باسلات الشعر الكردي (4) نارين عمر

  إبراهيم حسو

الشاعرة الكردية نارين عمر في كل كتابة لها سواء تلك المنشورة في ألنت أو في الصحافة الورقية , تجهز على أهم عنصر  من عناصر البناء في تشكيل النص الشعري وهو التوارد التخيلي و كل ذلك من اجل أن تبسّط  في طرح أفكارها و مشاغلها  النفسية , نارين لا تعرف كيف تبدأ و تنتهي بالشعر لهذا فتراها  تترك الشعر يسيل دون ضوابط  فنية معرفية , و دون أن تسيطر على الشلالات الجارفة لعواطفها (الشعرية) التي تجرف العادي و المتداول و البسيط و الهذر و الجاهز إلى وديان المجانية و التلقائية المبسّطة التي لا قعر لها, كتابة نارين مغلفة بالمشاهد الإنسانية التي تفيض بأحاسيسها في شكلها القشوري و مغطى بفكر و فلسفة في شكلها الجواني و تلك مقتل إبداعها الشعري:
تسللتُ إلى
مذكرّاتِ روحكَ
لأجدك
لحناً أبديا يعزفُ
على أوتارِ روحي بعدما
تسللتْ إليه
همساتُ موسيقىِ قصيدتي

مشكلة نارين عمر انها تنقل مشاعرها بأمانة و نجاة لا محدودين, حريصة أن تكتب أفكارها و آساها و أفراحها بصدق لا مثيل, تخاف من القارئ أن يتهمها بالكاذبة و المخادعة , تخاف من ذاتها أن تسيطر على نصها فتغدو أسيرة نوازعها و هوسها و حرية متناثرة هنا و هناك في الطابق العلوي من مخيلتها , تخاف من أن تصيبها لوثة الشاعرة الثائرة و الفوضوية و تكون في خبر كان من خضمها و ذاتها :

قصيدة مظلمة
في وديان  شعوري
أبكي أشلائي المبعثرةِ
في ترهاتِ الغيب
قابلتكَ
سطعَ نجمُ قصيدتي
تناقلتها
مشاعر الشعراء
شرقاً وغرباً .

المفرح لدى نارين إنها تستعمل مفرداتها و تديرها وفق منظومة لغوية متجددة بحيث تنقل هذه المفردات من حيز إلى حيز لتكون جاهزة و محفّزة لاستعمالات أخرى جديدة و منشّطة , و هكذا تظهر اللغة بفخامتها و صنوها و تألقها :
 أبـكي
تتجمّعُ كلّ حبّاتِ النّدى
في مآقي الشــــــــــجرْ
تعلنُ تضامنها
تسكبُ قطراتٍ تفيضُ نهراً أو نبعاً
ترسمُ الأفئدةُ حلقاتها في شغافِ الألباب
كلها تحسّ بي حتى المنحوتة من حجرْ
المآقي…تعلنُ حدادها

النّفوسُ تصارعُ شغب الضّجر …..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

“إن لم تجدني بداخلك، فإنك لن تجدني أبداً”
قول قاله جلال الدين الرومي، تذكرته وأنا أطوف بين أعمال التشكيلي رشيد حسو، بل أحسست أن أعماله تلك تخاطبني بهذه الجملة، وكأنها تقول لي: التفت إلى دواخلك فأنا هناك، وإذا أردت أن تقرأني جيداً اقرأ ما في…

فراس حج محمد| فلسطين

تعالَيْ
متّعي كُلّي بأعضائكْ
من أسفل الرأس حتّى رَفعة القدمينْ
تعالَيْ
واكتبي سطرينِ في جسدي
لأقرأ في كتابكِ روعة الفنَّيْنْ
تعالَيْ
واشعلي حطبي على شمع تلألأ
في أعالي “الوهدتين”
تعالَيْ
يا ملاكاً صافياً صُبّ في كأس امتلاء “الرعشتينْ”
تعالَيْ
كي أؤلّف أغنياتي منهجاً لكلّ مَنْ عزف الهدايةَ

في نضوج “الزهرتينْ”
تعالَيْ

كيْ أقول لكلّ خلق اللهْ:
“هذا ابتداع الخلقِ ما أحلاهْ!
في انتشائك شهوة في موجتينْ”
تعالَيْ
مُهْرة مجنونة الإيقاعِ
هادئة عند…

“في الطريق إلى نفسي” هو عنوان الديوان الثالث عشر للشاعر الكردي السوري لقمان محمود، وقد صدر حديثًا عن دار 49 بوكس في السويد. في هذا الديوان يكتب الشاعر قصائده بخبرة شعرية واضحة المعالم، بما تملكه من حساسية الرؤية وخصوصية الالتقاط والتصوير والتعبير. فالشاعر شغوف منذ ديوانه الأول “أفراح حزينة” عام 1990، بشدة التكثيف اللغوي وحِدَّة…

خالد جميل محمد

في وظيفة اللغة والكلام

لا تخلو أيُّ لغةٍ إنسانيةٍ من خاصّيةِ المرونةِ التي تجعلها قابلةً للاستخدام ضمن جماعةٍ لغوية كبيرة أو صغيرة، وهي خاصيّة تعكِس طواعيةَ اللغةِ، وقدرتَها على التفاعل مع المستجدات، بصورة تؤهّلها لأن تُستخدم في عملية إنتاج الكلام بيسر وسهولة، متوسِّلةً عدداً من الطرائق التي تَـزيدُ اللغة غِنىً وثراءً، ويمكن أن تتمثل…