لها أو ربما لها

إبراهيم محمود
 اسمك ِ  ولا مجرات ملذات كاملة الدسم
لا يأخذها نوم
ولا يضللها شهاب مقنَّع طبعاً
لاسمك المجهول المحتفى بأصله
لا المعلوم المحتفى بنياشينه
***
شعرك ولا غابات غارقة ملذاتها الطفولية
لا تراودها عن نفسها رياح
وغزوات برّية متربصة
لشعرك كل المجد المضفور
***
وجهك ولا سماوات مأخوذة بنجومها اليقظة دائماً
تمضي فضاءاتها في التذكير بها
لئلا تصاب بنكسة نسيان اسمها بغتة
كم هو وجهك مقيم في الغواية المفخمة
***
فمك ولا استدارة ينابيع بالجملة
لا أنهار تخرج منها ألسنة طويلة الجريان
لا ضفاف تكسوها بالرغبات
أي قصيدة قادرة على مجاراة إيحاءاته الراقصة
***
صوتك ولا مزامير داوود وأصداء ذبذباتها في الهواء المسوسح
ولا ابتهاج الصخر لرشرشة الشلال العالي شوقاً عليه
ولا عزيف الجن في حفلاتها الأسرية المشتهاة
أي قوة تستطيع ضبط تدفق السحر في صمته؟
***
صدرك ولا حدائق بابل المعلقة
وأنت تمنحين لكل مرتفع أرضي معنى التحليق أفقياً
ومعنى الانتشار قاعدياً بالصوت والصورة
أي سلالة مروج تضمن الإقامة فيها دون الإصابة بالجنون؟
***
يداك ولا مسلات الزمان الغابر
ولا شغف شجرة الأوكاليبتوس في فراغ الفضاء الذاهل
أو سموق قمم جبلية خارج المعهود فيها
فيزياء قادرة على تقدير مباهج تضج طيهما؟
***
مؤخرتك ولا اندفاعات جبلية في صرة البحر
ولا الأمواج التي ترتسم على منوالها هادرة أسفلها البركاني
ولا تصادم الكرات الثلجية من عل محمومة برغبات حرّى
من لها لتقدير خبل الأرض حيث تمسحها بظلالها الجاذبة
***
قدماك ولا منارات لإرشاد السفن عن بُعد
ولا إحداثيات خط غرينيتش الفاصل بين جهة وأخرى
ولا مراصد قائمة في أعال طوافة باتقان في الذكْر الحميم
أي هندسة فراغية تجرؤ على مكاشفة حمولتهما دون السقوط عالياً ؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…

في زمنٍ تتكسر فيه الأصوات على صخور الغياب، وتضيع فيه الكلمات بين ضجيج المدن وأنين الأرواح، يطل علينا صوتٌ شعريّ استثنائي، كنسمةٍ تهبط من علياء الروح لتفتح لنا أبواب السماء. إنه ديوان “أَنْثَى عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ” للشاعرة أفين بوزان، حيث تتجلى الأنوثة ككائنٍ أسطوري يطير فوق جغرافيا الألم والحنين، حاملاً رسائل الضوء، ونافخاً في رماد…

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…