جكرخوين بين النقد والانتقاد

عباس عباس

قرأت ومازلت أقرأ الكثير عن جكرخوين، ومن الحكمة أن نقرأ عنه وعن الذين سبقوه من الأدباء والشعراء وكذلك اللاحقون.
لست شاعرا ولست ملما بالشعر وموازينه وضرورياته، مع ذلك أستسيغ الكلمة الجميلة، أعلم عن الجملة الصائبة الصحيحة وأميزها من المحرفة أو المصنعة.
هناك شعراء كورد لم نسمع عنهم، وهناك من دون بغير الأبجدية التي نتقنها، وكذلك من الشعراء من لم نفهم لهجتهم، وهذا لا يعني أنهم أقل قدرا مِمن هم بيننا أو من أي شاعر نعرفه.
تجاوزت في العمر السبعة عقود ونيف، وبذلك أستطيع القول بأنني ممن عاش على صوت ونداءات جكرخوين، نعم شاهدته في طفولتي بين جموع الفلاحين في مضافة الوالد من قرية نصران أو غيرها، وزرته شابا عدة مرات مع أصدقاء عندما كان يسكن بالقرب من جامع قاسمو على طريق عاموده.
عرفته بطفولتي شاعرا متمرداً سابقا لزمانه ومجتمعه بأميال، واع عن الذي كان والذي أصبح، وكان ينبه المجتمع الكوردي بكل ثقله ومعرفته.
وأدركته شابا، يلفح الفؤاد بكل كلمة يقولها، ويدنوا من الواقع بشعره وينطقها حقيقة مرة لم يدركها الكوردي حينها وليس حتى اللحظة.
جكرخوين الشاعر، ولأنه شاعر يمكنني ويمكن لكل من يرغب في خوض ساحة النقد أن ينقده، يقيّم شعره وأوزانه وجمله وكل كلمة نطقها، حتى تلك التي كانت كالنار في هشيم الضياع الكوردستاني.
عاش في عوز أبدي، عاش في اقسى ما يمكن أن يعيشه شاعر، ليس لأنه شاعر، بل وفقط لأنه كوردي.
من منا قرأ لبابلو نيرودا، أو لكافكا أو بودلير ونحن نعظم من قدرهم ونجلُّ قدرهم؟
بماذا تميز هؤلاء عن الذي عاشه وعاناه وقاله جكرخوين بين الوطنية والعالمية؟ وماذا كان لو لم يكن جكرخوين كورديا؟
هوشي مينه أو ماوتسي تونغ أو كاسترو، هل عاشوا وعانوا كل الذي عاناه الخالد الملا مصطفى البرازاني حتى تكون أسماءهم ضمن قائمة الأبطال والمصطفى بين الإرهابيين.
نحن هكذا ننقاد لمن يقودنا، والذي يقودنا قواد فارسي أو عربي أو تركي، بل حتى من بيننا من يمتهن هذه الفعلة الشنيعة.
بالنهاية أقولها وبكل وضوح، شعر جكرخوين مطروح للنقد مثله مثل باقي الشعراء، أحمد خاني أو حريري أو فقه طيران أو حتى بيكس، أما أن يطرح شخصه وما عاناه وما قدمه خدمة لأمته ووطنه على أن ذلك عرض للسخرية والشك، حاشاه، أو للطعن، فهذه ورب الحكمة أسفه ما يمكن للإنسان فعله.
جكرخوين خالد، والمصطفى خالد، والخاني خالد، وأحمد حسيني وحق الرب سيخلد.
آخن – ألمانيا
30/4/2024

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ديلان تمّي

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تجعلُني أثملُ في ثوبي الربيعيِّ الأصفرِ،

تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ،

وترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف،

كأنّني بجعةٌ شقيّةٌ، تراقصُ وَهمَها أمامَ المرآة…

بلا خجلْ.

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تُعيدُ لي إشراقةَ روحي،

وتطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي،

وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ.

 

أريدُها حمراءَ كالدمِ،

لا بنيّةً،

طريّةً،

أخافُ على يديّ إن داعبْتُها،

وعلى الياسمينِ من على كتفي…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

تقرير صحفي (28/10/2025)

في إطار الاحتفاء الأدبي والإنساني بالكاتب الفلسطيني باسم خندقجي، بعد تحرره من سنوات الأسر الطويلة التي قضاها خلف القضبان، صدر كتاب نقدي جديد بعنوان “الأسوار والكلمات: عن أدب باسم خندقجي” للناقد فراس حج محمد.

يأتي هذا الإصدار (الإلكتروني الصادر عن ناشرون فلسطينيون عام 2025) ليُلقي الضوء على تجربة خندقجي الاستثنائية كأحد أبرز كتّاب الحركة…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسَكِي

بَنَيْتُ حُلْمِي

بِآلَامِ جِرَاحَاتِي

يَدِي دَامِيَةٌ

هَوَاجِسِي مَلَذَّاتِي

كُلُّ لَيْلَةٍ

بِالْحُبِّ تَمْضِي لَيْلَتِي

كُنْتَ سَبَبَ وُجُودِي

فَرْحَتِي وَدَمْعَتِي

<p dir="RTL" style="text-align:...