ميرخان

روشن علي جان
أيها الغريب ..
أن تموت وحيداً في ليلةٍ باردة ،
في وحشةِ بيتكَ الريفيِّ
المطلِّ على حقلٍ مباركٍ ،
كشهقةِ روحكَ في الرمقِ
الأخير .
في السريرِ الشجنِ
تستلقي ، ملتحفاً براءةَ
الطفولةِ في سرّها المقدس ،
تتوسدُ حفنةً من الأماني
وعلى شفتيك الراعلتينِ
ابتسامةٌ بيضاءَ تحتفي
بزائرِ الليلِ الغريبِ مثلك 
وهو يطوي سنيّ عمرك 
القصير.
شوقٌ لايبارحُ قلبكَ الذي 
خَذَلَهُ النبضُ الخؤون.
وأنتَ نائمٌ في بزخِ حزنكَ
الطويل ،تُؤثِرُ الأحلامَ
على برودةِ التراب
في زينةِ منفاك.
صغيرٌ أنت على الغيابِ (ميرخان)
وهذه المنافي باردةٌ ، فاجرة.
ليلها العليلُ خانك ،
والغيمُ خانكَ والمطرُ
والمقعدُ المستوحشُ،
ومنفضةُ السجائر
والأيامُ والأحلامُ ، 
وعشبُ الحديقةِ خانك ،
والخلّانُ في سهوةِ طفولتكَ
الأولى ،في نهنهةِ الرجاء خانوك.
عيناكَ المفتوحتان
عتابٌ بحجمِ مرارةِ الانتظاروالهواجس
قرشٌ يجوبُ ملح البحار.
من تراهُ مثلكَ؟ أنت 
الذي تشبهُ ملائكةَ الله
في عليائه
تتلو صلاتكَ الأخيرة
بوداعةِ المعابدً الرجفة.
يبكيكَ دجلةَ والفرات،
وأرجوحةُ التوت العتيق.
قرى الشمالِ تبك ، دشتا هسنا ، والحَورُ
الأخضرُ الرقيق .
أيتها الثكالى 
غنين
للعيونِ التي نام الحزنُ
في بنفسجها الجميل .
للأصابع النحيلة التي 
مرت على خصرً عشتارَ
في تمثالها الأبهى
غنين للغريب 
في سكرةِ موتهِ 
الأعزل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…