القبَّعة…

إبراهيم محمود
القبعة ابتداع الذين يضيفون إلى رأسهم رأساً آخر
يخفي تحته حقيقة الرأس الأول المسمى مجازاً
لكنها ليست ساذجة بحيث تكون الأصل
تغزل خيالات وهمية لمن يهربون من رؤوسهم الفعلية
ماالذي يتحرك في فراغ القبعة غير وهْم حاملها؟
أي سوء حظ قادها لتكون محمية رؤوس عارية؟
لا شطآن لها كي توحي بأجساد أفكار تستحق المتابعة
لا فضاء يرتجى كي يمهد لمصافحة نجوم منتظَرة
القبعة ماضية في بكاء صامت
وطأة رؤوس تبث دخانها الكربوني الدهني
وعسر في التنفس في ظلمة الداخلة المعربدة!!
يمكن لشاعر خائف من صلعة خياله
متخوفاً من خدش ريح
أو منقار شمس حاد
أن يفوّض القبعة في أن تمثل رأسه خارجاً
إنما إلى أي مدى يمكن لها تتحمل وطأة أوهامه
أن تضمن بقاء
والكلمات الخرقاء تعصف بها
وصورة الذات المتفاخرة تحت في حوافها؟
يمكن لفنان يزكّي خيالاً عيار 24
أن يعزز سمعة لرأسه الذي يخجل من عورته الجلية
بالتستر عليه وقد غض الطرف عن نفسه
راجياً القبعة، بينه وبين نفسه، أن تمنحه غيباً مستطاباً
أي لون فيه حس يتجاوب مع ريشة مفلسة
أو إزميل يئن بيا أصابعه
وثمة فكرة بحّ صوتها
وصمتها يقذف أعلى القبعة بصنائع خردة ؟
يمكن لروائي يغامر في تيهه المضطرد
أن يقيد إلى رأسه الأجوف القبعةَ دون فك ارتباط
مأخوذاً بثلج سرابي في صحراء تستغرب تماديه دون حساب
شخوصه يلعنون اللحظة التي ساقهم شطح خيال إليه
لتدشين عنوان بينه وبين كتابه حرب ضروس
وحدها القبعة تنز عرقاً وييبسّها خواء الخارج
لا ظل تتكىء عليه في مسيرة فكرة عالقة
ولا يكف الروائي عن تحدي الموج بزورق خياله الهش
لا يكف عن مواعدة نساء من ورق مقوى يسخرن من ظله الشَّعري
عن محاولة الإمساك بالمستقبل من عثنونه بيد زلقة
والقبعة تستصرخ غفلة كي تبصر رؤوسها ضحالة روحها
وحدها الكلمات تتدحرج على أرض خارجة عن محورها

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

 

غازي القُصَيْبي ( 1940 _ 2010 ) أديب وسفير ووزير سُعودي . يُعتبَر أحدَ أبرزِ المُفكرين والقِياديين السُّعوديين الذينَ تَركوا بَصْمةً مُميَّزة في الفِكْرِ الإداريِّ العربيِّ ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ التَّنظيرِ والمُمارَسة ، وَلَمْ يَكُنْ مُجرَّد كاتب أو شاعر ، بَلْ كانَ إداريًّا ناجحًا تَوَلَّى مَناصب قِيادية عديدة…

ماهين شيخاني

كانت قاعة المحكمة الباردة تشهد حواراً أخّاذاً بين محامٍ شيخ وقاضٍ متمرس. توجه المحامي بسؤاله المصيري: “لو كنت مكان القاضي، ما مدة الحكم الذي ستصدره على سهى يا أستاذ؟”

أجاب الرجل بهدوء: “أقصر مدة ممكنة.”

ابتسم المحامي مرتاحاً: “أحسنت، أنت قلبك طيب وعطوف.”

………

الفلاش باك:

في ليالي الخدمة الإلزامية، كان قلب الشاب العاشق يخفق بشوقٍ جامح….