قتلُ الجياد الكردية «عن محمد اوزون، عنه أيضاً» 2/3

 ابراهيم محمود

هذه الكتابات/ القنوات ، وبثّياتها:
كثيرة، كثيرة هي الكتابات التي تعرضت لمحمد اوزون، قليلة، قليلة بالمقابل، هي الكتابات التي تناولته/ استشرفته معرفياً، وكما يكون وضوحٌ ما، لمن يُبحَث في أمره الأدبي، من زاوية ما، في اتجاه ما، من قبل سواه، فتكون العلاقة هذه، في حسن جوارها النقدي- الأدبي، مؤكّدة لاسمها.
 بين الإشارتين: الأولى والثانية، يكون تنامي اختلافٍ وخلاف، فيما يمكن التوقف عنده، إذ يتنوع اوزون، مثلما يتعدد بأطيافه، يكون اوزون الضبابي، اوزون، الطيفي، اوزون…ماذا؟، الخالي من كينونته؟ المنتظِر لمن يقيم معه صداقة ثقافية، أدبية، خصومة تَستثمر المُتاح النقدي هنا؟ لأن في وسع أي كان أن يكون هكذا، من ناحية إنشائيات، تداخل في نطاق الزج العاطفي بالذات، اوزون المتوزع بين اسمه المسموع، واسمه المتشكل، أو الموضوع كتابياً، اوزون،هذا الذي ينتظر كاتبه كثيراً، مثلما أن ثمة كتاَّباً، يحاولون البحث أو السؤال المعرفي عنه، التعرف إليه مبدعاً كردياً .

ماذا وراء هذا التقديم الفرعي؟
لأن ثمة ما يتقدمه، يتطلب مقاربة نقدية، تلك التي تزيح الستار، عما يجري من خلط وخبط في الكتابة باعتبارها يداً مرفوعة، وليس أكثر من يد مرفوعة، ويداً موصولة بقلب، وفي جسد نابض.
من هم الذين كتبوا عن محمد اوزون، كما تكون الكتابة الاستحقاقية؟ لا أحد، لا أحد، لا أحد!
أحدد، في اللا أحدية القطعية هذه،إذ أشددعلى الذين يعتبرون الكردية أدباً ونقداً حمِى لهم، وهاهُم، في هم (ها وها وها!!)، في منحى المماطلة، والعجزعن سداد الدَّين المترتَّب أدبياً وقيمياً؟!
تأتي الكتابة من كونها، اكتشاف الآخر، هل تم اكتشاف اوزون، هل تم الخوض في حمى البحث عنه، وهو الذي يجري تقديمه الآن، بمثل هذه (الزعامة: الفتوََنية في الأدب والثقافة الكرديين)؟ أم أن هذا البحث الحمَّاوي، قد خلط الكثير من الأوراق مع بعضها بعضاً، ليس لأن الذي كتب، لا يستحق اسمه، وإنما لأن اسم اوزون الموصول بالكاتب المعني، لم يتعد حروفه الأولى، بقي اللقب دون البحث في بنيته. في عمومية القول، تتميع خاصية الكلمة، يجري تتويه كل من محرك الحدث الكتابي، والقارىء معاً، هل بان نجمه ، كما يجب، وكما يُعرَّف به، في سمائه الكردية؟ مجدداً، أقول لا، وأؤكد على هذه الـ(لائية)، أولاُ، لأن هذه الهبَّة الكتابية بالقدر الذي ألمحت إلى وجود تلك النفحة الوجدانية والوجدية الممهورة بحب اوزوني، فيما أثمرته مسيرته الحياتية والكتابية،على أن ثمة تقديراً شعبياً لـ” ابن الأدب البار” هنا، فإن هذه الهبة ذاتها، كانت صدمة للوعي التاريخي الكردي الهش، وغير المتراص، لأن أاوزون المعرَّف به، كان في حالة غياب كثيرة، على الصعيد الكتابي والثقافي، ولأن، وهذا هو الأهم، لأن غالبية الذين يعنون بشئون الكتابة، لم يشئوا الكتابة عنه، وفيما كتبه، إلا لماماً، والأكثر من هذا وذاك، لأن المعتبَرين رموز الأدب كردياً،كما أسلفت، وكما سأعيد العبارة هذه كثيراً، لسبب لا يُخفى بعدها الدلالي، حيث لم يتقدم أي منهم، بكتابة تلفت النظر، وفي الإطار المعلوم، كتابةً نقدية، تؤكد صدق النوايا الأدبية، وأن موته الذي يطوي أيامه، حتى الآن، يشهد على وضع بَوري (بوار) في الكتابة الفعلية.
إنني أشدد على قاعدة :الروائيون أولى بالروائيين، وأن نقاد الأدب، ولكي يؤكدوا نفاذ فعلهم النقدي، ومراسهم في النقد الواسع المدى، ليس أمامهم سوى الرواية، وما يحيط بالرواية من دلالات كتابية حافة، ما يبقى منظوراً دائراً في مدارها النجمي قيمةً، وليس إلاالرواية، لأنها تختبرالناقد في مختلف فنون القول، سواء من خلال اختياراللفظة المناسبة، أوالدالة، أوالعبارة الأكثر سبرية، أو اكتشاف الناقد لحقيقة قدراتية في المناورة الأدبية، والفتح الكشفي فكرياً، أو بالامتاح من كل ما ادَّخرته ذاكرته من معلومات، والاستفادة منها، في مجاله المذكور، وما في الممارسة النقدية هذه، من مرونة، ونفَس طويل، ومقدرة على مقاربة روح الكاتب الأدبية. لكن ثانية، لا شيء،لا شيء، لا شيء، من كل ذلك، يستحق التنويه كحضور نقدي روائي كردي هنا !
لذا أسأل وأتساءل :أليس عدم وجود كتابات لروائيين كرد، ونقادهم من أهل اللغة الأم ، عبر صمتٍ رسالةٍ، يكشف عن هذا التواطؤ مع اللا أدب، وحتى بالنسبة لمعنيين بالكتابة الفكرية كذلك، إذ انتفت كتابات تشكل عزاء للروح الكردية، ولأهل الحرف، لأن الذين كتبوا، ودون تهميش قيمة كتاباتهم، على الإطلاق هنا، كانوا يتحسرون على موته، أما أُولو أمر الكتابة، كما همُو أولى أمر السياسة، ، الزعامات، الصالونات المغلقة، كما يسمون أنفسهم، فهم قد ظلوا بعيدين،أو مقصيين أنفسهم بأنفسهم عن ذلك، أما عن الذين  دخلوا هذا المعبر،وعرفوا بأسمائهم فلهم وضع مختلف.
سأشير إلى بعض الأمثلة الملموسة:
في العدد التاسع، والمعتبر حديثاً، من مجلة ” حجلنامه” والخاص بالرواية الكردية، وهي تصدر بالعربية، تعلَّق القسم الثاني بالروائي الراحل محمد اوزون، كان ثمة طائفة من المواد الخاصة به، ولكن لا مادة إطلاقاً عنه. إن كل المواد التي اشتملت على اسم اوزون، وما يعنيه، جيء بها، من منابر ثقافية أخرى: مواد مترجمة عن الإنكليزية( مادة له، ولقاء معه)، شهادة عنه، لمترجم روايته (يوم من أيام عڤدالي زينكي) محمد نور الحسيني، والتي صدرت ترجمتها العربية سنة 1993، شهادة ذات الرواية، بعد مضي هااتيك السنوات( أربعة عشر عاماً، تماماً)، ومن ثم نشر الفصل الأخير من تلك الرواية، ليكون السؤال الجدير بالطرح: ما ضرورة نشر ذلك الفصل الطويل نسبياً؟ أما كان جديراً، في أن يُنشر – ولو- فصل، أو أقله، من عمل أدبي آخر له؟ أما كان ممكناً أن تُقدَّم رؤية نقدية عن جانب ما،يخصه راهناً، وهو على الحافة الأقصى لعتبة الحياة،  بسبب مرضه المعلوم؟ إن التذرع بالمسوغات، في غير محله أبداً، وأن لا بد من التوقف عند أسباب أخرى، تخص ذات الموقف السلبي اللا أدبي، واللا نقدي تماماً لصاحب المجلة محمد عفيف الحسيني، ومن يهادن خط التواصل المقطوع،لأسباب مشيخية المضمون تماماً، وما كان في الإمكان تجاهل قامة أدبية، وروائية مثل اوزون، فكان البحث عن قديم، في مطمورة الذاكرة، ذرأ للرماد الأدبي المتبقي في عيون القارىء الكردي الرمداء، بالطريقة الفاجعية تلك، فاجعة من يعرف المشيخية الموسومة، ويتكتم على أمرها، وقصوراً مشكوكاً في أمرالمعني، من جهة المترجم، ولتكون ذات الشهادة، مناسبة لمناسبة مباغتة، مادة منشورة هنا وهناك، كما لو أنها حديثة العهد (كما هو/ هي الحال في أعداد أخرى إعداداً وإمداداً، كمتتبّع لظواهر من هذا النوع)، ليكون بالتالي، بمثابة المشاركة الفعلية فيما جرى عقب رحيله مباشرة، وحتى بالنسبة لابن عمه الآخر، الأخ لصاحب المجلة، حيث نشر مادته المترجمة عن الانكليزية، إلى العربية، في أكثر من موقع كردي، ضمان وفاء فورياً، مثلما هو ضمان ولاء حصرياً للامسكوت عنه مسلكياً ضمناً، وهي منشورة في ذات العدد المذكور من المجلة، كما لو أن جعبة الكاتب والشاعر والمترجم الكردي ذاك، قد خلت من كل إمكانية تقديم مادة أخرى، تخص الحدث اللاعادي!!.
وفي الوقت ذاته، فإن الكاتب دحام عبدالفتاح، الذي رد على محمد عفيف الحسيني، بصدد نقاط كثيرة، تعنيه ذات يوم ماض، مسجَّل، ولأنه من ذات المكان:البلدة،يبدو أنه آل على نفسه، في أن يساير ابن بلده، في موقفه المشيخي السالف الذكر، بمشيخة مستعارة، أو مجتباة، كما لو أنه تراجع عن نقده له، إثر تداعيات كثيرة،لا مجال لذكرها الآن( يعرفها “العامودي” جيداً)، حيث لم يفض فوه عن حرف، يشير إلى أنه بالفعل، مهتم بالأدب الكردي ورموزه المختلفة، وفي وضع مأسوي،أو وجداني ،من هذا النوع، لأنه رأى “سرب” الصامتين و” الشامتين”أكبر هنا 10.
إن ما هو ممكن قراءته، فيما يخص الراحل، هو الذي يشكل مدماكاً في هذا المجال، وربما كان مقال رزو أوسي الموسوم، المقال الأكثر طولاً، في التعرض لنتاجٍ اوزوني، في هبَّة عارضة.
كما يمكن الإشارة في هذا المنحى- أيضاً- ، إلى أن ما نشره الكاتب دلورميقري بالعربية، في مقاله الموسوم (محمد أوزون: كاتب كردي على أبواب العالم)،في أكثر من موقع الكتروني (رزكار، إيلاف ..الخ)،في مطلع صيف 2006، يشكل مادة معتبَرة هنا، ولكنها لا تعدو أن تكون ذكرياتية، انطباعية، حيث لم تتعرض لأي شأن أدبي له، مباشر طبعاً، رغم فخامة العنوان !
 وحديثاً، فإن ما نشره الكاتب اللبناني اسكندر حبش11، إثر رحيل اوزون بأيام، سواء كمقال، أو كترجمة لمقال له، عن الفرنسية، تحت اسم (الصفعة)،في موقع     ( كيكاه) الالكتروني بدوره، يشكل مساهمة اعتبارية جميلة، من كاتب يهتم بالآخر، إذ أن مقاله، وكذلك نصه المترجَم، يتضمنان نقاطاً أثيرة، تنير عالم الكاتب الكردي الكبير، وعليه أؤكد، أن (الصفعة) المترجمة، صفعة موجَّهة إلى الكردي الكسول، رغم استعراضية الجسد الأدبي المحمول فيه هنا وهناك!
إن الاهتمام الشفوي، وفي بعض الحالات، وكذلك التأكيد الاعتباري على مكانته، وذكر أعماله، لا يعني أن المشار إليه هو مقروء فعلاً، إذ لا بد من قراءة فعلية لأعماله هذه 12.

مقروء الآخرين:
قلة هم الذين تعرضوا لما كتبه أاوزون( في حدود متابعتي له)، إثر وفاته بالضبط، وجاءت كتاباتهم متنوعة، كما في حال (درويش محمى، حسين كارتال، ف. دلكش، كايا إيزول، عسكربوييك…الخ)، إذ، وكما ذكرت، كان للجانب العاطفي والوجداني الانطباعي العام ختمه الأبرز، في أتم تدوينه، وبدرجات متفاوتة، من جهة القرب أو البعد منه أو عنه13. ويمكن أن أشير إلى مثاليين مهمين هنا، وهما متكاملان في النهاية، حيث الأول منهما يتعلق بثلاث روايات له، هي ( بثر القدر، موت مقدام، زهر الرمان)، إضافة إلى حوارلاحق ومتصل، يعمّق صورة الكتابة الروائية( استفدت من هذا الحوار كثيراً في مقاربة أحوال اوزونية ثقافية أو أدبية: روائية، معاً، كما سيتضح هذا فيما بعد)، وموقف الكاتب مما يكتب ، وذلك عن طريق كاتبين عرفاه وكانا قريبين منه، كما هو مذكور بدايةً، هما       ( Gabar çiyan- Merhem Yigîd)، وذلك بأسلوب واضح، لكنه يفصح عن الكثير مما يعاني ويميز الراحل اوزون14.
بعد التقديم للكاتبين، وبالراحل، تأتي المقدمة، وتبيان السبب في الكتابة هذه. ولا أظن أن السبب غائب عن ذهن أي معني بشئون الكتابة والنقد. إذ تأتي الكتابة بصيغة المتكلم المفرد، هكذا:
( لدي الكثير مما أقوله عن ” بئر القدر”. قرأت الرواية هذه مرتين، المرة الأولى، سنةَ نشرها، والأخرى العام الفائت، كنا فريقاً، من الكتاب والأدباء في المعهد الكردي باستوكهولم، وعلى مدى سنة، أو سنة ونصف، تناقشنا فيما بيننا حول الروايات الكردية. و” بئر القدر” كانت من بين هذه الروايات) .
ثم يتحدث عن البنية التاريخية والدلالية للرواية، إنها رواية سِيرية، تتعلق بمجرى حياة الأمير جلادت بدرخان، وهي مسرودة بقالب أدبي، منذ بداية حياته في ستانبول، سنة 1893، حتى رحيله الأبدي ( 20 تموز، سنة1951) . الرواية مؤثرة بتداعياتها، ومناخاتها الأدبية، رغم ارتباطها بسيرة حياة شخصية، ولكن قدرة الروائي على الانفتاح، وأرشفة بيئات متعددة في ذاكرته ونفسه، منحتا الرواية عالماً من المفاعل القيمي الجمالي النافذ. فهي رواية كردي، عن كردي، وليس أي كردي، كما تم ذكره، روية شعب من خلاله، روحه، والبطولة مسندة إليه، لهذا تكمن أهميتها في منحاها التاريخي المتوجه إلى الأمام، وبالتالي الرمزي،
وكون التقنية التي انبنت بها الرواية، في السرد والتصوير وتوظيف التاريخ، والمزج بين الواقعي والخالي، وطلاقة الشخصية، رغم اعتبارها حقيقية، وما يمكن استخلاصه من الرواية، كون التقنية هذه، كانت محكمة، في حدود المقروء الأدبي، لهذا،لا بد من الاهتمام بها، لأنها تبصّرنا بالطريق الذي يمكن من خلالها( أن نتذكر أعلامنا ومثقفينا، وليظلوا في ذاكرتنا باستمرار).
أما روايته الأخرى والقصيرة (موت مقدام)، فهي أسطورة، تحتضن (حياة مقاتل من أجل الحرية فرهاد اوزون)، وينساب السرد الروائي في هذا المجال، حيث استثارة النخوة في وضع خاص، يدركه الكردي، تشكل علامة فارقة في الرواية، كما هو الوارد على لسان بطله ( أيها الرفاق،لا تنسوا، أننا خمسة آلاف قلب، خمسة آلاف ملحمة،تترنمها الشفاه، خمسة ألاف أسطورة على الورق، خمسة آلاف نجمة، أنوار الكرد).
لتأتي النتيجة، وكموقف من الرواية هذه، هكذا (هذه الأسطورة القيّمة، في مجال الأسطورة، هي الأولى، بارزة بما فيه الكفاية. مؤلَفه القيّم، في أربعين صفحة، حيث صدرت في ستوكهولم، سنة 1993، ومن منشورات ولات).
أما روايته الثالثة، والتي يُتعرَّض لها بالنقد، فهي (زهر الرمان)، حيث التجريب في الكتابة، هنا، يأتي مختلفاً، لأن الحديث يتركز على عالم الذات، عالم الطفولة، وما بعد، (إذ إن اوزون ، يبدأ من طفولته. عندما يأخذ بنا  نحو عالمه، بصحبة عزف أبيه وجده، أسفل أشجار زهر الرمان الأحمر، والنجوم التي في السماء،وحكايات جدته )، ثم تتالي حيثيات حياته فيما بعد .
ولعل الحوار الذي أعقب الكتابة عن أعماله الأدبية الثلاثة، وباختصار نسبياً، يبرز الجانب الإبداعي والتاريخي، والعشق الملموس للغة وتفاعلاتها المكانية، مثلما أنه يظهر الكثير مما يحتاجه الناقد إذا ما أراد أن يتعمق أكثر في عالم الروائي، وطريقة تعرضه لرموزه الأدبية.
من جهة أخرى، فإن مناسبة هذا المبحث النقدي والتذكاري، له ما يبرره، سواء من ناحية التأكيد على فاعلية الدور التاريخي، عدا الرمزي والجمالي، لأعمال اوزون الأدبية: الروائية حصراً، وقبل كل شيء، دون نسيان القيمة التاريخية والكفاحية الشخصية للكاتب، أو فوَران الذات من الداخل، إث معايشة حدث ماض، وهو حيٌّ داخلاً، ولهذا، فإن توقفاً عند هذه النقطة، إذا يلتقي فيها اوزون الكاتب الروائي، واوزون التاريخ والمجتمع، يوسّع حدود العلاقة الأدبية للكاتب، ينمَيه .
وإذا كان الموضوع الاجتهادي : النقدي التذكاري السالف الذكر، والأول يمنح القارىء الأدبي، بعداً أكثر إضاءة قيمة، وهو يحاول الإحاطة بما اوزوني، فإن ثمة مسألة أخرى، لا أظن، أن هناك من حاول التعرض لها، إذ إن كاتباً، يتلمس في السياسة، بمثابة منصة إطلاق الأدبي، في سماء الإبداع الأدبي والاجتماعي، والدخول في ذاكرة الشعب، وهو ابراهيم كوجلوÎbrahîm  GUÇLu  14، ولهذا فإن سبراً أدبياً ونقدياً لهذا الموضوع/ المسألة، يعمق أدبية الأدب ووجه المعتقد فيه  وفي الراهن الكردي الشائك، وهذه تشكل محتوى الموقف الثاني، 15.

يشير كوجلو، بداية إلى المصاب الكردي الجلل، برحيل كاتبين كرديين، في فترتين زمنيتين متقاربتين، هما : نظيف تَلّكي، ومحمد اوزون، من بعده، حيث كان للاثنين حضور مؤثر كردياً، وقد تخرجا من ذات المدرسة السياسية : التحرر، ورحلا باكراً، إذ الأول كان عمره خمسين عاماً،والثاني، كما هو معروف، أربعة وخمسين عاماً. وبالنسبة لاوزون، فقد تأكدت مكانته، من خلال عشرات الألوف الذين شاركوا في تشييع جنازته، وأنه بذلك باق في قلوب بني  قومه.
ويشيرإلى طبيعة التعامل معه، من ناحية كتاباته، حيث بدأ الاهتمام به، إثر مرضه، خارج الوطن، وداخله، مثلما كان الاهتمام به بعد رحيله، من أجل حياته، وعالمه الأدبي. لقد احتضنته كردستان كاملة، لحظة دفنه.
هذه المقدمة، وهي تختصر أفكاراً فرعية كثيرة، في مقاله الطويل نسبياً عنه، تبدو جلية بميسمها الوجداني والإنساني، وثمئذ، ينحرف المسار، ليتخذ المسلك المرسوم منذ البداية، وكما هو ملموس، خصوصاً، وأن المقال مأخوذ بنظرة السياسي،وقيمومتها على الأدب والثقافة عموماً.
لنورد ما قيل في هذا المنحى، وعلى لسان الكاتب بالذات، أي كوجلو :
( محمد اوزون، أوصى، على أن يتحدث كل من يشار كمال، وشرف الدين ألجي، وأحمد تركي من أجله (لحظة رحيله، إثردفنه- توضيح من عندي: ا.م)، وقد تكلم يشار كمال وأحمد تركي بالتركية، أما شرف الدين ألجي ورئيس بلدية آمد أوضمان بايدمير فبالكردية. هم بدورهم ذكروا ما هو مؤثرفي كلماتهم. في مشهد تشييع الجنازة هذه، من جهة شيخموس ديكن، كان يشار كمال، قد أُعلِن . في مقام الأب لمحمد اوزون، والكرد. محمد اوزون الذي كان يرى يشار كمال قريباً منه، في هذا المستوى، ولا شيء دون أساس. لكن إعلان أبوة يشار كمال للكرد غبن في حق الكرد وتقليل من شأنهم.
وأنا بدوري، في بداية حفل تشييع جنازة محمد اوزون، وجدتها فرصة، عندما حُمِل جثمانه من المشفى إلى الجامع، لأن أتفوه ببضع كلمات، ولو أنني نطقت،فإنني كنت أرغب في أن أشكو بوصية محمد اوزون، السياسيين والكتاب الكرد ، إلى زعماء كردستان: شيخ عبيدالله النهري، الشيخ سعيد بيراني، سيد رضا ديرسم،قاضي محمد مهاباد، ملا مصطفى برَزاني، د. قاسملو، العم أوضمان صبري، ملا جزيري، جكرخوين، قدري جان ..الخ)، حيث أنهم لا يمارسون السياسة بالكردية،ولا يسطّرون كتبهم بالكردية، وللأسف الشديد جداً، فإن محمد اوزون ، من جهته، قد أعطى فتوى، بموقف وصيته، للذين يتكلمون من أجله، بحيث أن السياسيين والأدباء في شمال كردستان كذلك، بوسعهم التحدث بالتركية، بلسان الكولونيالية، يمكنهم تحقيق ما
يريدونه وتدبيره).
كيف هو النظر إلى اوزون، كيف التفريق، بين اوزون الأديب، واوزون السياسي، ماالذي دفع بالبعض إلى أن يختلفوا عليه، ومن خلاله بالذات، أي عتبة رؤية، تمكّن من مكاشفته أكثر؟
ثمة خلاف حول شخصية اوزون، ربما فجَّرها اوزون نفسه، دون أن يكون السبب المباشر فيه، لأنه وقتها كان منتقلاً إلى العالم الآخر، الذي لا رجعة عنه، وهو يشكل محور فكرة مقال كوجلو:
في فترة صحته، وبعد رحيله، تم التعرض عامة، إلى جانبه الأدبي، وإهمال السياسي!
من هنا، كانت، أو جاءت انطلاقته، ومن هنا كان سعيه إلى إضاءة عالم اوزون المتكامل !
( قسم تعرَّض له بوعي، وآخر تعرض له دونه )!
وموقف الكاتب من ذلك ؟ (بالتأكيد كان موقف أوزون مبرراً ليحدث ما حدث جهاراً، لذا، فإن محمد اوزون، بعد فترة…)، يقول الكاتب هنا، مشيراً إلى مسيرة أدبية سياسية لاوزون، وكيف تم تشديد موقف اوزون الذاتي، من وجهة نظر كوجلو، على الأدبي فيه (أراد نسيان جانبه السياسي، وكان له في ذلك أسبابه)، يشير إلى هذه النقطة بقوله ( أراد أن يكون الكاتب محايداً، مستقلاً، دون أخذ العلم على أن الكاتب لا بد أن يكون له موقفه السياسي).
وليشدد هو بدوره، على ما يريد البقاء في مضماره (في بلد كولونياني” مستعمَر، متخلف” ثمة موقف سياسي رئيس للكتَّاب)، ومن ثم ( لا بد أن نعرف جيداً على أنه في طريق الحرية وتحرر الشعب الكردي وكردستان، يبقى لما هو سياسي وكفاحي: الترتيب الأول)، وهذا ما يجب أن يبرز بالنسبة للقومية الكردية، أي في إطارها في الكتابة.
ما الذي حفَّز كوجلو، في أن يتصرف بالطريقة اليقينية هذه ؟
( اوزون كان رجلاً سياسياً،وابتدأ نشاطه بالسياسة، ولولا ذلك لما تمكَّن من أن يكون كاتباً أديباً)، وليضيف ما يشبه العلامة الفارقة، لحقيقة قول يريد التميز به ( وفي كردستان، يمكن القول على أن الكاتب ذا الصيت يعرَف في بداية مشواره بما هو سياسي. جكرخوين هو هكذا)، وهويشير إلى نشاطه السياسي والكفاحي المكثف في الحزب، في سوريا، وهكذا كان أوصمان صبري ونورالدين ظاظا …الخ .
ويرى كوجلو، أن اوزون، وهو منخرط في السلك السياسي، كما تشهد على ذلك، مرحلة حياتية عاشها بوعي، وهو في الوطن، يعمل إلى جانب آخرين، وفي مجلة ( التحرير: رزكاري)، وأنه بسبب ظروف مختلفة، عير السجن والاعتقال المتكرر، والمضايقة، توجَّه نحو الخارج، وهو عندما توجَّه إلى الكتابة كان له موقفه السياسي، من التركية إلى الكردية، وأن ثمة من يعتّم على هذا الجانب السياسي، وهو في النهاية، يشدد على بعض الحقائق :
ولادته، وظروف حياته، في بداية عمره، وتعرضه للظلم والسجن.
مشاركته في العمل السياسي، وفي النشاط السياسي بيده وفكره.
خلافه الذي ظهر، مع كل من ممتاز كوتان، وأورهان كوتان.
كتابته بالتركية، ليتمكن من استمالة اليسار التركي، وأنه عندما بدأ بالكتابة بالكردية، لم يختف تأثير أورهان كوتان في أدبه … !
إنها مجمل النقاط المفصلية التي تظهِر موقف كوجلو ، ليس من اوزون وحده، وهو الكاتب الكبير، وفيه يلتقي السياسي والأدبي، المحلي والعالمي، المعتم والمضاء، وإنما من الكتابة وقضية الكتابة، وماذا يجب عليها أن ترعاه، أن تكون يقظة، حريصة عليه، لتستحق اسمها الفعلي !
إن موضوعاً، من هذا النوع، يستحق التوقف عنده، خصوصاً وأن الراحل الكبير، ترك إشكالاً كبيراً، لا ينتهي( وهذه بداهة لعالم الأمور الكتابية، والنقدية بدقة أكثر) ، ولا يتوقف عنده، وإنما يكون كل كاتب، معنياً بالإجابة عن مضمونه !
 لنُثر النقطة الأولى التي يتمخض عنها مقال خطير ومهم، كالذي ارتأينا، نشر أهم أفكاره؟
إذا كانت القضية الكبرى، والمتعلقة بشعب، ينكَر عليه حضوره التاريخي والإنساني، بعدم الاعتراف به، بداية، من لغته، فإن لِما أشار إليه كوجلو، قيمة الحقيقة التي لا تنكَر أصالتها.
ولكن الموضوع، من أساسه، يبدو معرَّضاً للتحوير:
أولاً، وكما سنرى، بصدد موقف اوزون بالذات، من الآخر، ومن لغته، ومن كونه كردياً، فإن الكاتب، لم يمنح جواز مرور قول، قطعياً، ليكون محط المساءلة القانونية، كما هو وضع كوجلو، باعتباره في الأساس، رجل قانون( محاماة)، وهو ينطلق من النقطة، التي تشرعِن موقفه .
ثانياً، لم ينكر اوزون وجوده، أو لغته، مثلما أنه لم يمنح الآخر (يشار كمال وغيره)، في تمثيله، كما لو أن تمثيلاً من جاب واحد، وبالطريقة المرسومة، يضع الكرة في مرمى الكاتب الراحل .
ثالثاً، إن الذين تصرفوا، إذ تحدثوا بالتركية  من جانب، وبالكردية، من جانب آخر، إنما يمثلون أنفسهم، وإن كان في منطلق قول كهذا، ما يجد تبريره، فيما تميَّز به موقف اوزون، وحماس شيخموس ديكن .
كوجلو، يتألم ككردي، يُضطَهَد، من خلال اللغة الدالة عليه، لهذا، يشدد على ذات الجرح، على ضرورة تقديم أي تبرير، ولو كان واهياً، ليكون أوزون، أو غيره، مجالاً لتمرير، ما يبقي جرح الكردي الكينوني (الوجودي) مفتوحاً وموجعاً كذلك .
 إن ثلاثة أرباع المقال، سعيٌ، في محاولة سحب البساط، إن جاز التعبير، من تحت أقدام كل الذين يريدون إبقاء اوزون الكاتب الأديب المحض ، وليس سواه: أي تجريده مما هو سياسي!
ولعل المقرَّب من الكاتب، يعرف أن ما قاله، أو أورده في مقاله، يشكل صُلب اهتماماته الكتابية واليومية، باعتباره سياسياً قبل كل شيء، وأن الكتابة تكون الترجمة الحية، وربما تعكس مجمل نشاط المرء اليومي، أي لا تعدو الكتابة أن تكون صدى ما هو سياسي للانسان .
تُرى، ألا يمارس كاتب المقال، الخوض في حمأة السياسي، أكثر من الأدبي؟ ألا تقوم كتابته على مفهوم دعوي عقائدي، في الدفع بالآخر نحو (حزام الأمان)، والمقصود بذلك، حزام السياسي الذي به تتحدد شهادة حسن سلوك الكاتب فقط، وما في ذلك من نزع لذاتيته الحرة؟ هل حاول الإشارة إلى جانب من تركة الكاتب الراحل: الأدبي، وكيف أنه، لم يغيّب السياسي، إنما مارس الكتابة كأديب، وأنه، في الممارسة هذه، منح الكتابة بعداً سياسياً، من خلال تصوره للعالم من حوله؟ هل راعى الكاتب حقاً، حدود العلاقة بين السياسي والأدبي فيما تطرَّق إليه نقدياً؟
 إن الربط بين اوزون، وكل من جكرخوين وسواه، فيه إجحاف كبير، بحق التاريخ ومستجداته، مثلما أن إجراء من هذا النوع، تضييق للخناق على الراحل بحكم التاريخ الموجَّه سياسياً:
راهَن كاتب المقال، على جكرخوين الشاعر السياسي، دون أن يشير إلى تأثير السياسي  والحزبي في الكاتب كردياً، وهو ما يمكن تلمسه في مجمل شعر جكرخوين16.
أورد كاتب المقال، اسم الراحل نورالدين ظاظا، ناسياً، أن العته السياسي، لا بل و (فقهاء الظلام) السياسيين الكرد، ومَن وراءهم، أو معهم، دفعوا به، لأن يذهب بعيداً، عن السياسة التحزبية الخرقاء، تلك التي تأذَّى منها كثيراً، ربما، أكثر مما تعرض له، من أذى ، على أيدي رموز السلطة في سوريا بالذات، لأن الوجع المعنوي، رافقه، حتى آخر نفس في حياته، وهو في منفاه، وعدم مراعاة هذه الحيثيات، لا يَتم إيضاحاً بمنطق المعلومة الناقصة أحياناً، وإنما بمنطق المعلومة الملغومة، تلك التي تمارس تعتيماً على الحقيقة، ومعرفتها في مكوناتها الفعلية واقعاً!
 وأن النظر إلى اوزون، بالطريقة المزجية، والمماثلة، تجريد له من تاريخ متحوَّل فيه، وكون اوزون، كان أكثر من اعتباره كاتباً، أديباً، جعل من التاريخ الكردي مجالاً رحباً، ليستلهم منه، روائعه: فجائعه المؤثرة أدبياً، من خلال رموز السياسة الكردية، كما في رواية (بثر القدر)، التي تدور حول حياة جلادت بدرخان، و( ظل العشق)، تلك التي تتمحور حول شخصية الكبير ممدوح سليم، وأن (رواية( يوم من أيام عڤدالي زينكي)، هي رواية رموز فن وتاريخ سياسي واجتماعي كردية، وهكذا بالنسبة لرواية (أنت) وكذلك الأمر مع روايته الملحمية (صرخة دجلة)، ففي كل قراءة ثمة قراءة مركَّبة، لما هو أدبي ولما هو سياسي، لا بل إن ما قاله مثلاُ في مقال حديث العهد له، وتحت عنوان  جدير بالمقراءة (اللغة روح البشر والأمم وكرامتهم)، يؤكد ذلك، ومن ضمن ما أورده في مقاله ذاك، هو (يجب علينا ألا نخدع أنفسنا، فعندما لا نحرص على اللغة الكردية، وننسى مسئوليتنا الأخلاقية أيضاً، وندعها تموت، حينها، يكون كل ما نقيوم به، بدءاً من السياسة والآداب، دون روح، وإن لم يكن منزوع الكرامة تماماً كذلك، فإن كرامته ستخف. إن المصيبة الكبرى التي يمكن أن تنزل بالانسان، والوطن، والشعب، هي : ضياع الروح والكرامة ..وعلينا أن نمنع من أن تنزل المصيبة هذه، بإنساننا، ووطننا ، وشعبنا. وإلا سيتملكنا العار، إزاء تعب شهدائنا الجنتيين، ونضالهم، وعرقهم، ودمائهم.) 17.

أين الخلاف والاختلاف إذاًً؟
في الشفافية التي تبدَّى عليها مقال كوجلو، كان ثمة الكثير من الأمور التي يمكن معرفتها، عن طريق المسئول الحزبي الكردي الكبير، والذي كان اوزون، ذات يوم، أواسط سبعينيات القرن المنصرم، يعمل، في عهدته، كما يظهر، ومن خلال مجلة (رزكاري: التحرير) المنبر الرسمي والناطق باسم حزب (رزكار)، وفي الشفافية ذاتها، يكون الخلاف الكبير، عندما يعيد الكاتب اوزون إلى تلك الفترة، كما لو أنه يذكّره، أو يذكَر القارىء، بما يجب عليه أن يعلمه، وهو: لولا ما كان، لما كان ما كان : لولا هذا الانخراط السياسي، لما كان التمايز الأدبي، ويعني ذلك، مدى نفاذ فعل الوصائية الحزبية في المعني، بعدم جواز فطام منقوده اوزون: سياسياً وكتابياً، أوذاتياً !
يبقى الاختلاف محدوداً جداً هنا، رغم كيل المديح للراحل، ولكن التركيزعلى ما هو سياسي، وإطلاق عبارات من نوع المُحكَم، تجرد الكاتب الأديب كثيراً، ممن يميزه إبداعياً، وأكثر من هذا وذاك، وكما مر معنا، إن البقاء والإبقاء في نطاق السياسي، وعدم التذكير كلياً، بأي مثال أدبي، أو بما يحيل اوزون قارئه إليه، من جهة كونه مشبعاً بالسياسة أيضاً، إلى ما يقلل من ذات القيمة المعطاة للراحل بداية،دون الإشارة- ولو الضمنية- إلى أن له نظرته الخاصة به، أنه لم يخرج عن ماضيه السياسي، بالصورة المقررة، وإنما خرج عن ماضيه الحزبي، أن ما ميَّز اوزون، في مجمل ما كتبه، هو أنه سعى إلى قراءة التاريخ الكردي، من وجهة روائي مقروء هنا وهناك.
وأظن أن اوزون، لم يبتعد عن تاريخه، عن حياته اليومية، عن دفق اليومي في عروقه ككينونة كردي، ولا عما كان، ولا عما آل إليه مصيراً، ولكن، يظهر، أن السياسي، أو الذي يأخذه الهم السياسي كثيراً، وخصوصاً، لحظة الدخول في حوار مع آخر، كان وإياه، ذات يوم ، يتحلقان حول طاولة واحدة، ويتواجهان، بذات الهم، وتتكرر لقاءاتهما بحكم العلاقة الوظيفية، أو خلافها، ومن ثم يحدث الاختلاف، أو حتى الخلاف، فيكون السياسي المبادر باستمرار، للتذكير بمناقب الذاكرة المكانية، بالفضائل المثلى، تلك التي جعلت من اوزون الهامشي، اوزون المتن، إنجاز التعبير، وكأن اوزون تطهَّر كلياً من ذاكرته المكانية، المنصوص عليها بما هوسياسي وتحزبي تماماً، واوزون، لم ينسلخ، لا عن لغته، ولا شغبه، ولا أدبه، وإن فيما قاله في وصيته، يستحق المناقشة، إنما، ليس في الدفع بالقول الوصياتي، إلى الواجهة محاكماتياً.
اوزون، كما في أكثر من حوار، وفي الحوار الذي يورده كابارGabar، ثمة بعض مما يمكن التوقف عنده، بقليبه على وجوه الحافلة بالدلالات، أو قراءته، إذ يرجع بالقارىء إلى مكان الطفولة، والعشيرة، وسيرة الجسد المتحول فيه:
( أنا من سوريك Siwerege،أنتمي إلى عشيرة. لقد كانت سويرك والأمكنة التي ترعرعت، كانت في كل تفاصيلها كردية. الحياة المجتمعية كانت كردية، والكردية كانت اللغة الأم، وحدهم كان الإداريون والمأمورون ” المسئولون، الموظفون”، في الدولة، يتحدثون بالتركية، وبعض وجهاء البلدة، كانوا راغبين في التحدث بالتركية،في البلدة كان ثمة أدب مؤثر، وفي حب الوطن موجوداً،
عائلتنا الكبرى، كانت تعرَف بـ” آل برو الطوال birodirêjan”، هؤلاء كانوا فخذا منتمياً إلى
عشيرة المللي، وكانت أوراق رئيس عشيرة المللي ذي الصيت ابراهيم باشا ووثائقه، مخبأة في صندوق مسنينا الكبار، حيث كانت تحفَظ هناك، وكانت هيبة عشيرة المللي معروفة، منذ أيام العثمانيين ولاحقاً، ضد الدولة.
عشيرتنا، ما كانت تضع ثقلها في الأمور السياسية، لكنها كانت متنبهة إلى ما هي مختلفة فيه، لهذا،فإنني في المكان الذي ترعرت فيه، ما كانت تخف شكوكها واتهاماتها إزاء الدولة، ولجانها ولغتها. كان جدي نافخ ناي ماهراً،عندما شاخ، انتقل أثر ذلك إلى أبي، كانت أساطيرنا الأدبية، والتي تشكل ثروة كبرى، تخص عائلتنا، أمي كانت ظاظية، جدتي كانت نحكي حكايات بالظاظية، ولقد كبرت في ظل اللهجتين القويتين: الكرديتين: الكرمانجية، والدّملّية، وحتى يوم بداية عهدي بالمدرسة ، كانت التركية بالنسبة لي، لغة غريبة، وعندما بدأت التعلم في المدرسة، كان كلما تعلمت، كنت أبتعد عن لغتي، عن ثقافتي، عن أدبي، دام ابتعادي حتى سنة 1970، مع بدء اعتقالي وحبسي، في سجن آمد العسكري، وتوقف هناك، إذ في السجن، حيث قويت علاقاتي كثيراً مع المعتقلين الكرد) .
والتأكيد على الوضع العائلي، ومسيرة اللغة، والتفاعل مع الآخرين، من النقاط المفصلية التي يمكن متابعتها، أوملامستها، في مجمل كتاباته، كونها، تسَم عالمه الأدبي: الروائي بقوة.

في رثاء الروائي :
كثير من الرثاء، قليل من نفاذ الرؤية، في النقطة الرئيسة التي يمكن مكاشفتها نوعاً ما، وهي التي أعتبرها حدودية شديدة التوتر، أعني بها، أنها تمارس تأليباً للمشاعر والأحاسيس المألوفة بالجياشة على الذات بالذات، بين طرفي الحدود، حيث تأتي التباينات في الرؤى، بصدد الراحل، ولكن الراحل واحد، وإن اختلفت أسماؤه الرمزية، إذ كثيراً ما يلجأ الرثائي، كما لو أنه بعلن حداداً، يجلب كمَّاً ” ساخناً ” من الكلمات النعوية الطابع، بينما مساحة الرؤية الحدية، تستدعي قدراً كافياً من ضبط النفس، من الابتعاد عما هو حدودي، لكي يُتاح للذات المعنية، في أن تحيط علماً بذاتها، عما يعنيها، بقسط وافر من الكلمات التي تنتشر في مساحة جلية من التعبير الرحب المدى.
وكما ذكرت، في أكثر من مكان، هنا، وفي مباحث أخرى، فإن هذا الإجراء، جلدٌ للذات، إماتتها، قبل أن يكون تنويراً لها، واستشرافاً للجانب الآخرمن الحياة المجهدة، أو المكدودة، والموت الصادم للوعي، والمتطلَّب في تدشين العلاقة السوية مع الآخر، وخصوصاً، حين يكون هذا، اسماً يجلوه مسماه قيمةً، ولا أظن أن تدشين العلاقة السوية، تقوم على نزف مشاعر، واستنزاف ذات المراد إبلاغه، أو إعلامه، بما يجري، لأن رحيل الآخر، وطالما أن ثمة إجادة زمكانية محسوبة له، هنا وهناك، وأن استشهاداً مكثفاً، يتبدى، معززاً هذه القيمة الذاتية الحياتية، كما التركة الرمزية المرسومة له، للمهتمين بأمره، هو رحيل يجب أن ينقلب جميلَ حياة، اكتشافاً لذات الحياة، تلك التي توقّد الرؤيا الأدبية، وتبقي الزمن مفتوحاً، لمساحة أضوى مستقبلاً.
هذا يحيل القارىء، إلى الثقافة الارتجالية، والكينونة الارتجالية، والقيمة الارتجالية التي تكون عارضة، رغم كل الاحتفاء الكرنفالي: اللحظي، أو المناسباتي: التأبيني، الأربعيني، السنوي المستعاد، ليستحيل كل راحل، حطباً يُجفَّف باسم الحنين إليه، والتفاخر به، على نار التعظيم والتفخيم، مع شبه نسيان، لبعد الشخصي الذي كان، للمقارنة التي يمكن أن تتم، بين ما كان عليه بؤس الراحل، قهره المحارَب، توجعه اليومي، الذي يؤخَذ تعويذة، لتدشين دزينة من الانفعالات الشعبوية، أو إيلاء الذات المحتفية، والقيمومية، خاصية كربلائية مستعارة، ولكن مع التنويه المضاعف، وهو أن السوط الذاتي، يكون في يد المحتفي بالمناسبة، والجسد المجلود، جسد الراحل، كما هو المعهود في مختلف المناسبات المعلَنة، ومن قبل فولكلوريي الشعبويات.
بالنسبة للراحل، كما هو وضع الذين سبقوه، وأظنه وضع الذين سيأتون من بعده، تكون قاطرة المفارقات الهازَّة للبدن الكردي: الجمعي، المضروب عليه حصار التاريخ الحي، هي المتحركة، وهذا ما يستثير المزيد من الهزء، وليس الدخول في حالة الطقوسية الحدادية.
هنا، أستعيد كتاباً طريفاً( والوضع حدادي)، للإيطالي امبرتو إيكو، يشير إلى تنافر المقامات المشدود إلى بعضها بعضاً، بين وقوع الحال، وتوقع الخلاف، فيكون التهكم الطارىء، إزاء الحاصل، كما لو أنه يتحرك في مجراه الطبيعي، نعم ( إن غباء الآخرين يغيظنا، ولكن الطريقة الوحيدة لعدم الاستجابة له بغباء مقابل، هي أن نصفه ونحن نستمتع بالدقة البالغة لحبكته)18، بمعنى آخر، حين يكون البكاء على الراحل، تمهيداً للمزيد من البكاء، يأتي المفارِق: الضحك، ولكنه الضحك الذي يتبدى في حاضره، وفي مكانه المناسب، وإنما ليلفت النظر، إلى المهدور هنا.
كما قلت، ثمة نصوص عديدة، كتلك التي أشرت إليها، تكون رثائية، ومنها قصيدتان، منشورتان، في موقع( عفرين) الالكتروني، شبه متداخلتين، الأولى لمحسوم أوزر (اوزون شمعة ثقافتنا)، والثانية لبسام مصطفى (واهٍ محمد: وداعاً أخي محمد اوزون). ولسوف أتوقف عند الثانية، وهي الأحدث19، وإن كانت لا تخلو من نزعة( سكابا يا دموع العين سكابا)، وإن تجلت متوشحة ببعض من الحِم الشعري.
ثمة مفارقة كبيرة بين البداية التي تمتد أرخبيلياً في بنيان القصيدة، وهي صريحة بسخطها وعنفها تجاه الواقع المعاش كردياً، كون الشاعر، يمارس مباشرة  تسمية الوقائع، تهنئة بالذخيرة الانفعالية  الحية من المعتبرَين أردياء وفوضويين ومنافقين وتنابلة وسوقيين وأفاكين ومهوبرين، وبحنق واضح السمات، للراحل اوزون، أن اوزون هذا، ارتاح برحيله الأبدي، ليكون التالي بكاء واستبكاء، ولكنه مقبول من خلال هدوئه المشهدي الشعري المعهود:.
واهٍ يا محمد
الليلة ستنام دون آمد
يا محمد!
الرشيق
طلق المحيا
الممشوق
أي محمد!
ألا نم يا أخي
صباحاً ستستيقظ باكراً
الأوراق في انتظارك
الدفتر والقلم يهاتفانك
آمال البؤساء والمقهورين
دون عينيك تعمى آمد
من سينظر إلى آمد عبر نافذة الشتاء
ناعماً ناعماً رويداً رويداً؟
من سيهدهد أحزابها في المهد؟
من سيبكي خلسة، لتضحك أنت ؟
ثمة مخاطبة لذات الراحل، لمعنى مبثوث فيه، يبصره الشاعر، وهو يريد التأكيد على أهميته، وهذا التركيز، يبدو نوعاً من المقايضة الضمنية، وليس العلنية، بين الحالة الأولى، لحظة الرفض للذين أشيرَ إليهم، بكامل الصفات الإشهارية سلباً، حيث التضاد على أشده، وإلا لما جاءت، أو كانت قصيدةٌ بمثل هذا المحيا الجلي القسمات، ثمة مجاز أدبي، مثلما هي إجازة شبه مطلقة، للذين كان عليهم أن يكونوا أكثر مما هو عليه، أن يكونوا في الطرف الآخر، طرف المرمَّز باسمه : اوزون، ووضع واحد مقابل كثيرين، هوعملية دلالية، يكون النوع هو المتمعَّن فيه، وليس الكم، وإلا، ومجدداً، لما كان لاوزون قصيدة تحمل اسمه.
لكن يبدو أن الشاعر ذاته، يعيش انقساماً على الذات، وفي نفسه، من خلال فعل الواجهة الكاشفة والمكشوفة، وهو يسمي من أراد تسميتهم قيمياً، دون التذكير بأسمائهم، وإلا لكان التشهير العياني، ولفقدت القصيدة كل قيمة جمالية أو رمزية لها، حتى في الفقرات التي تبتعد زاوية كاملة عن البداية التي مركزت فصيلَ إعدام الشاعر، في مواجهة لمة محسوبة، مفرّغاً من كل قيمة، تستحق التذكير بها،وفي هذا المنحى ترجمان لواقع ثقافي ونفسي معاً، وربما بنوع من القسوة الكيدية، لا يمكن لها أن ترسو لصق بر أمان، إلا بتعبير تم التقدَّم به، تخلصاً من ضغط نفسي، كما لو أن نوعاً من التطهير، يجسده ممثل مسرحي إغريقي المقام، وهو مسكون بوطأة مأساة، ولكنها مأساة كردية، وفعل التطهير (الكثارسِس)، تعميد لذات مرجوَّة، وخروج من عالم لا يطاق، وما تم التذكير به اوزونياً هو رهان الشاعر، وربما حامل رهانه.
إنه تلوعٌ وتفجع، وعودة إلى الذات المقهورة، وما فيها من صعوبة تمالك النفس، كما تقول الكلمات، من وجهة نظري، في مقاربتي النقدية المختصرة لها هنا، كما لو أن البكاء الصامت، دواء ناجع، لتخفيف حدة التوتر، عزاء الروح للروح، ولكن البكاء الصامت،قهر صائت !.
وليأتي التالي، أكثر انشداداً، تم سفح الكثير من دمعها وطاقتها التوترية، حيث الضحك لا يكون إلا استجابة قهرية بالمقابل، نظير مواجهة ضمنية، مواجه بكاء هنا:

أنت تضحك
الآن،
أنت تضحك
أبصرتَ منزلك
نوم  دون انقطاع
أمام بوابة ماردين،
أمام أرجل طوروس، امتزجتَ بكل هذا التراب وهذه الجبال ؟
وتكون النتيجة أكثر ميلاناً إلى هدوء الرؤية، وعودة إلى الذات القادرة عل تبصرة وضع وجداني، هو ذات الوضع الذي يمكن الشاعر، ومن معه، من أن يكون متواصلاً بالروح الحية أرضياًًّ مع الراحل، ولتكون جمالية الدفق الشعري أكثر ارتقاء:
نعم …
على من سأسفح الدموع الآن
عليك
أم على آمد المحترقة؟
ثمة صحوة ذات، تأنيثها، استشراف الآخر في مدى شاسع، مشهد أضحوي، حين يتلاشى الراحل، وكما هو متصوَّر في المكان الأرضي (الأرض: الأم الكبرى، في ميثولوجيات المنطقة)، ليكون أشبه ببذرة تلقَح الأعماق (رحمها)، وتكون عودة مجازية، يكون الأثر المتخيَّل.
ولكن الخوف يظل رابضاً، كما هو الخوف ممن تم التذكير بهم دلالياً بداية، ويكون القهر نفسه منتشراً في المكان، وبالتالي، تكون العملية، كما لو أن الطقس الجنائزي قد انتهى، لتعود القصيدة بشاعره إلى سابق عهده بمحيطه، رغم جمالية محسوبة في المدوَّن شعراً، بانتظار رمز آخر، مرتقب، أوراحل، يمكن أن يستثير لواعج قهرية من النوع السالف بصورة دورية !
إشارات ” تتمة”:
—————
10- في رد الكاتب دحام عبدالفتاح على محمد عفيف الحسيني، الذي كتب ما كتب في مجلة ” نزوى” العمانية، العدد الثاني عشر، اكتوبر 1997 (للجبل دلالات غير” الريفية” واستوكهولم ليست حوض تعميد)، وهو مقال مستلٌّ انترنتياً، اتهمَ الناقد هنا، الحسيني بأنه غير مطَّلع على روايات اوزون، وأن اوزون كاتب له مقامه الكبير، وهو يسمي روايته المترجمة من قبل محمد نور، ليسميها خطأ لافتاً طبعاً (ليلة من ليالي عڤدالي زينكي)، وإذ أسمي ذلك خطأ لافتاً، وليس عن جهل، فقط لأشير إلى ما يمارَس من قبل البعض هنا وهناك، حول ما يُكتَب، وتبرز كلمة، لا يخطَأ في النظر إليها، بالمقابل، خطأ عارضاً، سهوياً، لكن إرادة التخطئة الدورية تتقدم كل تقدير وارد. ويكون ذات النقد موجهاً إليه: هل اطَّلع دحام حقاً على كتابات اوزونية، وفي مصادرها الكردية، وماذا قدَّم في هذا المضمار؟ ليبعد الشك عن نفسه، باعتبار ما قاله، امتداداً لذات العاهة النفسية، عند لمة ، جمة كبيرة من كتابنا الكرد، في الكردية والعربية وسواهما، ادعائياً في الغالب، عندما يسمي أحدهم كاتباً آخر، في بعض مما يميزه، في عمومياته، تأكيداً على أنه مطَّلع على كتاباته.
11-اسكندر حبش، في مقاله عن محمد اوزون، في صحيفة (السفير) اللبنانية، بتاريخ 17-102007، لا يخفي عتبه إزاء عدم  وجود ترجمات لكتب اوزون إلى العربية، وهو يثني عليه، ولعله محق في ذلك، عندما يترجم هونفسه مقالاً لاوزون عن الفرنسية، وهو  بعنوان (الصفعة) كما ذكرت، في الموقع المذكور، مثلما أن الكاتب هيثم حسين، يتأسف لعدم وجود ترجمات لأعماله، تأكيداً لأهميته، وكيف أن كاتباً عربياً هو اسكندر حبش، يترجم له عن الفرنسية، وأن ما ترجَم له، أو كتب عنه قليل، وهذا يبرِز مدى تهميش الراحل الكبير في وسطه الكردي (انظر مقاله : الروائي الكردي محمد أوزون..يموت ثانية- في أكثر من موقع انترنتي: ولاتي مه- عفرين- روزافا….الخ)..
12- أشير هنا، وبالنسبة لي إلى أنني كتبت عن روايته ( يوم من أيام عڤدالي زينكي)، في طبعتها الكردية، وذلك في موقع (الحوار المتمدن) بتاريخ 12-9|2006،، وتحت عنوان (التاريخ الكردي من منظور الصوت، عبر رواية كردية)، حيث جلبتُ الرواية معي، وفي نسختها الكردية من أوربا، قبل أكثر من عام، مثلما أنني قرأت (بثر القدر) انترنتياً، أما (صرخة دجلة) في جزئيها، وبالكردية، فقد كتبت عنها مقالها، قبل سنة، وتوسعت فيها، في كتاب لي ، عن الرواية، وبعض نقاط تخص اوزون، باسم (محاكاة الصوت: هل يمكن للرواية أن تقاضي التاريخ؟ ” دراسة نقدية في رواية محمد اوزون: صرخة دجلة”)، دار الينابيع، دمشق، 2007. وضمناً ترجمة لأجزاء منها.
وكما نوَّهت سابقاً، ومن باب الأمانة التاريخية، فإنني، قرأت الرواية هذه،عن طريق الكاتب سيامند ابراهيم: إعارةً، وشكرته حينها، عندما نشرت المقال، عن الرواية الموسومة، وفي حلقته الأولى، في الهامش. أما ما أشار في مقاله، بعد رحيل اوزون، وفي موقع (كسكسور انفو)، على أن اتصالاً تم فيما بيننا، إلى جانب آخرين، وأنني لبيت دعوته للكتابة عنه، إلى جانب آخرين كذلك، فهذا لم يحصل قط، كما لو أن العملية تمت بالتكليف…!
13- غالبية هذه الكتابات التي تخص هذه الأسماء وغيرها،، منشورة في موقع( نت كورد) الالكتروني، وثمة بعض منها، في موقع (عفرين) السالف الذكر.
14- الموضوع منشور في موقع (عفرين) الالكتروني، بتاريخ 16-102007، وتحت عنوان (محمد أوزون: الموت في البال دائماً).
15- الموضوع منشور، في موقع (نت كرد) المذكور، وبتاريخ 17-102007 وتحت عنوان (محمد أوزون والحقائق التي لا تُسمى :                                                                                                              (Uzun û Rastiyên Nayên Ser Zimên
16- في نهاية العالم السالف، وبين 16-19112006، كان لي مشاركة، في المهرجان الأدبي، الذي تم في (آمد)، وكان موضوعي بالكردية عن (أصداء الحرب في الشعر الكردي)، وفي يوم الجمعة، بعد الظهر، يوم 1711-2006، وقد ركَّزت كثيراًعلى الشاعر جكرخوين، في جانب مما أشرت إليه، وكان الكاتب ابراهيم كوجلو حاضراً، كان دمثاً ورقيقاً فعلاً، وبدا لي، فيما أفضى به، ونحن نتجاذب أطراف الحديث، في فترة الاستراحة، أنه مهموم ومأخوذ بالشأن السياسي، وله حقه في ذلك، ولكن هذا التشديد على الكاتب، وبالطريقة التي تبدَّى عليها، تحيل الكاتب بالذات، إلى الكائن الموضوع تحت وصاية السياسي، مثلما أنه يبقي الكاتب هذا، خاضعاً لمراقبة السياسي، أو الاختبار الدوري للسياسي فيه ….
17- المقال منشور، بالكردية، طبعاً، في موقع (نفل نت) الكردي الالكتروني، وبتاريخ12-11
2005.
18- انظر امبرتو إيكو: كيفية السفر مع َسَلمون ” معارضات ومستعارات جديدة”، ترجمة: حسين عمر، مراجعة : سعيد بنكراد، المركز الثقافي العربي، بيروت، ط1، 2007، ص 8 .
19- نُشرت في الموقع المذكور، بتاريخ 24-102007.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…