فهرس مصوّر يضمّ مراحل من تجربة خضر عبد الكريم الفنّيّة

صدر حديثاً عن منشورات رامينا في لندن كتالوغ فنّيّ بعنوان “هويات مهاجرة” للفنّان التشكيليّ الكرديّ السوريّ خضر عبد الكريم، وذلك ضمن “سلسلة الفنون “التي تعمل الدار على نشرها.
يتضمّن الكتالوغ مئة وستين صورة عن أعمال ولوحات الفنّان التشكيليّ خضر عبد الكريم من مختلف مراحل تجربته الفنية التي تمتدّ لحوالي أربعة عقود حتى الآن.
وصف الفنّان خضر عبد الكريم الكتاب بأنّه متحفه الصغير، وذلك في إشارة إلى أنّه يشتمل على أعمال تعكس خلاصة تجربته الفنّية وتشير إلى أهمّ المراحل التي مرّ بها خلالها.
يتضمّن الكتالوغ قراءة نقدية للكاتب والناقد الايطالي إنريكو ماسيلوني في لوحات خضر عبد الكريم، يلفت فيها إلى جوانب من تميّز أعماله.
يقول إنريكو ماسيلوني إنّه تظهر الوجوه والأقدام في العديد من أعمال الفنّان خضر عبد الكريم. تقف هذه الأعضاء من الجسم في مركز تصويره وعوالم لوحاته. ويتمّ تقديمها في عدد لا يحصى من تغييرات.
ويضيف: كيف يمكن للمرء أن يفكّر في هشاشة الأقدام والوجوه، التي تتعرّض لتشويه بواسطة عواصف الألوان، من دون أن يدرك أنّه يجب أن يتمّ النظر إليها دائماً في سياق مأساة سوريا…! وهذا الارتباط يتمّ إنشاؤه بدون تكلّف أو تصنّع.
وجدير بالذكر أنّ الرسم المتقن يمكن أن يتعامل مع العالم من دون أن يحوّله إلى عرض مبهج. وإذا لم يكن لوجوه خضر عبد الكريم وجوه بالصيغة التقليدية، فإنّ الأقدام التي يرسمها تتحوّل إلى هويات وتتحدّث كما تفعل الوجوه.
يقدّم للكاتالوغ الناقد والروائيّ السوريّ هيثم حسين بدراسة مطولة في تجربة خضر عبد الكريم الفنّية، ويشير إلى عدد من القضايا الفكريّة التي يطرحه في لوحاته، ولاسيّما أنّ تجربته بدأت في حين كان معتقلاً سياسيّاً في السجن الذي بقي فيه لسنوات في نهاية الثمانينيّات وبداية التسعينيّات من القرن الماضي.
يقول هيثم حسين في تقديمه إنّ الهويّة الفنّيّة جزء من الهويات التي يحملها خضر عبد الكريم في داخله، ويمزجها بطريقته الفنّية ليرسم لوحته المأمولة، فلا يتنكّر جزء لآخر، ولا يطغى عليه، أو يقصيه، وهو الذي عانى مرارة السجن وقسوة الفقد والحرمان، ويدرك معنى الإقصاء والتهميش جيّداً.
ويضيف إنّ عمل الفنّان خضر عبد الكريم على أن تكون لوحاته محمّلة بالرسائل الإنسانية، وهو الذي التزم بقضايا شعبه، وكان جزءاً من النضال، بالريشة والفكر والممارسة معاً، ودفع ضريبة ذلك سنوات من حياته في السجن، ناهيك عن سنوات في الغربة واللجوء.
الفنّ عند خضر عبد الكريم لا يكون لذاته، بل يكون ملتزماً بهموم الناس وقضاياهم، يكون قريباً منهم، معبّراً عنهم، ويجعل ذلك في سياق الفنّ بتجليّاته الأسمى، البعيد عن العنصرية والشعبوية والكراهية، الممهّد للتقارب والداعي له.
يشار إلى أنّ خضر عبد الكريم، من مواليد عامودا – كندور1967. مقيم في ألمانيا منذ سنة 2014. وهو عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سوريا، أقام العديد من المعارض الفنية داخل سوريا وخارجها، في سنوات التسعينيات في صيدنايا، الحسكة، القامشلي.. وبعد سنة 2000، أقام معارض في دمشق، كوالالامبور، برلين.. واقتُنيت أعماله في كثير من الدول، منها: فرنسا – هولندا – مصر – سويد – تركيا – لبنان – بريطانيا – الولايات المتحدة – بلجيكا – الأردن – ألمانيا – ماليزيا – سوريا.

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…