عن مجلة سورمي ال….

زاوية يومية بقلم الشاعر إبراهيم حسو

 في الوقت الذي كنّا نصدر العدد “الثاني والثالث” من مجلة (سورمي) الثقافية ونتباهى بهذا الإصدار الحرائقي قدّام جيل كامل من القراء المراهقين السياسيين في مدينة صغيرة مثل قامشلي لا تعرف أصول الحداثة و لا تعترف بها, ولا بالقصيدة النثرية أو العمودية, ولا بشيء اسمه الإبداع الإنساني, بالمقابل كان هناك أناس آخرين جاؤونا من آخر دنيا الثقافة الكردية وهم يقولون في أنفسهم بأنهم (حماة التراث الكردي الشريف), يتهموننا بأننا جيل الفانتازيا والعبث واللامسؤولية, وأن ما نكتبه اليوم وننشره في مجلة (عربية) قلباً وقالباً ليس سوى ثرثرة كلامية فارغة لا طعم لها ولا لون وأن مستقبل هذه الكتابة الثرثراتية هو حتماً برميل الزبالة, ولكن بالمقابل كان هناك من يعيش بيننا ويقرأ لنا بصمت وخفاء ويقول في نفسه:
إن هذه الكتابة بلا جدوى و لا تعبّر عن الحالة القومية للشعب الكردي الناهض من ويلات الحروب الأهلية, وإن معظم هذه القصائد المكتوبة بالعربية لا تعبّر عن الشعرية الكردية وبالتحديد (القضية الكردية) التي يجب على الشاعر الكردي والفنان الكردي والمبدع الكردي النضال من اجلها و بشتى الوسائل والإمكانيات الإبداعية.
 وكنا نقول: إن هؤلاء المتعطشون للقومية و الذين يتكاثرون حولنا يوماً بعد آخر ما زالوا يعيشون في  ظلال روايات (مم وزين) الخيالية, وإن الرومانسية الكردية ليست في هذه الروايات المتخيلة, وحتى أشعار جكرخوين لم تكن سوى أغاني قومية يصعب وصفها شعراً كردياً خالصا, ونعرف أن هؤلاء ربما ينطلقون من حرصهم الكبير على أن تكون قضية كردستان العظمى هي الهم والقضية التي يجب على المبدع الكردي النضال من اجلها والعمل على أن تكون المرجعية الفكرية الثابتة لكل كتابة إبداعية.
كنّا نصدر الأعداد الأولى من سورمي ونحن منتشين بفكرة جميلة جداً وهي أن نكون ضمن أبطال الثقافة الكردية, هؤلاء الأبطال الذين لم يناضلوا أبداً إلا وهم حاملون ضلال هذه الثقافة وعدم جدواها.
 كنا نشك في فعلية الثقافة الكردية لأنها أخرجت أبطالاً مشكوكين فيهم, أساساً ليس هناك أبطال في الثقافات إنما منهزمون وضحايا ومشلولون, هؤلاء أبطال الثقافة الكردية المنخورة حتى العظم.
هل كانت (سورمي) ستكون ضمن ضحايا وعاهات هذه الثقافة التي لا ينجو منها أحد حتى البعيدون عنها بآلاف الأفكار؟, وهل كانت هذه المجلة ستكون محاطة بأبطال جدد يريدون أن يجمّلوا هذه الثقافة ويحمّلوها وزر المجلات “الكردية” الأخرى المتوقفة طوعاً وليس لأسباب سياسية كما يدّعون.
 وإن كنّا هنا نسيء للثقافة الكردية كما يقول بعض مهزوميها فأننا نحاول على قدر المستطاع أن نجرف المخيلة الكردية إلى ما هو إبداعي صرف, ننظر إلى المستقبل, نعمل له, نحيا من اجله, و.. و.. ونضحك عليه.  
ahisso@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

“إن لم تجدني بداخلك، فإنك لن تجدني أبداً”
قول قاله جلال الدين الرومي، تذكرته وأنا أطوف بين أعمال التشكيلي رشيد حسو، بل أحسست أن أعماله تلك تخاطبني بهذه الجملة، وكأنها تقول لي: التفت إلى دواخلك فأنا هناك، وإذا أردت أن تقرأني جيداً اقرأ ما في…

فراس حج محمد| فلسطين

تعالَيْ
متّعي كُلّي بأعضائكْ
من أسفل الرأس حتّى رَفعة القدمينْ
تعالَيْ
واكتبي سطرينِ في جسدي
لأقرأ في كتابكِ روعة الفنَّيْنْ
تعالَيْ
واشعلي حطبي على شمع تلألأ
في أعالي “الوهدتين”
تعالَيْ
يا ملاكاً صافياً صُبّ في كأس امتلاء “الرعشتينْ”
تعالَيْ
كي أؤلّف أغنياتي منهجاً لكلّ مَنْ عزف الهدايةَ

في نضوج “الزهرتينْ”
تعالَيْ

كيْ أقول لكلّ خلق اللهْ:
“هذا ابتداع الخلقِ ما أحلاهْ!
في انتشائك شهوة في موجتينْ”
تعالَيْ
مُهْرة مجنونة الإيقاعِ
هادئة عند…

“في الطريق إلى نفسي” هو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكردي السوري لقمان محمود، وقد صدر حديثًا عن دار 49 بوكس في السويد. في هذا الديوان يكتب الشاعر قصائده بخبرة شعرية واضحة المعالم، بما تملكه من حساسية الرؤية وخصوصية الالتقاط والتصوير والتعبير. فالشاعر شغوف منذ ديوانه الأول “أفراح حزينة” عام 1990، بشدة التكثيف اللغوي وحِدَّة…

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…