس
في الأبيض
في الأسود الأسود نائمة.
أفين إبراهيم
الولايات المتحدة الأمريكية
30/1/2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…