هل العمى يخلق العبقرية ؟!

 

ابراهيم البليهي

 

إن انشغال الناس المبصرين بما يجري حولهم يجعلهم مشتتي الانتباه وفي الغالب  لا يركزون تفكيرهم إلا إذا اضطروا إلى ذلك أما في معظم الوقت فإن أذهانهم تبقى تمر على الأشياء دون انتباه …..
أما الأعمى فلا شيء يشتت انتباهه فهو يركز داخل ذاته تركيزًا شديدًا فما يصل إلى ذهنه يبقى يركز عليه ويحاوره ويستقصي ذهنيا حول كل ما يخطر على باله …
لذلك ينجلي تاريخ الفكر وتاريخ الإبداع عن أشخاص عاشوا عميانًا لكنهم تميزوا بالعبقرية ….
وأول ما يتبادر إلى الذهن من العباقرة العميان أبو العلاء المعري الذي لا يزال يغذي عقول الدارسين بأروع الذخائر في الفكر والأدب والحياة …..
 كما نذكر طه حسين فقد وثب فكريا وثوبًا جعله أبرز رواد التنوير في العالم العربي لقد تعلم في مصر لكنه لم يقنع حتى حصل على الدكتوراه من السوربون في فرنسا ….
طه حسين أعمى وفقير ولا يجيد اللغة الفرنسية ولكنه في زمن صعب يقذف بنفسه إلى الغربة فيتعلم اللغة الفرنسية ويلتحق بالسوربون ولا يأتي إلا وقد تشبَّع بأفكار التنوير بالإضافة إلى الدكتوراه …..
وحين عاد إلى مصر جابه كل الأوضاع المضادة فأعلن أفكاره التنويرية بكل جرأة ففُصِل من وظيفته ولكنه بقي صامدًا ……
وفي نفس المستوى يبرز اسم الأديب الإرجنتيني خورخي لويس بورخيس … هذا الرجل لم يجد أنه يحتاج إلى الالتحاق بالجامعة فرغم عماه فقد تمكن من أن يكون أديبًا عالميا ورغم أنه لا يحمل حتى شهادة جامعية فقد تم تعيينه أستاذا للأدب في جامعة بيونس آيرس وتترجم كتبه إلى مختلف اللغات ويُحتفى به كواحد من أبرز مثقفي العالم ….
أما الأعمى الرابع الذي تميز بالعبقرية فهو الشاعر اليمني عبدالله البردوني وبهذه المناسبة أشير إلى صدور مذكراته في مجلد أنيق أعد المذكرات وقدَّم لها الدكتور حيدر محمود غيلان ………

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

قبل أيام، أعلمتني رفيقة دربي، أن السيدة ستية إبراهيم أحمد دوركي، وهي والدة الصديق والحقوقي فرمان بونجق هفيركي، قد وُدّعت من دنياها. قبل يومين، أعلمتني ابنتي سولين من ألمانيا، أن صديقتها نرمين برزو محمود، قد ودّعت هي الأخرى من دنياها، لتصبح الاثنتان في عالم الغيب. في الحالتين ثمة مأساة، فجيعة. هما وجهان يتقابلان، يتكاملان،…

أحمد آلوجي

من بين الشخصيات العامودية التي تركت بصمة عميقة في ذاكرتي، أولئك الذين منحوا فنهم جلَّ اهتمامهم وإبداعهم، لا سيّما في المناسبات القومية واحتفالات نوروز التي كانت دائمًا رمزًا للتجدد والحياة. ويبرز بينهم الراحل الفذ مصطفى خانو، الذي أغنى المسرح الكردي بعطائه وإحساسه الفني الرفيع، فاستطاع أن يجذب الجماهير بموهبته الصادقة وحبه الكبير…

آهين أوسو

لم يكن يوما عاديا ،نعم فترة من التوتروالقلق مررنا بها.

إنه آذار المشؤوم كعادته لايحمل سوى الألم .

استيقظت صبيحة ذاك اليوم على حركة غير طبيعية في أصابع يدي ،ماهذا يا إلهي ،أصابعي تتحرك كأنها مخلوقات حية تحاول الهروب من تحت اللحاف ،هممت بالجلوس في فراشي اتحسس يدي ،نعم إنها أصابعي التي تتحرك لاشيء…

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…