من يوميات مكتئب

د. آلان كيكاني
ويحدث أن يهيمن عليك حزنٌ، يدفعك إلى اليقين أن لا شيء في الوجود يستطيع أن يحسّن مزاجك. وليس في وسع العالم كله إزالة العبوس عن وجهك. وزرع البسمة على شفاهك.
تضع رأسك على الوسادة. ولا تستطيع النوم. فتنهض لعلك تستمتع ساعة، أو تزجي وقتك بشيء ما. إنما تجد اليقظة أسوء من نظيرتها.
تغدو كل الأزمنة وكل الأمكنة متشابهة وسامّة لك، تفتح وسائل التواصل وتبحث فيها عما يمكن أن يسكن ألم روحك. لكن سرعان ما تكتشف أن الزعاف يقطر منها.
ترى نفسك أسيراً لليأس وحبيساً للسواد، تود التحرر ولا تعرف كيف، تبحث عن وسيلة ولا تجدها. تصغي إلى نفسك فيما إذا كانت تشتهي شيئاً. شيئاً شهياً مثل شراب أو طعام. أو جميلاً مثل لباس أو أداة، أو رائعاً مثل رحلةٍ أو سفرٍ أو قراءةٍ. فترد عليك بالنفي.
ثم تعود وتسألها فيما إذا كانت تشتاق إلى صديق أو رفيق أو حبيب، فتجيب بالرفض. هنا تحتار. تحتار ماذا تفعل، ولا تجد إلا في الانزواء مأوىً.
وكل ما تشتهيه هو البكاء. فتبكي دون أن تعرف على ماذا. إنما لو أصغيت جيداً إلى الصوت النابع من أعماقك. لأدركت أنك تبكي على شيء مستحيل.
تبكي على طفولتك
تبكي لأنك تشتاق إلى حضن أمك.
ذلك الربيع الممهور بالحب والحنان.
ولا تستطيع الوصول إليه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أصدرت منشورات رامينا في لندن حديثاً المجموعة القصصية “تبغ الفجر” الشاعر السوري الكردي علي جازو، في كتاب يضم اثنتين وعشرين قصة قصيرة تتنوع بين النصوص اليومية المكثفة والمقاطع التأملية ذات الطابع الشعري والفلسفي.

تتّسم قصص المجموعة بأسلوب سرديّ دقيق، يبتعد عن الزخرفة اللغوية ويميل إلى الكتابة من الداخل. الشخصيات تتحدّث من دواخلها لا من مواقفها، وتُركّز…

خوشناف سليمان ديبو

 

يُعد الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي من أبرز وأعظم الروائيين في تاريخ الأدب العالمي. فقد أدرِجت معظم أعماله ضمن قوائم أفضل وأهم الإبداعات الأدبية وأكثرها عبقرية. وتكمن أعظم ميزات أدبه في قدرته الفذة على سبر أغوار النفس البشرية، وتحليل خفاياها ودوافعها العميقة. قراءة رواياته ليست مجرد متعة سردية، بل رحلة فكرية وروحية تُلهم…

غريب ملا زلال

شيخو مارس البورتريه وأتقن نقله، بل كاد يؤرخ به كسيرة ذاتية لأصحابه. لكن روح الفنان التي كانت تنبض فيه وتوقظه على امتداد الطريق، أيقظته أنه سيكون ضحية إذا اكتفى بذلك، ولن يكون أكثر من رسام جيد. هذه الروح دفعته للتمرد على نفسه، فأسرع إلى عبوات ألوانه ليفرغها على قماشه…

فواز عبدي

 

كانت شمس نوروز تنثر ضوءها على ربوع قرية “علي فرو”، تنبض الأرض بحياةٍ جديدة، ويغمر الناسَ فرحٌ وحنين لا يشبهان سواهما.

كنا مجموعة من الأصدقاء نتمشى بين الخُضرة التي تغسل الهضاب، نضحك، نغني، ونحتفل كما يليق بعيدٍ انتظرناه طويلاً… عيدٍ يعلن الربيع ويوقظ في ذاكرتنا مطرقة “كاوى” التي حطّمت الظلم، ورسمت لنا شمساً لا تغيب.

مررنا…