الكتابة، في بعض أحوالها «شذرات سريعة»

إبراهيم محمود

-1-
للكتابة أن تجعل من كاتبها:
سماء، إذا:
احتضن أرضاً
أرضاً، إذا:
تضمَّن عمقاً ثرياً
بصيرة، إذا:
استقام بنفسه
نفحة عطر ، إذا:
أَولى الورد اهتماماً
قمة جبل، إذا:
لازم المرتفعات والمنحدرات
مصباحاً، إذا:
أخرج قلبه فتيلاً
أغنية عشب، إذا:
تقمصَ هواء عليلاً
رصاصة قاتلة، إذا:
أصبح حجْرة انفجار
شجرة باسقة، إذا:
اُستنسِخ في شتلة فتية
نهراً سلسبيلاً، إذا:
استحال نبعاً ثريَّ الماء
أفقاً لقلب تائه، إذا:
تلبَّسَ طريقاً جلياً
حديقة، إذا:
انسكن الخضرة الفسيحة
سوراً  لمدينة، إذا:
صادق أحجاراً متآلفة 
حمامة ، إذا:
عايش هديلاً حياً
طفلاً مدى العمر، إذا:
تمثَّلَ البراءة
وصلاً بين قلبين، إذا:
أنار حباً
ذيل كلب، إذا:
استهواه النباح مستنبحاً
مطباً في الطريق، إذا:
استحال حجر عثرة
نوراً لا ينفد، إذا:
لازم شمساً صغيرة
وديعة مكنسة، إذا:
أقام في ورقة ذابلة
فضيحة مسجَّلة، إذا:
عاش وراء قناع
فاقد الظل، إذا:
أهوته القوالب
ذيلاً مرئياً
إذا تزنبرك بآخرين
مسماراً صدئاً، إذا:
تجوَّف من الداخل
سخرية التاريخ، إذا:
استخف بالحقيقة.
***
-2-
يسأل كتابته:
كيف لم أُمنَح مدى؟
تردُّ عليه:
وهل أوهبتني صوتاً؟
يسأل كتابته:
كيف أبقيتني ضئيلاً؟
ترد عليه:
وهل منحتَ قامتي انتصاباً؟
يسأل كتابته:
لماذا أنا أضحوكة الآخرين؟
ترد عليه:
لأنك مهرج نطاط
يسأل كتابته:
من أين هذه العفونة؟
ترد عليه:
وهل فارقت المستنقعات يوماً؟
يسأل كتابته:
ما هذا العمى من حولي؟
ترد عليه:
إنه ليلك الذي سكنتَه .
يسأل كتابته:
لماذا لا أرى وجهي؟
ترد عليه:
لا مرآة لك حتى الآن
يسأل كتابته:
لماذا يلازمني جدب دائم؟
ترد عليه:
لأنك أردتني صحراء قاحلة لك
يسأل كتابته:
لماذا أنا وئيد الخطى؟
ترد عليه:
إنها طاقتك التي لبسْتَها 
يسأل كتابته:
لماذا لا أحد يستوقفني؟
ترد عليه:
لأنك لم تصبح ” أحداً ” يميّزك بَعْد .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شكري شيخ نبي

 

يا ليل أما أضناك هرج السمار

وانت تشيح مرودك عن الإصباح

 

أما آن للياسمين المعرش على

لسان اللظى أن يغفو عن البواح

 

أنا وانت و قنديل البدر ساه

وهزار يشدو الشجى كأنه المزاح

 

صاح يا نديم الصفا والليالي

لا تحرم شفاه الأقداح من الراح

 

دع الكؤوس تدنو للأقدار بنا

فلا إنفكاك هرم ولا لجم السراح

 

أراني والراحلين في مطي…

خالد إبراهيم

نيسان: الممرُّ بين وجهين، بين صراخٍ وتوابيت

نيسانُ ليس شهرًا، بل شقٌّ في زمنٍ يُجيدُ الانهيارَ على مهل.

كأنّ اللهَ، وقد أرهقه التوازنُ، قرّر أن يُفلت الزمامَ في هذا الشهرِ وحده، فجعلني بابًا تُطرَقه الحياةُ برِضيعٍ يشبهني، وتدخلهُ الوفاةُ بأمٍّ كنتُ أُشبهها… ثم انكسرتُ.

نيسان…

أأنتَ بابُ الولادةِ أم نعشُها؟

أأنتَ طَرقٌ سماويٌّ على نافذةٍ كنتُ نائمًا فيها، أم…

علي شمدين

– 1 –

يعد صدور العدد الأول من جريدة (KURDISTAN )، الذي أصدره الأمير مقداد مدحت بدرخان في القاهرة في (22 نيسان 1898)، بمثابة البداية الحقيقية لإنطلاقة مسيرة الصحافة الكردية التي أخذت على عاتقها خلال أكثر من قرن من الزمن- وبإمكاناتها المتواضعة- مهمة إيقاظ الجماهير الكردية وتعريفها بقضيتها القومية والمساهمة الفعلية في بلورة وعيها القومي…

عن منشورات رامينا في لندن، صدرت حديثاً رواية “الباستيل الصغير” للكاتب الكردي السوري عبد القادر سعيد، في عمل سرديّ يمزج بين التخييل الروائي والتوثيق التاريخي، حيث يغوص في أعماق التجربة الكردية مع القمع، السجون، والخذلان الوطني، عبر بناء سردي محكم يذكّر بسجون الباستيل الفرنسية، لكن بلغة محلية تنبض بالألم السوري والكردي.

تتناول الرواية، الصادرة في طبعتها…