ويليّات

إبراهيم محمود
ويلٌ لك ِ
إن استرسلت ِ نوماً
ولم تسيري في ركاب نجمتي
إلى أعالي ليلة
ينادمك شجرها الضليع بشئون الجهات
حتى مطلع الثمرة
ويلٌ لي
إن طاوعتُ نوماً
ولم يحملني ظلام الغرفة المورَّق
طي طيفك الملطَّف للمكان
إلى أداني نبعك الزلال
حتى مصب الرغبة
ويل لك
إن تاخمتْ نحلتُك
وردي في الجوار
ولم تأخذ منه كفايتها
من الرحيق
زوادةَ حلم كان
ويل لي
إن طار عصفوري على ارتفاع منخفض
ولم تستضفه داليتك السخية
بنفحة من عصيره المعتق
كرمى غد يطرق القلب
في الصميم
ويل لك
إن أُفرِغ المكان من الحاضرين
ومُدَّ فيه
ليكفي غيابك
الذي يذهل النسيان
ولا تأخذين به علماً
ويل لي
إن جاءك خيالي دون ميعاد
ولم تنزعي ساعة يدك
وتمنحي خيالي
إقامة يعمّر بها
ذاكرة غد كاملة
ويل لك
إن جافى فراشتك النومُ
ولم تطلب الراحة على إفريز نافذتي
لتبعد الوحشة عن عتبة بيتي
ويل لي
إن توترت المسافة بيني وبيني
ولم أنشد الطريق
ليبسط أريحية
بين ظلي وظلك
ويل لك
إن أطلقتُ زفيرك نحوي
لينتعش القلب كاملاً
فلا يصدح شهيقي بنبضك
إن حولتُ زفيري شهيقاً
فلا يستحيل شهيقك واقعة
يحتفي بها هواء المكان
بحماس لافت
ويل لي
إن أطلقت يدي في الهواء الطلق
ولم تلوّح شرفتك
بحمامة من حنين ولهفة
ويل لك
إن استحلت ِ غيمة  في أول صبابتها
ولم أعزف على وترها المندى
رعداً واثق الصوت
يهلل له صمُّ المكان
وإليك بالتتمة الناقصة:
من يشعل صمت الصخر
غير مائك
من يورق الطريق
غير خطوي
من يوقظ الرمل
غير لمسة موجك
من يهدهد سرير الغياب
غير لهفتي الصادية
من يفرح نملة الشتاء
غير صيف وافر الحَبّ باسمك
من يطمئن الفضاء
غير سلّم صاعد إليه باسمي
من يحيل الحقبة برهة
غير قبلة على غفلة باسمنا
من يخرِج النهر إلى نزهة
غير مرج متبرج في الجوار صحبتك
من يروّح عن مرج فسيح
غير هواء مندى صحبتي
من يهذّب العاصفة
غير عشب لامبال ٍ بها عبرنا
من يجعل الغدير غافياً
غير ترنيمة قمر نافذة داخلنا
من يصالح البحر مع موجه
غير شاطئ صخري يسمّينا
من يهبُ ضفائرك انتشاراً في الهواء
غير نبض مضاف إلى قلبك
من يُسمّي أول اللغة
غير ضحكة تفيضين بها
من يُسمي آخر اللغة
غير تحليق أُجاز بها
….؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…

صدرت الترجمة الفرنسية لسيرة إبراهيم محمود الفكرية” بروق تتقاسم رأسي ” عن دار ” آزادي ” في باريس حديثاً ” 2025 “، بترجمة الباحث والمترجم صبحي دقوري، وتحت عنوان :

Les éclaires se partagent ma tête: La Biography Intellectuelle

جاء الكتاب بترجمة دقيقة وغلاف أنيق، وفي ” 2012 ”

وقد صدر كتاب” بروق تتقاسم رأسي: سيرة فكرية” عن…

كردستان يوسف

هل يمكن أن يكون قلم المرأة حراً في التعبير؟ من روح هذا التساؤل الذي يبدو بسيطاً لكنه يعكس في جوهره معركة طويلة بين الصمت والكلمة، بين الخضوع والوعي، بين التاريخ الذكوري الذي كتب عنها، وتاريخها الذي تكتبه بنفسها الآن، فكل امرأة تمسك القلم تمسك معه ميراثاً ثقيلا ً من المنع والتأطير والرقابة، وكل حرف…