التسعون… *

عبد الستار نورعلي

تسعونَ مرّتْ والحُداةُ تسيرُ
في دربِهمْ سُنَنُ النضالِ غزيرُ 
سرّاً وجهراً ما انثنى متوارياً
فنشاطُهُ عبرَ السنينِ يمورُ
أيامَ كانتْ للحِراكِ شرارةٌ
أثمانُها التنكيلُ والتكسيرُ
جَمْعُ الحشودِ وراءَهُ وأمامَهُ
لم تُرهِبِ القضبانُ والتنميرُ
فعلا المشانقَ أنجمٌ نَوّارةٌ
تزهوْ فَخاراً والوجوهُ تُنيرُ
 افتحْ كتابَ الخالدينَ تعاقبوا
زُمَراً ، تخطُّ سطورَها، وتُديرُ
وبيوسفٍ ورفاقِهِ يومَ اعتلوا
والحزبُ فوقَ لسانِهِمْ تكبيرُ
تلك الملاحمُ سِفرُها لا يرتوي 
فِكْراً ، وذِكْراً  ،  فالغذاءُ وفيرُ
كانونُ يشهدُ ماخبَتْ أنوارُهُمْ
تشرينُ أقبلَ، والشبابُ هديرُ
“وَيْلي الوزارةُ  كمْ  هيَ الْغدَّارةُ
هُمْ بالرَّصاصِ وبالْحجارِ نثورُ”*
فهيَ الحجارةُ في أكفِّ شبابِهِ
سدٌّ حصينٌ والرصاصُ كسيرُ
وذئابُ فاشستِ الظلامِ تكاتفوا
ظنّوا  المذابحَ حتفُهُ الميسورُ
لكنَّ عنقاءَ العقيدةِ حلَّقَتْ
نَسْراً يفكُّ جناحَهُ ، ويطيرُ
مرَّتْ بهِ مِنْ عاتياتِ عواصفٍ
ما زادَهُ ، إلّا الصمودَ ، مسيرُ
بقيتْ بهِ الراياتُ تخفقُ عالياً
لمْ تنتكسْ أو يعصفِ التغييرُ
“ويليْ على الوزارهْ شلونْ غدّارهْ
هُمَّ بالرصاصْ واحنهْ بالحجارهْ”
هو أحد شعارات ثوّار انتفاضة تشرين الثاني في بغداد عام 1952 
——————
* (في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…

 

نارين عمر

 

” التّاريخ يعيد نفسه” مقولة لم تُطلق من عبث أو من فراغ، إنّما هي ملخّص ما يحمله البشر من مفاهيم وأفكار عبر الأزمان والعهود، ويطبّقونها بأساليب وطرق متباينة وإن كانت كلّها تلتقي في نقطة ارتكاز واحدة، فها نحن نعيش القرن الحالي الذي يفتخر البشر فيه بوصولهم إلى القمر ومحاولة معانقة نجوم وكواكب أخرى…

محمد إدريس*

 

في زمنٍ كانت فيه البنادق نادرة، والحناجر مشروخة بالغربة، وُلد غسان كنفاني ليمنح القضية الفلسطينية صوتًا لا يخبو، وقلمًا لا يُكسر. لم يكن مجرد كاتبٍ بارع، بل كان حاملَ راية، ومهندسَ وعي، ومفجّر أسئلةٍ ما زالت تتردد حتى اليوم:

“لماذا لم يدقّوا جدران الخزان؟”

المنفى الأول: من عكا إلى بيروت

وُلد غسان كنفاني في مدينة عكا عام…