*حوار مطول مع الشاعر والقاص والإعلامي اليمني ( بسام الحروري )

نصر محمد / المانيا 
يعد بسام الحروري أحد الأسماء اللافتة التي  توزعت  بين أكثر من مجال إبداعي، فهو شاعر وقاص وإعلامي كما إنه فنان تشكيلي ومسرحي، وهو بهذا المعنى مبدع شامل حقاً بما يدل أنه قد كرس حياته لأجل رسالة الفن والإبداع مهما كانت ضريبة ذلك وعلى حساب راحته، ليصنف من عداد أولاء الذين يمتلكون مواهب متفردة تؤهلهم للاشتغال والعطاء في أكثر من مجال وليس أدل على ذلك من جمعه بين أنواع متعددة من الفنون سواء أكانت بالريشة أو اليراع . الحوار التالي يبين بجلاء أن ما أقدم به صديقي الحروري ليس إلا مجرد خطوط أولى في تجربته الإبداعية والحياتية العميقة والأصيلة.
بداية ارحب بك  صديقي المبدع  بسام الحروري في هذا اللقاء وأول أسئلتي:
ترى من هو بسام الحروري ومتى بدأت رحلة الكتابة لديك ؟ 
*في البدء أرحب بكم أستاذ نصر  شاكراً لكم إتاحة هذه النافذة التي من خلالها نطل على ضفاف الشعر والأدب والإبداع عبر مجلتكم الغراء ( ولاتى مه ) 
بطبيعة الحال أنا بسام محمد مهدي علي “بسام الحروري”
ومسقط رأسي في ريف الحرور بمحافظة أبين اليمن إعلامي احمل بكالوريوس في الصحافة والإعلام شعبة الإذاعة والتلفزيون كلية الآداب بجامعة عدن ثم درست في قسم المسرح والفن التشكيلي في معهد الفنون الجميلة. كذلك شاعر وقاص وفنان تشكيلي وكاريكاتوري وخطاط وباحث ومدرب أيضا في مجال الصحافة والقصة القصيرة وقد مسني وهج الحرف في وقت مبكر جدا ولم يكن لينحصر في مجال واحد كالشعر مثلا ولكنه توزع مابين اجناس الكتابة الأدبية والشعرية إجمالا ومن هنا كانت البداية 
*ماذا عن طفولة الشاعر بسام الحروري؟ وكيف بدأت تجربتك مع الشعر؟
*بالطبع تعدالطفولة من أجمل مراحل حياة الإنسان باعتبارها تمثل طور البراءة والنقاء وقد عانقت طفولتي بهاء الحرف حيث كتبت في البدأية القصة القصيرة مبكرا فكانت أغلبها عن إنسان ماقبل التاريخ وصراعه مع الوحوش وكلها ترتكز على الخيال الطفولي إلى جانب قراءة قصص الطفولة التي حفلت بها مجلات الاطفال وأهمها مجلة العربي الصغير الكويتية حيث ساهمت في تعزيز  وترسيخ وعي الطفولة الأول،وقد كنت أحاكي هذه القصص فكنت اكتب القصة وأتبعها بالرسم – يعني قصص مصورة-  أخذت هذه القصص في البدء الطابع التعليمي إلى جانب تأثري بالشعر وكذا محاكاته فكتبت الشعر العمودي ثم تأثرت بشعر التفعيلة والشعر الحر أيضا كما أن مرحلة الدراسة الإعدادية ثم الثانوية لها بالغ الأثر في التأثر من خلال دراستنا لقصائد شعراء التفعيلة كالمقالح ولطفي جعفر أمان وعبده عثمان إلى جانب شعراء العصر الجاهلي والعباسي والأموي وشعراء الأندلس ثم شعراء العرب في العصر الحديث كدرويش ونزار والسياب وغيرهم. كثير
*يكتنف قصائد بعض شعراء الحداثة الغموض مقابل آخرين يكتبون بوضوح ماذا عن قصيدتك ورؤيتك؟
 *سؤال مهم ، ربما لأن شعر الحداثة يتيح مجالا لانزياح وانثيال وتصدير الرؤى والصور الشعرية البديعة كأفق بانورامي قابل للتأويل والتعدد بعيدا عن الحصروالوضوح الذي يغلف الشعر العمودي عند بعض الشعراء لكن بالمقابل لابد أن يتجرد شعر الحداثة من الطلاسم التي يحبذها بعض شعراء الحداثة،على أن يكون التأويل / التأويلات منطقية ومترابطة وليس تصويرا يحتمله النص كيفما اتفق وهذيانات مرسلة على عواهنها، فتعدد التأويلات هنا يجب أن يصبغ بصبغة نقدية إذا ما وضعنا بعين الاعتبار أن (الشاعر شرطي سير) مؤتمن على نصه بحسب الشاعر نزار قباني، فالنص المباشر الذي يخلو من الرمزية والسيميائية والتآويل لايحتمل رؤية إبداعية مدروسة ومسؤولة وبالتالي لايتيح المجال إلى إعمال العقل لأن المعنى متاح ومباشر كما ان الغموض مطلوب ولكن بوضوح نسبي يتراوح مابين الرمزية والمواربة لكي يؤدي إلى معنى بعينه بعيدا عن الطلاسم التي لاطائل منها، فالتأويلات تلهم من خلال تعدد المعنى وتلاقحه وتفتح افقا امام الشاعر والمتلقي معا والمعنى هنا نهر يجب أن تلقتي فروع في مجرى موحد لتصب في رقعة واحدة حتى لايتشتت فهم المعنى ولايفلح الشاعر في توصيل هذا المعنى والمتلقي في رصده، وبالمقارنة فقد أساء بعض شعراء العمود من خلال المباشرة الفجة للنص كما أساء بالمقابل بعض شعراء الحداثة بالطلاسم الموغلة في الغموض في نصوصهم والأمر سيان،وإذن فنحن هنا نبحث عمن يمسك عصا القصيد من المنتصف وينصف الشعر بكل أشكاله إجمالا.
*ماذا عن انسكانك بالشعر الذي  يعد صليب الشاعر وسبيل خلاصه في آن؟
  *هذه حقيقة فثمة مسحة معاناة لذيذة تمس الشاعر حتى يخرج أجمل ما لديه من درر .فحالة مخاض النص لدى الشاعر مسكونة بعالم استثنائي مختلف وهو جزء من عالمه الشعري ككل، لذا نرى أن لكل شاعر طقس معين اثناء الكتابة 
ولاانكر أنني جزء من هذا النسيج نسيج الشقاء الناعم واللذيذ ومسكون به حرفيا كما تفضلت ولربما أن الشاعر محظوظ بهذا الشقاء الناعم الذي منحه القدر بحسب “شولك”أكثر من غيره فهو قادر على ترجمه أحاسيسه ولواعجه وعذاباته من خلال البوح بينما تظل معاناة الآخر الذي لايبوح طي الكتمان وربما هذا مايؤرقه ويشقيه.
*كيف يقوم الشاعر الحروري المشهد الشعري اليمني؟
*أعتقد أن المشهد الشعري الوطني بخير فهناك شعراء مثلوا الوطن خير تمثيل ولاننكر أن ثمة من القصور أو الشوائب التي قد تعتري المشهد لكن بالمجمل يظل المشهد لاسيما النتاج الإبداعي الشعري الشبابي زاخرا بالكثير من المواهب المشرفة والواعدة ناهيك عن الرواد الذين سبقوا ووجهوا وبذلوا خلاصة عصارة تجربتهم للأجيال اللاحقة ونتمنى أن تكمل  هذه المواهب المشوار حاملة راية الإبداع ممسكة بكل أقطاب المشهد الشعري ليصل إلى أبهى اكتمالاته
*صدر لك ديوان مؤخرا بإسم ( على مدى شامةٍ من الآن) من اين استوحى الشاعر بسام الحروري اسم ديوانه ؟ حدثنا بإيجاز ماذا تحوي بين دفتيه، و ماذا عن رسمك للوحة غلاف  الديوان ؟
*نعم  (على مدى شامة من الآن)
 ديواني البكر وقد صدر من مطابع اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعدن وحوى بين دفتيه قصائد متباينة مابين الغزل والفلسفة والوطنية والسياسة وغيرها من القصائد ذات الطابع الحداثي، وبالنسبة لعنوان الديوان فقد ألمحت من خلاله إلى البعد الزمكاني الروحي الصوفي والفلسفي حيث جمع مابين البعد المكاني المادي والذي لايحتمل المعنى الحرفي للمادة من خلال رمزية الشامة والتي تمثل الجانب الجمالي والروحي وليس الجانب المادي المحض كما يفهم من المعنى المباشر للعنوان وبالمقابل جاءت الرمزية الزمانية(الآن) لتتعاضد مع القيمة الجمالية (الشامة) ليمتد المعنى رأسيا وتتسع الدلالة أفقيا من خلال سيميائية (المدى) وليكتمل المعنى الجمالي والفلسفي للعنوان.،وبالنسبة لغلاف الديوان فقد حبذت رسم لوحته بريشتي الخاصه حتى تكتمل دلالة العنوان وتتسق مع رمزية الغلاف ولكي تتعاضد ذائقتي التشكيلية ورؤيتي الشعرية بما تتضمنه قناعاتي تجاه مبنى الديوان ومعناه وقد رمزت لجمالية الشامة بإمرأة متلفعة تخط طريقها لتحقيق ذاتها الجمالي وهو تعبير عن سيميائية المدى الذي تضمنه العنوان إلى جانب البعد الفلسفي والروحي وهو مايمثله المولوي الذي اتخذ من الطبيعة مسرحا لدورته لتكمتل مشهدية الجمال بكل أبعاده بما فيها الروحي والفلسفي الذي ينأى بخلود الروح عن المادة الفانية
*ما رأيكم في المسابقات الشعرية وهل من شأنها إثراء الحركة الثقافية والأدبية؟
*نعم بلا شك مثل هكذا فعاليات إذا كانت حقيقية ورسمية ومعترف بها تمنح الشاعر انتشارا وتضيف له وتقربه من جمهوره ربما لن يحققه إذا ما ظل متقوقع ولم يراوح مكانه، شريطة أن تكون منصفه وتعتمد معايير لاتخل بالشعر فتصقل تجربة الشاعر وهي فرصة للتقارب مع الآخر وتلاقح الثقافات والتجارب والإلهام
*يقال : ان الإبداع وليد المعاناة والألم ولايوجد شاعر أو اديب أو فنان مبدع إلا ومر في تجارب كثيرة وذاق المعاناة والألم مما صقل موهبته وفجر عنده طاقات الإبداع ، هل هذا صحيح ؟ مارأيك ؟ 
*نعم صحيح المعاناة تصقل التجربة وهي موجودة لدى الكثير ممن أبدعوا لكن ليس شرطا فالتجربة تحتمل هذا وذاك وهناك ايضا من أبدع بدون معاناة وفي ظل رفاهية ويمكن أن نعتبر الفئة الأخيرة قاعدة شاذة واستثناء ،كالشاعر احمد شوقي شاعر القصر لكن تظل المعاناة سيدة الموقف في أحايين كثيرة،فناك من أبدعوا في ظل معاناتهم وفي شتى أجناس وصنوف الإبداع وليس في الأدب والشعر على اختلاف وتباعد عصورهم كالمعري وعنترة ابن شداد وقيس ابن الملوح وادريس جماع لدرجة أنه فقد عقله عندنا أغرم بفتاة، هؤلاء في الشعر وعندك أيضا الفنان  التشكيلي الهولندي فان جوخ  الذي عاش ومات فقيرا 
ولم يجد مايهديه لحبيبته فقطع أذنه ليعبر لها عن حبه ويهديها لها،كذلك التشكيلي الإيراني جهان بخش صادقي مصاب بالشلل ولايفارق فراشه لكنه من أبرز رواد هذا الفن واضف إلى ذلك الفنانة فريدا كاهلو لم تقعدها الإعاقة لأن تصير من أبرز رواد المشهدالتشكيلي المكسيكي
والموسيقي العالمي بيتهوفن الذي عانى من إعاقة في السمع والموسيقار المصري عمار الشريعي الذي عشا كفيفا
والفيزيائي الاسطوري ستيفن هوكينج الذي اصيب بمرض غريب سبب له شللا تدريجيا أفقده الحركة والنطق
والعداءة الأمريكية الكفيفة مارلا رونيان من أشهر العداءات الأمريكيات وأول كفيفية تشارك في أوليمبياد سيدني بأستراليا عام 2000م ،وقد تحدت إعاقتها  وفازت بأول بطولة محلية في أمريكا،هذا فيض من قيض والمجال قابل للتوسع …
*يقول الشاعر الفرنسي ستيفان مالارميه : القصيدة سر وعلى القارئ ان يبحث عن مفتاح ، هل للقصيدة الرومانسية اسرارها الخاصة ؟ وهل لا بد للقارئ العاشق ان يدخل ابوابها ويبحث عن مفاتيح خاصة لها ؟
ما المفتاح الذي يلج به بسام الحروري عالم قصيدته؟
*من خلال المفاتيح التي يبثها الشاعر للمتلقي هنا وهناك فيترك بابها مواربا حتى يحظى المتلقي بماتبوح دلالاتها ويغوص في أسرار جمالياتها وربما يقرأ أتراح  صاحبها وأفراحه وتاوهاته وخلجاته من خلالها، وتتصدر القصيدة الرومانسية قائمة القصائد باعتبارها تحتمل بغرضها الغزلي والحميمي مايجذب القارئ إلى الولوج لهذا العالم والإبحار فيه والتفتيش في رياض وضفاف أسراره .
*نعود إلى ظاهرة الغموض:
ألا ترى أن الغموض وراء اغتراب الشعر وابتعاد متلقيه عنه؟ 
الغموض المحاط بالطلاسم تحديدا ربما يتحول إلى عقبة 
تسيئ إلى تجربة الشاعر وليس شرطا وربما تحيله إلى ظاهرة صوتية عابرة وغير مقروءة وقد يظن الشاعر انه سيجاري مصاف شعراء الحداثة الكبار بهذه الألغاز ،بقية الوصول والانتشار السريع وهو بذلك يخلق فجوه كما تفضلت بينه وبين المتلقي والمتذوق وبالمقابل المباشرة الفجة والرص الغير المسؤول يعد عيبا شائعا يخل بنص الشاعر وتجربته
*ما الذي يسجل تمايز النص الإبداعي وديمومته؟
 *النص الأدبي الذي يحمل ويوثق في مضامينه قضية ما وينافح عنها بصدق متوخيا الأبعاد الفنية والإنسانية والدلالية ولايشطح في خياله رغم أن الخيال مطلوب لكن بمنطقية، وكذا مصداقية التناول الجاد لمعطيات البيئة والحياة التي يحيا إلى جانب الحيادية في الطرح بعيدا عن الشطوط والغلو والتعصب فالنص والأدب إجمالا يمثل توثيقا جماليا لمرحلة أو مراحل ما إنسانية كانت أم فنية وطنية وسياسية أم تاريخية وهنا يضمن لنصه الخلود ويسجل اسمه في سجل الخلود الإبداعي
فهناك شعراء عاشت نصوصهم وتلفعت بثوب الخلود كالمتنبي والمعري ودرويش والشابي والسياب والقائمة تطول… 
 *تعرف الساحة الأدبية العربية عموما هجرة الأدباء لنظم الشعر الى فن الرواية والقصة القصيرة ، هل يمكن اعتبار الوعي الشعري سببا لهذا النزوح ؟ ام هو رضوخ لتوجهات القراء اللذين يفضلون الروايات اكثر من غيرها ؟ أو ان بسام الحروري ان لهذا اسباب اخرى؟
ماذا وراء توجه الشعراء في العقدين الأخيرين إلى كتابة الرواية بشكل خاص؟ 
*اعتقد أن الوعي الشعري لا يحيل الشاعر إلى النزوح عن موئله الأم موطن الشعر بالعكس فهذا الوعي في حال وجود ووعي حقيقي ربما سيحيل الشاعر إلى المزيد من المسؤولية والالتزام تجاه هذا المنجز الإبداعي الشعري فكلما ابدع المرء في جنس ادبي ما زاد من تمسكه وطلب الاستزادة في نهجه الإبداعي طمعا في بلوغ المجد، وليست صحيحة المقولة التي تفيد بأن (هذا الزمن زمن الرواية ) التي يطلقها البعض فهذا تحيز وتعصب لجنس أدبي بعينه والمثقف الواعي يجب أن يحيله وعيه إلى الإيمان بشمولية الإبداع وتنوعه وربما هي الذائقة التي تسوق صاحبها إلى جنس ادبي بعينه لكن هذا لايعني التحيز والتعصب لجنس ما وتفضيله عن غيره فهناك من يكتب الشعر والقصة والرواية والخاطرة في آن وهناك من يكتب شكلا واحد دون غيره
لكن يحبذ شمولية الإبداع عامة دون التفريق بينهم وتفضيل جنس عن آخر فمن الاجحاف المقارنة بينهم.
*ألا تلاحظ أنه في زمن شبكات التواصل الاجتماعي بات كثيرون يستسهلون كتابة الشعر؟؟
 *بالطبع فقد منحت وسائل التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) الشاعر حضورا مكثفا لم يكن ليتاح لغيره قبل ظهور الأنترنيت وفتح أمامه هذا العالم الافتراضي العابر للحدود آفاقا واسعة لنشر نتاجه الشعري ولإثراء تجربته عبر النشر الرقمي والندوات الأدبية والثقافية التي تبث عبر تطبيق سكايب وزوم وغيرهما من التطبيقات الرقمية
لكن بالمقابل ظهور الكثير من المتشاعرين والظواهر الصوتية
التي لا تمت للشعر في شيء بما أن الأمر متاح فأصبح الكل ينشر كيفما اتفق ويسمي نفسه شاعرا دون حسيب أورقيب وهذا الأمر يحتاج إلى إعادة النظر لتوجيه بوصلة الشعر ودفةالأدب إلى الإتجاه الصحيح .
*ماذا وراء تواطىء الإعلامي أمام السياسي ألا يعد هذا خيانة لرسالة الثقافة والكلمة؟
 *الإعلام في العالم العربي بشكل خاص لايمتلك استقلاليه تمكنه من أن ينفرد بآراء حرة ومحايدة فبات اغلبه مسيسا، وحصرا على تمجيد الأنظمة العربية يدور في فلكها ويسبح بحمدها وهو ماأخل بالمعايير الأخلاقية للمهنة عند كثير من الاعلاميين الذين يتصدرون المشهد الإعلامي، حتى البحث عن السبق الصحفي والإعلامي صار مسيسا أيضا وتابعا لأيدلوجيات وجهات سياسية وحكومية مما افقد الكثير من المحطات العربية
نزاهتها ومصداقيتها امام جمهورها من خلال الانتقاء المقيت والمسف للأخبار وتسمية الكيانات والجهات التي تختلف معها في التوجهات بغير مسمياتها فصار الإعلامي بمثابة أجير أودمية تثرثر تبعا لسياسة المحطة وتحركها هذه الأنظمة كيفما شاءت وفقد هو الآخر أخلاق المهنة ومعاييرها
 *قدم بسام الحروري برنامج اذاعي بعنوان ( من اوراق الياسمين ) كيف ينظر على ضوء ذلك  إلى العلاقة بين الأدب والإعلام ؟ 
الأدب والإعلام صنوان يسيران في خطين متوازيين فكما يوجه الإعلام يفعل ذلك الأدب وهكذا يجب أن يكونا 
 *المسرح عالم جميل ومدهش ، بسام الحروري درس المسرح ،  لماذا المسرح ؟  الم يكن بإمكانك ان تكتب السرد الروائي وخاصة انك كانب قصصي ولك لغتك القصصية واسلوبك المميز في السرد والمكاشفة
بعد أن أكملت دراستي الجامعية في مجال الإعلام وجدتها فرصة لأعزز من قدراتي في مجال الإعلام والفن وقد استواهني الإخراج منذ فترة مبكرة ولم يكن متوفرا إلا مجال المسرح بمايحويه من تقنيات الإخراج المسرحي في معهد جميل غانم للفنون الجميلة فقط فيما غاب مجال السينيما والإخراج السينيمائي، فسجلت في قسم المسرح واذكر أن أول من استقبلني في المعهد أستاذي الدكتور عبد السلام عامر
وقال لي حينها ملامحك سينيمائية كذلك لاأنسى أستاذي الاعز عبد العزيز عباس الذي أفادنا كثيرا أثناء دراستنا في مجال المسرح ثم دخلت مجال الفنون التشكيلية ولم أكمل لظروف وقتئذ، وبخصوص السرد الروائي فقد كتبت في هذا المجال ولي رواية مخطوطة بعنوان سقوط الأقنعة كتبتها في وقت مبكر وأنتوي تهذيبها والتعديل فيها لنشرها متى ما أتيحت لي الفرصه إلى ذلك.
*درستم في معهد جميل غانم للفنون التشكيلية، هل لممارسة فن الكاريكاتير منهاج دراسي تعليمي ، أم مجرد إبداع وإلهام خاص ؟ 
*للأسف لم ندرسه فليس هناك مجال لدراسة الكاريكاتور بشكل مستقل وإنما دراسة الفن التشكيلي بشكل عام كالتشريح والبورتريه والتقنيات القليدية وبعض مدارس التشكيل القديمة والحديثة مع غياب تام لهذا الفن الساخر ،والكاريكاتور يجب أن يكون موهبة فطرية قبل كل شيء وهو إحساس وإلهام والتقاط بارع وذكي لمايعتمل من خلال الشارع والمجتمع والوطن والمنطقة والعالم إجمالا من قضايا سياسية و اجتماعية و اقتصادية و ثقافية وغيرها فإذا لم تتوفر لديك الموهبة في الفكرة أو تقنية الرسم فلن تفلح لأن تكون كاريكاتوريا مميزا وقد مارست الكاريكاتور أثناء دراستي الإعدادية عندما كنت أبحث عن مساحة الكاريكاتور في آخر صفحة من الصحف التي تقع في يدي وأحاكي الأشكال والتقنيات التي يستخدمها رسامو الكاريكاتور ثم بدأت أبحث عن أفكار وأسلوب واختبر نفسي هل أصلح لأن أكون كذلك
 وكانت أول فكرة لي عندما رسمت لوحة كاريكاتورية تمثل بريطانيا او أمريكا – لاذكر على وجه التحديد – كنادل يقدم طبق شهي على الطاولة للزبون (إسرائيل) ومكتوب على الطبق (فلسطين) أو الوطن العربي
وقد رسمتها حينها في كتاب الرياضيات مما أغضب الأستاذ الذي وبخني وسخر من رسمي مع انها كانت رسمة جميلة نالت إعجاب زملائي من الطلاب والطالبات وكان ذلك دافع قوي لي لأن أحقق ذاتي في هذا الفن من خلال المعارض الشخصية والمشتركة التي أقمتها.
 *الى اي مدى ساهمت الثورة التكنولوجية في فن الكاريكاتير ؟ وهل ثمة تقنية رقمية تساعدكم في انجاز العمل الفني ، وهل ثمة فرق بين رسومات الكاريكاتير في الصحافة قديما وصحافة اليوم ؟
*ساهمت الثورة التكنولوجية إلى حد بعيد في إنجاز فن الكاريكاتور واضافت له لاسيما تقنية الألوان والخطوط والتداخلات من خلال تقنيات رقمية يستخدمها البعض أما انا فلم استخدمها حتى الآن 
كونها لاتضاهي الكاريكاتور الذي ينجز باليد لأن له مذاق خاص فعندما تلاحظ رسوم الفنان الشهيد ناجي العلي وبهجت وجورج بهجوري وصاروخان وإيهاب شاكر وتاج وماهر دانيال وسيد بدوي ومصطفى حسين ورؤوف عياد وحجازي  وغيرهم تلاحظ اختلافا كبيرا في الخطوط والانحناءات ببساطة وعمق إبداعي مغاير وهذا سر الاختلاف مابين الكاريكاتير الجاهز رقميا والمنجز باليد والقلم
 *كفنان تشكيلي،ما الذي تقوله  للتشكيليين الجدد ؟ وماذا لوعاد بك الزمن إلى زمن الدراسة الجامعية هل كنت ستختار الفن مجددا؟
 *اتمنى للشباب من الفنانين التشكيليين الجدد أن يخطو طريقهم ويحدثوا تجديدا ومغايرة في مسيرتهم الإبداعية وأن يشقوا طريقهم بعيدا المحاكاة والتقليد الذي وقع فيه الكثير من رسامي الجيل السابق والبعض ممن سبقهم من خلال النسخ والنقل من لوحات الآخرين لاسيما اللوحات العالمية واللوحات التي تتواجد على بعض منصات الأنترنيت الأمر الذي يؤدي إلى تحجيم الإبداع وغياب الأفكار الخلاقة على صعيد الفكرة والتقنية فغياب الفكرة والتجديد في طرح المواضيع باسلوب مغاير وبروح الفنان وبصمته كل ذلك لم يعد ليشكل حضورا مكثفا لاسيما في المعارض وبات الفنان حبيس لطور المحاكاة والتقليد ولايتعداه إلى إثبات شخصيته الأمر الذي لا يضيف للفن وللفنان ذاته
فالفنان الحقيقي هو الذي يثبت ذاته وحضوره بتجسيد أفكاره  ولونه وتقنياته
،وبالنسبة للشطر الآخر من السؤال في الحقيقة نعم لوعاد بي الزمن إلى الوراء لخترت دراسة الفن التشكيلي والإعلام إلى جانب الموسيقى لأني وجدت ذاتي في هذه الفنون التي تسمو بالروح وتؤطر الجمال وتؤدي رسالة إنسانية وجمالية سامية في خضم القبح والسواد الذي ينتاب المجتمع والحياة.
 
*ماذا عن فوزك بالمركز الاول بالجائزة الدولية في مسابقة الشعر والقصة المقامة في المملكة المغربية الهاشمية وعن اختيارك ضمن مئة مبدع عربي وطباعة بعض أعمالك بهذه بالمناسبة في ابوظبي والقاهرة 
هلا حدثتنا بإيجاز عن أهمية هاتين المحطتين في مشوارك الأدبي وكيف إضافتا لك؟
*صحيح لهاتين المحطتين مكانة كبيرة في قلبي باعتبار أنهما احدثتا نقلة نوعية في مشواري الأدبي من خلال اختياري ضمن مئة مبدع عربي وطباعة بعض أعمالي في مجال الشعر والنثر والقصة في كتاب ورقي يضم بين دفتيه هذه الجهود ويحمل نفس العنوان وقد قدمتني للجمهور العربي في الخارج وعرفتني على شعراء وادباء عرب وغير عرب كثر
فمن الاخبار الجميلة أن يتم اختيارك ضمن كوكبة من المبدعين العرب وهو إنجاز تعتد به وتشعر أن جهدك لاقى استحسان من قبل الآخر أضف إلى انه تثمين للإبداع عامة، ولكل مجتهد نصيب كما يقولون. 
إلى جانب فوزي بالمركز الأول في المسابقة الدولية في الشعر والقصة المقامة في المملكة المغربية برعاية من الاتحاد الاوروبي، الذي أعتبره إضافة مهمة في ذات المشوار، والشعر الذي فاز في المسابقة من اللون الحداثي ولعلي أعد هذا الانجاز انتصارا للحداثة والشعر الحداثي 
خصوصا وأنك تعيش في محيط يمارس الحداثة ماديا ولايتقبل الفكر والأدب الحداثي كما يقول الشاعر والمفكر الكبير أدونيس .
*ما الذي يضيفه بسام الحروري إلى ما أعددته له من أسئلة؟ أعني هل من جانب ما يمكنك تناوله وإضافته في نهاية هذا الحوار؟
 *بالعكس كانت أسئلة متنوعة وذكية وشاملة وقد سعدت بهذا الحوار. مرة أخرى  أكرر شكري وامتناني لإتاحة الفرصة عبر منبركم الثقافي المتميز الذي شرفت بالحوار معكم عبره 


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…