عن مسارات اللغة الكوردية في غرب كوردستان

د. محمود عباس

 المقارنة بين شريحتين من الجيل الجديد.
لاحظت وبعد سماع مقابلات عدة مع الشريحة الشبابية من الكورد، تلفزيونية أو في حوارات على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تم فيها تناول مواضيع متفرقة، حول قضاياهم الثقافية أو عن المنطقة، أن هناك هوة لغوية تقسم المجتمع الشبابي، وفرق شاسع بين نقاء اللغة وجماليتها من جهة، والشائبة أو الغارقة بالكلمات العربية في الجهة الأخرى، بل وحتى يمكن القول الضائعة، والتي لا يظهر منها سوى قواعدها.
1- شريحة لغتهم صافية، من النادر يتم استخدام الكلمات أو المصطلحات العربية، وبقواعدية كوردية متينة، ويتحدثون بسلاسة ودون تكلف. هؤلاء طلاب المدارس التي يتم فيها التدريس باللغة الكوردية.
2- وأخرى غارقة في الكلمات العربية، بل وبعضهم لا يستخدمون إلا القليل من الكلمات أو المصطلحات الكوردية، وبقواعدية ضحلة. ولا شك بينهم طفرات، وأذكياء في مدارسهم. هؤلاء طلاب مدارس النظام، أو الخاصة التي تدرس بالعربية.
  في الواقع، ولا بد من الانتباه إلى أن اللغة الكوردية على يد الشريحة الثانية في خطر لا يقل عن خطر الجيل المهاجر عليها، والذي يكاد أن ينسى لغته. بل وأحيانا اللغة المهشمة والملوثة أكثر خطورة من عدم استخدامها، وليس نسيانها أو إهمالها.
 نحن هنا لا نتحدث عن مستقبل الجيلين، وهي رؤية كتبنا عنها وفيها سابقا، بل عن مستقبل اللغة الكوردية، والتي دخلت السوية الأكاديمية بفضل فرض التدريس بها. 
 مقابل الشريحة التي أصبحت تستخدمها نقية ليس فقط في المراكز الثقافية أو أمام الإعلام، بل في الأحاديث اليومية، وفي البيت والشارع، أي على يدهم تم إنقاذها من الذوبان في اللغة العربية، الكارثة التي تتفاقم في شمال وشرق كوردستان، خاصة في العقود الأخيرة وحيث شبكات التواصل الاجتماعي والإنترنيت، والتي لم يعد للريف الكوردي ذلك الجدار المحمي وحيث العزلة التي بها تم الحفاظ على نقاء اللغة.
 فقط استمعوا عندما تتم المقابلات مع هذا الجيل، وقارنوا بينهما، ستجدون مدى البون الواسع بين الشريحتين التي لا شك يؤثران على العائلة والمجتمع وقادم اللغة. 
ظهر عدد من الإعلاميين-ات المتحدثين بنقاء وسلاسة لغوية رائعة، وأنا لا أتحدث عن أبناء باكوري كوردستان، الذين يسهل لهم قراءتها على خلفية الحروف التركية، بل عن أبناء غرب كوردستان. والى حد عن جنوبه وليس شرقه الذي يقرأ ما يكتب في مدارس الجنوب على خلفية الحروف الإيرانية.
نحن أمة نعاني العديد من الويلات، وهذه الإشكالية واحدة منها، فعلى الإدارة الذاتية قبل أي طرف آخر من الحراك الكوردي دراستها، والعمل على إيجاد حل لها، ولن يتم ذلك بدون مشاركة المختصين والأطراف الأخرى من الحراك الكوردي. 
لا شك لن يكون سهلا تجاوزها وغيرها من القضايا بدون الحرية السياسية، إلى سوية استقلال كوردستان، أو مشابهه، دونها سنظل عرضة لمخططات تدميرية متواصلة، وبأخبث الأساليب، وستنجح كثيره ومن بينها هدم لغتنا، ونعني بها في الوطن، إلى جانب ما جرى ويجري لنا في المهجر، ففي الخارج نحن المذنبون كعائلات أو منظمات، وفي الداخل حراكنا والقوى المهيمنة هي المسؤولة.
الولايات المتحدة الأمريكية
13/7/2024

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…