خالد بهلوي
الهجرة لم تتوقف سواء أكانت هجرة أفراد أو مجموعات بشرية وأحياناً أغلبية الشعب تهاجر. بعض الهجرات كانت طوعية بسبب الفقر والمجاعة. وعدم توفر فرص العمل، أو قهرية إلزامية بسبب الكوارث الطبيعية كالزلازل أو الحروب الأهلية والطائفية أو تسلط وهيمنة الأنظمة الحاكمة على رقاب الشعوب التواقة للحرية والكرامة والديموقراطية، فتتشكل هجرات جماعية رغم مخاطرها براً، بحراً، جواً للحفاظ على قيد الحياة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ناهيك عن هجرة الأدمغة والمنتجين الباحثين بشكل فردي مع أسرهم عن حياة أفضل في الدول الأوروبية. منذ عشرات السنين، والشعب الكردي أكثر الشعوب والقوميات تعرض ويتعرض لخطر الإبادة الجماعية، مثل عمليات الانفال سيئة الصيت – حلبجة الجريحة -مأساة شنكال وخطر البقاء على قيد الحياة المهدد يومياً.
عندما بدأ الخريف العربي الذي تساقطت أوراقه تباعاً قبل أن يثمر ويعطي النتائج المرجوة، ويحقق الأهداف الذي قام الشعب من أجلها وقدم مئات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعاقين والمهاجرين والمشردين. هاجر الأكراد بالآلاف إلى أصقاع العالم وانضموا إلى آلاف الأكراد الموجودين سابقاً في الغربة، الباحثين عن الأمان ومستقبل لأولادهم وحياة هادئة يعيشونها مع أسرهم، هؤلاء نقلوا معهم الخبرات والتجارب والتقاليد، والتي حفظوها من تراثهم وعن أجدادهم، وبنوا بذلك جسور التعارف والتواصل وتبادل الثقافات واللغات، حتى فنون ومهارات الطبخ مع البلد المضيف. من بين الهجرات تظهر في أوروبا من حين إلى آخر شبان وشابات أكراد يبدعون بأشكال مختلفة رياضية كرفع الأثقال؛ وفنية مثل إقامة الكثير من المعارض للفنون التشكيلية لفنانين مبدعين نقلوا من خلال فنهم التراث والفلكلور الكردي إلى لغات وشعوب العالم. إضافةً إلى النشاطات الأخرى التي تبرز بين الفينة والأخرى، والتي تهدف إلى التعرف على ثقافة ولغة وتراث الأكراد وتسمى نشاطات الاندماج مع المجتمع الجديد بهدف التقليل من مخاوف الاندماج، حيث نرى واضحاً النشاطات الدورية والاهتمام باللغة الكردية، من خلال مهرجان الشعر الكردي الذي يقام سنوياً، والندوات الثقافية باللغة الكردية؛ وترجمة الكتب إلى اللغة الكردية؛ وتأليف قاموس كردي عربي. بالحقيقة الاهتمام باللغة الكردية ضعيف نسبياً، بالمقارنة مع العدد الهائل من الأسر التي وصلت إلى أوروبا، فكل الواصلين حديثاً جلّ همهم تعلم اللغة الجديدة لحاجتهم إلى الاندماج مع الواقع الجديد، فهنا تتأكد حقيقة تعليم اللغة حسب حاجة الفرد وليس كواجب قومي أو وطني، مع كل ذلك على كل كردي أينما سكن وتواجد أن يكون غيوراً على قوميته وحضارة شعبه، وأن يهتم جدياً بلغته الام، لأن اللغة هوية الشعوب إن ضاعت ضاعت هويتها، واللغة الكردية مهددة فعلياً في المستقبل بأوروبا لعدم اهتمام الغالبية بها.
في المدارس الألمانية تفتح دورات ودروس للطلاب الذين يرغبون تعلم لغتهم الأم خارج أوقات الدوام المدرسي، فتؤمن الدولة المناهج والقاعات والمدرس بهدف تعليم الأطفال لغتهم للتفاعل فيما بين أفراد قوميتهم والتواصل مع الأهل مستقبلاً، إضافةً إلى أن بعض التنظيمات الكردية تفتح دورات لأعضائها لتعليم اللغة الكردية.
اما المقترحات:
فأهم خطوة هو التواصل العائلي باللغة الكردية.
– الدور الرئيس والفعلي حالياً هو دور الأسرة حيث حافظ القسم الكبير منهم على التحدث بلغتهم الأم, إضافةً إلى تشجيع الأولاد بالاستماع إلى الأغاني والموسيقى الكردية والمشاركة بالفعاليات والنشاطات التي تقام بأشكال مختلفة وحضور الندوات التي تبحث عن تاريخ وثقافة الشعب الكردي.
– بإمكان الوالدين سرد بعض القصص والحكايات من التراث الشعبي.
– تشجيع الأولاد على قراءة القصص والروايات الكردية.
– إذا كان أحد الوالدين يتقن الكردية كتابةً وقراءةً عليه تعليم أطفاله ساعتين بالأسبوع, كلما أتقن الطفل لغته سهل عليه الاختلاط مع أصدقاء وأهله من أعماره, وكلما ازداد اهتمامه باللغة ازداد التصاقه بأمور وهموم وقضايا شعبه.
– مشاهدة القنوات التلفزيونية الكردية والمشاركة بالمناسبات القومية لرفع الحس القومي لدى أبنائهم وكذلك بإمكان الوالدين في المنزل سرد بعض الحكايات الكردية عليهم للإبقاء على هامش من ذاكرة الأجداد الغني بالحكم والارشادات والتوجيه السليم للجيل الناشئ.
– تشجيع وتسهيل الزواج بين الشبان والشابات الكرديات دون قيود أو مهور, حيث تتوفر كل مستلزمات الزواج السعيد, وبذلك يتم الحفاظ على العلاقات الاجتماعية والحفاظ على الثقافة والترابط الكردي بين الأسر التي هاجرت قسراً الى بلدان الغربة.