هيمنة الخرافات

إبراهيم البليهي 

استدعى الملك المقدوني فيليب الفيلسوف الكبير أرسطو وطلب منه أن يتفرغ لتعليم ابنه الاسكندر المقدوني فقام بهذه المهمة خير قيام فملأ نفسه شغفًا بالمعرفة ومتابعة للتعلم إلى درجة أنه أثناء فتوحاته بآسيا كتب لأستاذه أرسطو يقول:
(( خيرٌ لي أن أتفوق على غيري في العلوم في أن أتفوق عليهم في اتساع الملك وقوة السلطان))
ولكن لا نهاية لنقائص البشر فالنقائص في الإنسان هي الأصل أما المزايا فمكتسبة …
لذلك فإن هذا العبقري الذي تعلم على يد أرسطو وحقق فتوحات مذهلة خلال بضع سنوات لكن كان عقله كغيره من الناس متخمًا بالخرافات ….
في الجزء السابع من قصة الحضارة يستعرض ويل ديورانت حياة هذا الفاتح العجيب فيذكر أنه :
(( كان عبدًا للخرافات والأوهام، شديد الثقة بالعرافين والمنجمين)) ويضيف ديورانت:
(( كان هذا الرجل الذي واجه الناس والوحوش بشجاعة ونشوة؛ كان يرتاع لأقل النذر الموهومة ارتياعًا يحمله على تغيير خططه وكان في مقدوره أن يقود آلاف الرجال ويهزم الملايين ويحكمهم، ولكنه لم يكن يستطيع السيطرة على طبعه. ولم يتعلم قط الاعتراف بما يرتكب من خطأ أو بما فيه من نقص. وكان يغتر بالثناء اغترارًا يطغى على حكمته ويُفسدها. وقد عاش طول حياته في جو من الانفعال والمجد يكاد يذهب بعقله وكان يحب الحرب حبا استحوذ على عقله فلم يترك له ساعة ينعم فيها بالسلام)) 
والعبرة من ذلك هي أن نعي أن نقائصنا ذات أصالة مطلقة وأن العظمة لا تعني الكمال أو الخلو من النقائص وإنما يكون الفرد عظيما بمقدار تقليصه لنقائصه ….
 يجب أن يتركز جهدنا على محاولة تقليص النقائص والسلبيات وبناء المزايا والإبجابيات ……

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…