لمكان يعجٌّ بمشاعرنا وسواها

إبراهيم محمود
هوذا المكان الذي يفتتح زمانه مجهول الاسم
سعياً إلى لحظة غافلة 
ليلتقط أنفاسه عن قرب
ويقرأ نجوماً في سماء أخذها النوم بعيداً
حيث الرغبات تبحث عن أفق متاح لها
ولتكوني أنت بالذات مفتاح الآتي
هو ذا المكان الذي ينظر إلى عقارب الساعة
ساعياً إلى نزع العقارب عنها
ليؤمّها الأمان
ويرضع الزمان من ثديها المتدفق براعة طعم ولذة
حاولتُ وسأحاول فرْكه من أذنيه
ليسمع  صدى حلم لي منذ غابر كان
ولأجلك سأجعل الأرض تزغرد على وقع خطاك
مكان ينبسط كما الخيال المنذور كطفل 
يلاعب ظله المرِح
لقبلة تبحث عن شفاه أضناها الوعد المؤجَّل
لساعة ضجت من ” تمهل “
كيف يمكن رمي الوقت المرهون في سلة المهملات 
حلَّفتك بالأيدي التي لا ترتوي أبداً
 في مصافحة العرق السابح في خطوطها المنداة؟
هوذا المكان الذي 
يبحث الظل عن شجرته
أو شجرته
أو شجرته
تكونين أنت الشجرة بالتأكيد
ضفائر أغصانها الممتدة إلى سرير الإله الأبدي عالياً
حيث تنامين وتستيقظين على أكف مائية تبثك صبابة جذلى
وأترك لخيال روحي شهوة الريح الباحثة عن عشها الفضائي المفتوح
في محطات الرغبات التي تترنم كلها بدفق صوتك النمير
هوذا المكان الذي يعج
بالمجرى الذي يبحث عن نهره
بالنهر الذي يبحث عن نبعه
بالنبع الذي يبحث عمن ينادمه عميقاً
بالعلوّ الذي يبحث عن قمته
والقمة التي تبحث عن جبلها الشامخ
والجبل الذي يبحث عن رواسيه
وهذه عمّن يؤرخ لتاريخ نشأتها
لتزدادي اطمئناناً وسكينة يا 
يا روح الجماد النفيس في الصميم
بالنبض الذي يبحث عن قلبه
والقلب الذي يبحث عن قفصه الحي 
والقفص الذي يبحث عن حامله الحي
وهذا عن حياته التي طال انتظارها
وأنت لمُّ الشمل الموحي في كل ذلك
بالعليل الذي يبحث عن نسيمه
والنسيم الذي يبحث عن رحابة وطنه اللامتناهي
والوطن الذي يبحث عن الذين يحسنون تفسير أحلامه
وأنت خميرة كل ما تقدم يا قيامة الساعة في ساعتها
هوذا المكان الذي 
يبحث فيه الحلم عن نوم يجدد به شبابه
عن ليل يتنفس ضوء صباحه
عن صباح يبحث عن آخر قصيدة معلقة في نجمة الصباح
تستريح إليها الشمس حتى مغيبها المفترض
وأنت بجلالة جسدك الفائض بالمكرمات
تبعثين الكائنات الراقدة جميعاً 
لتباشر بك زمانها المنتظَر
ولا تعتري المكان نوبة عصبية بعدها أبداً

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

لَيْسَ الاستبدادُ حادثةً عابرةً في تاريخِ البَشَرِ ، بَلْ بُنْيَة مُعَقَّدَة تَتكرَّر بأقنعةٍ مُختلفة ، وَتُغَيِّر لُغَتَهَا دُونَ أنْ تُغيِّر جَوْهَرَها . إنَّه مَرَضُ السُّلطةِ حِينَ تنفصلُ عَن الإنسانِ ، وَحِينَ يَتحوَّل الحُكْمُ مِنْ وَظيفةٍ لِخِدمةِ المُجتمعِ إلى آلَةٍ لإخضاعه .

بَيْنَ عبد الرَّحمن الكواكبي (…

عبدالجابر حبيب

 

يا صديقي

بتفصيلٍ ثقيلٍ

شرحتُ لكَ معنى الأزقّةِ،

وكيفَ سرقتْ منّي الرِّياحُ وجهَ بيتِنا الصغيرِ،

لم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للسّماءِ

كيفَ ضاعتْ خطواتي بينَ شوارعَ غريبةٍ،

ولم يكنْ عليَّ أن أُبرِّرَ للظِّلالِ

كيفَ تاهتْ ألوانُ المساءِ في عينيَّ،

كان يكفي أن أتركَ للرِّيحِ

منفذاً خفيّاً بينَ ضلوعي،

أو نافذةً مفتوحةً في قلبي،

فهي وحدَها تعرفُ

من أينَ يأتي نسيمُ الحنينِ.

كلُّ ضوءٍ يُذكِّرُني ببيتِنا…

غريب ملا زلال

يتميز عدنان عبدالقادر الرسام بغزارة انتاجه، ويركز في اعماله على الانسان البسيط المحب للحياة. يغرق في الواقعية، يقرأ تعويذة الطريق، ويلون لحظاتها، وهذا ما يجعل الخصوصية تتدافع في عالمه المفتوح.

عدنان عبدالقادر: امازون الانتاج

للوهلة الاولى قد نعتقد بان عدنان عبدالقادر (1971) هو ابن الفنان عبدالقادر الرسام…