قصص قصيرة جداَ

أحمد اسماعيل اسماعيل

مقايضــة

يقف قبالة المرآة بوجهه الأسمر ،يطالعه وجه مطاطي ،يستدير الوجه ،يتربع، يستطيل ،..وتجري المقايضة بين الوجهين سريعاً .
يستدير الوجه لبنت الجيران.. فتبتسم له.
ويتربع لشيخ الجامع.. فيبارك به.
ويستطيل لصديقه..فيهلل له.
ويتثلث لرب العمل..فيثني عليه.
وإن نسيَّ اللعبة يوماً.. تعبس الوجوه كلها، وتشيح عنه بجفاء.
وحين يلعن شؤم ا ليوم .. يطالعه الوجه المطاطي في المرآة: يستدير، يتربع، يستطيل..وينفجر بقهقهة ساخرة.

حلــم

ذات صباح،
حين أسند ظهره إلى جدار، ومسح حبيبات العرق عن جبينه، وبرقت عيناه بنظرات حلوة، وافترَّ ثغره عن ابتسامة عذبة..مطَّ رقيب شفته السفلى باستغراب و..مضى.
ذات مساء،
حين حلم بسماء زرقاء، وبمداعبة كف امرأة ناصعة البياض.
اقتحم الحسيب حلمه، وأعتقله بالجرم المشهود.

مأساة فزاعة

يا للهول..؟!
شهقت فزاعة بهلع وهي تبصر حشرة صفراء كبيرة تحط على نبتة يانعة في الحقل، فانتفضت بغضب تريد تمزيق الدخيلة..فلم تستطع حراكاً، وأحست بأنها مغروسة في أعماق التربة كشجرة هرمة.
حاولت أن تصرخ بأعلى صوتها تطرد الحشرة، تلعنها، تشتمها..فلم يندَّ عنها صوت، وأحست حينها بخلوِّ فمها المطبق من اللسان.
يا للهول !!
شهقت الفزاعة مرة أخرى بعجز وخوف، وراحت ترقب الحشرة وهي تتنقل بين نباتات الحقل الخضراء. وأمست الحشرة حشرتين، ثلاث حشرات.. أسراب حشرات صفراء، راحت تهاجم الحقل، تقضم النباتات بشراهة على مرأى ومسمع الفزاعة المغلوبة على أمرها.
واستمر الحال لليال عديدة..
وفي أحد الأصباح جاء صاحب الحقل ،فصعق لمرأى نباتات حقله ذابلة ، مصفرة ، شهق لهول ما رأى، جنَّ جنونه، وراح يشتم، ويركل الفزاعة حتى تهاوت على الأرض، وهي تحدجه بنظرات الحسرة والغبن .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…