المجد لدخان ما

إبراهيم محمود

الدخان الذي تتنفسه عيناك
عيناك الدخانيتان
عالياً
حيث الشعر يتناثر دخانياً
أدنى
حيث الفم الدخاني بروزاً
يطلق العنان لأنفاس بإيقاع العويل
أدنى الأدنى
حيث الصدر يمارس دخانٌ ثمل 
أعلى ذروتين تمنحان النجوم
طاقة اليقظة القصوى
أدنى أدنى الأدنى
حيث المساحة البطنية المتمحورة
 حول إحداثية دواماتية
تضم لوح أزمنة غير مؤرخة
لأمجاد رغبات تنتظر تسمية
أدنى الأداني
دخان هائم على وجهه
حائر في أمر معدنه
غارق في رؤيته الداخلية المعجنة
تعاكس الجاذبية الأرضية
شلالات تزفر في محيط قائمتين
تربك كائنات الأرض نفسها
الموتى المرممة عظامهم
وتناديهم المتصاعد:
أهي الساعة قد قامت؟
لولبيات دخان تومض أجنة خيالات 
في ثناياتها
كيف نسي داروين صلة الأنواع 
بفرادة دخان أنثوي النسب كهذا؟
كيف نسي نيوتن قانوناً محلقاً بين الأرض والسماء
أن أجساماً تسقط إلى الأعلى وليس العكس
أن أجساماً هي دهشة الإله في براءة اختراعه الأعظم أصالة
تشد أعماق الأرض الملتهبة إليها
إن ثمة مجرة تبانة لعوالم لا تُرى إلا تقديراً
في المحيط السابح في مأثرة جسد
بعنوانه الذي لا يِضِل دخانياً؟
الدخان الذي يأتمر 
بأمر جنيات روحك الأطلسية المدرجة في الأبدية
تتوضأ به ملائكيات أناث تفخيماً لسموّ
لم يُسرد من راوية ذكَر 
وقفاً على إناث هن الأدرى بسلالة دخانية ملهمة كهذه
ربما قلة من خيالات شعراء يمازج دماءهم أوكسجين أنثوي النسَب حصراً
استطاعوا مقاربة بعض بعض سردية دخانك الكبرى
عيناك اللتان لا تخترقان
وهما تتبعان قانونهما الحيوي الخاص
الدخان الذي يومىء منتشياً
أو في حكم المنتشي طبعاً
إلى داخل لا أوسع نطاقاً من خارجه العميم
دخان أشعره متسرباً إلى أعمق أعماق شبكية عيني
حيث أمضي مأخوذاً بخفته المشتهاة
إلى لقاء مستقره
يا لهذا الدخان الذي يقيم فيه أولمب 
لوجوه سلالات تترى من النساء 
اللواتي يهبن أنفسهن لرجال
يخلصن لأسمائهن التي لا تصرَّف
أين أنت يا صاحب ” رسالة الغفران “
كيف أغفلت هذا العالم الذي بدونه
يستحيل بلوغ المعرَّف به تأريخاً: صانعه؟
أي إثراء مستعذب يتقطر في تموجات دخان
كما لو أنه لا يكف عن ضحك 
تنحني لتردداته السماء السابعة وأبعد؟
أين مضى بي هذا الدخان الذي يزيد البصر إبصاراً
ويمنح القلب نبضاً استثنائياً
هوذا ما يشبه أقصى الدخان
ليبتدىء مزيج من نور بالغ الاعتدال
ونار بالغة الدفء والإيقاظ
لأجدني مستيقظاً فجأة
ويدي على  قلبي
الذي لا بد أنه كان
يمضي وقتاً غير محتسب دنيوياً
حيث تكونين أنت حقيقة
بدخانك المسمى هنا للمرة الأولى
أي رماد يشفع لي
إن أردت انتساباً
إلى دخانك الذي لا أعلم
كيف أقف ملتقياً إياه
ماضياً إلى أقصاه
وأغلق طريق العودة عليّ
إلى الأبد

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي

ما عرفتك

بعدما رجعت من الحفلة منهكاً، وخلعت ملابسي كمن يتخلص من تهمة، فقد كان جسدي يئن تحت وطأة الرسميات.. وقبل أن أقفل التلفون وأذهب إلى فراشي، رن جرس الهاتف، نظرت فإذا هي صديقة قديمة لم أرها منذ مجيء حفيدها الأول قبل عشر سنوات..

تذكرت بشرتها الحنطية بلون حقول الجزيرة، وعينيها البنيتين كقهوة الصباح…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

يُعْتَبَرُ الكاتبُ المِصْري نجيب محفوظ ( 1911 _ 2006 / نوبل 1988 ) أعظمَ روائي في الأدبِ العربي على الإطلاقِ . تُعَدُّ أعمالهُ سِجِلًّا حَيًّا للتَّحَوُّلات الاجتماعية في مِصْر .

كَتَبَ في فَترةِ التَّحَوُّلاتِ السِّياسية والاجتماعية العَميقة في المُجتمعِ المِصْرِيِّ ، مِنَ الاحتلالِ البريطاني إلى ثَورة…

شكل كتاب “الأسوار والكلمات- عن أدب باسم خندقجي” للكاتب فراس حج محمد، الصادر عام 2025، إطاراً نقدياً ومعرفياً شاملاً لأدب الكاتب الأسير الذي أمضى أكثر من عشرين عاماً خلف القضبان، ويُمثل هذا العمل محاولة للانتقال بدراسة أدب خندقجي من سياق التضامن السياسي والعاطفي إلى سياق التحليل الفني والفكري العميق، وقد خلص الكتاب إلى مجموعة من…

ديلان تمّي

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تجعلُني أثملُ في ثوبي الربيعيِّ الأصفرِ،

تلملمُ بقايا أنوثتي المغبرَّةَ في جيبِ المسافاتْ،

وترقّعُ رقصتي الأحاديةَ بخطواتِها الثلاثِ إلى الخلف،

كأنّني بجعةٌ شقيّةٌ، تراقصُ وَهمَها أمامَ المرآة…

بلا خجلْ.

 

أريدُ وردةً حيّةً،

تُعيدُ لي إشراقةَ روحي،

وتطردُ الظلامَ عن ظلِّ وجهي، الذي انزلقَ منّي،

وانصبَّ في خيبةٍ ترفضُ الحياةْ.

 

أريدُها حمراءَ كالدمِ،

لا بنيّةً،

طريّةً،

أخافُ على يديّ إن داعبْتُها،

وعلى الياسمينِ من على كتفي…