أنا و القبّعة

عماد الدين شيخ حسن
استنجدت منذ أيّام بقبّعةٍ شتوية تقيني بعضاً من قرّ بلاد الخالة ميركل و أهلها ، الى جانب حصانات و دروع البدن الأخرى .
و ذات إرتداء ، سمعت همساً يقرع  طبلتاي برفقٍ و يقول : 
أتستأذن لي أن نتبادل أطراف الحديث قليلاً ريثما تصل وجهتك ؟ 
التفتت حينها يمنة و يسرةً و دوراناً لأنظر الهامس ، و إذ بي وحيداً في طول  ذاك الشارع الكئيب كلّه !!
و لكن سرعان ما أسعف دهشتي تلك ،  الهمس و الهامس ذاته ليقول : أنا القبعّة من تخاطبك ، فلا تنشغل كثيراً عن استئذاني منك .
لحظتها استعنت خطفاً بمبدأ كنت للتوّ قد تعرّفت عليه ، ينفي اللا معقول و معناه ، فأنجدني على الفور و أمرني أن أتأقلم مع الحالة ، إذ طالما بتنا في زمانٍ  ارذل القوم فيه له السدةّ و الحكم و الصدر و القدر ، فما الغريب في أن تتكلم قبّعة .
قلت حسنا …. تفضلّي سيدتي القبّعة ، فكلّي آذانٌ صاغية .
فقالت : أتدري بأنه على الرغم من أنني قبّعةٌ بلا حول و لا قوّةٍ و لا إرادة و لا قرار ، و لا أملك سوى الأماني ، و مع ذلك لطالما وددت و حلمت بأن أكون قبّعةً في رأس رئيسٍ أو مسؤول أو أمين حزبٍ ما أو حتى أحدٍ  بيده خداع عشرة أشخاص ، متحمّلاً في ذلك كلّ أنفاسه و روائحه و ذبذباته النتنة ، لعلّ ذلك يسعفني في كشف ما يدور تحت جمجمتهم من خبثٍ و أفكار و مصائب و قذارات يعدّونها و يحيكونها  للبؤساء حولهم .
و من ثم أنقلها لأولئك الضحايا و أحذّرهم منها ، فالأقذار حتماً سيرمونني بعد استعمالٍ أو بضعه  ، ليلتقطني بعدها بأئسٌ في بازارٍ أو بسطة أو من زوايا إحدى الارصفة و الطرقات .
و لكنّ حظّي التعيس جعلني من نصيبك ، يا من بالكاد في قدرته قبّعة .
ما أن سمعت ما سمعته حتى أخرست القبّعة بدموعي و خرسي ، متابعاً خطواتي الى حيث لم أعد أدري .
المانيا….. ٨/٢/٢٠١٩

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…