أنثى الترجمة الكردية في الواجهة الثقافية «جانا سيدا، في مضمار النقد الثقافي الموقعي»

ابراهيم محمود

كنت أنهيت بحثي “مؤقتاً”، عن ترجمة الكاتبة والشاعرة الكردية، جانا سيدا، بتاريخ 22-112007، أي بتحضيره لاحقاً للنشر انترنتياً، لأن الموضوع في أساسه مُعدٌّ، للإدراج فيما بعد، في كتاب، أنشغل به، لا يُعرَف متى سيبصَر النور مستقبلاً، وبأي صيغة، يضم أكثر من موضوع، وفي أكثرمن اتجاه، يخص الترجمة بالذات، وماهية إشكاليات العلاقة المتعددة المسارات فيها.
إنهاء البحث، لا يعني إنهاء التفاعل مع مكوّناته، وحيويتها، خارج اعتبارات كثيرة، تخص الكاتب: عمراً ومكانة اجتماعية، كواجهة، وما يمكن أن يستثار الآن، أو لاحقاً، لأن أفق البحث ليس محضر ضبط، يغلَق نهائياً، في لحظة زمنية ما، وما يخص عمل جانا، هو مدرَج في هذا المنحى، ليس لأنه يستحق أكثر من قراءة، فهذا الجانب متروك للقارىء، والمعني به، حيث لا قراءة منتهية بسقف محدد، وإنما لأن ثمة ما يخرج عن حدوده، ليطرق حدوداً أخرى، هي التي تلقي الضوء على ذات الموضوع، موضوع الاهتمام الأول (أنثى الترجمة الكردية) بداية؟
ماذا جرى، أي حدث طارىء، ليكون للموضوع تبعاته، ذيوله، أو تداعياته؟
ربما، ما كنت أنكبُّ على الاستمرار في الموضوع ذاته، وما يصاحبه ثقافياً (طوارئياً، بصيغة ما)، أي يكون امتداداً له، لولا أن جديداً ما، في الموضوع، هو الذي منح الموضوع بُعداً، كما هو تصوري له، ما كان ممكنا تقديرهً إطلاقاً، أو تحديده لولاه، كما لو أن إعادة معيَّنة ما، للموضوع، للنظر في العديد من الافتراضات، أو نقاط الاجتهاد التي تخللت البحث، بشأن المعترَف به من قبل جانا، في حوارها بالذات، وما يمكن أن يستَقرَأ بشفافية ملحوظة، في أداء عمل الترجمة، وما تعنيه الترجمة هذه، إذ يذكّرني ذلك، بقول عادل إمام، في منتصف مسرحيته (شاهد ما شافشي حاجة)، للمعتبر مذنباً، وهو في قفص المحاكمة، على أنه لم يره في حياته، وهو على وشك الخروج من المحكمة، لتعاد محاكمته مجدداً، وليكون ما كان …
صلة جانا، بما قامت به، وبعيداً عن التشبيه، بقدر ما كان لإجراء ربط ٍما، مكاني ومعرفي، هي كصلة عادل إمام بالآخر (المتَّهم)، وما يترتب على ذلك من استنطاقات على أكثر من صعيد.
وجانا التي لم يصدر عنها، رسمياً، حتى الآن، أي رد فعل، أو موقف معين، لم تدَع موضوعها في برّية يوحنا المعمدان، بقدر ما بدت في هيئة المعمدان تماماً (الصوت الصارخ في البرية)، وهذا هو الجديد أو الطارىء في الموضوع، والذي  حل في بريدي الالكتروني الشخصي، حتى قبَيل نشر القسم الثاني من البحث، في (25-112007)، وربما كما أشرت إلى بعض مما وردني، مذيّلاً به، القسمَ الأخير ذاك، مبقياً ما هو جدير بتخصيص مبحث آخر له وعنه، نظراً لخطورة مضمونه، كما أظن، ولهذا أعتبر ما أثرته لاحقاً، كان في عداد (النقد الثقافي الموضعي)، من جهة تحديد موضوع معين، وما هو قيد البحث هنا، في عداد (النقد الثقافي الموقعي)، إنه يشمل المادة البحثية تلك، إنما في سياق المبحوث المختلف عنها بالتأكيد.
فجانا، التي أبدت ارتياحها، في علاقة بروتوكولية، إزاء ما قمت به، في رسالتها الأولى، مثلما بادرَت إلى شكري لاحقاً، عندما أرسلتُ لها الموضوع كاملاً، إنما لتكون رسالتها أطول، وإنما، أكثر من ذلك، لتتضمن مواقف، لا أظنها، قابلة لوضعها جانباً، دون مكاشفة أبعادها الثقافية العامة.
إذ بغضّ النظر،عن موقفها المذكور (في أنها ليست مع ترجمة الترجمة)، وقد ألمحت إلى المراد من إجراء كهذا، وأهميته أيضاً، لم تترك الموضوع دون إظهار ما يثير توتراً من نوع ما، ربما غير متوقع، بالطريقة هذه (هل أقول إزائي، أم إزاء من؟)، وهي تعتبر أن ما قامت به، أن ما تقوم به بصدد ترجمة (ألف ليلة وليلة)، من باب الضرورة (كسباً للعيش)، وهذه فيها وجهة نظر، وأن ليس هناك من يعمل في هذا الحقل، وهذه تستحق المناقشة اللازمة، وأنها ثالثاً، تختلف عن المنعَّمين أصحاب امتيازات محلية “عندنا”، وبغمزٍ ولمز، وهذه لا يمكن التستُّر عليها إطلاقاً !
فالموضوع، في مبتداه ومنتهاه يعنيني، وحيث أنني، أعتبر كل ما يصل إلي، وهو ذوعلاقة بما أكتب، أو بأمور الكتابة أو أنشر طبعاً، أو الحياة الثقافية، من قِبلها أو سواها، قابلاً لعرضه على الملأ، بتحويله إلى مادة حوارية ما، أو حصره في مضمار الثقافي العام، وما استلمته، ربما، يشكّل حتى الآن، أكثر مما وصلني بريدياً، في  خطورة مضمونه.
وهذا المنحى هو الذي دفع بي إلى التأنّي، لبعض الوقت، وبالتالي، لمتابعة ما يمكن أن يترتب على ما قمتُ به بحثياً، واستكماله، بما يوسّع حدوده العلائقية، في أكثر من اتجاه.
ماذا تقول، بهذا الصدد في رسالتها المكتوبة بالكردية؟
أورد المتعلق بالموضوع، أي مجمل ما لم يُذكَر فقط:

min xwest ku ji Reyhan kaseta muqabelê bixwazim mixabin wê bi xwe li ser tiştin din qeyd kirine..
disa ji mixabin keybord a Erebi li ba min tune da ku bersiva nivisa we bidim,, gellek tişt hene divê werin zelal kirin..
lê min xwest bêjim ku ez pir bash bi erebî dizanim lê min nivisandina bi erebi berdewam nekir ji ber ku min nikaribu xwe têde ifade bikira.. lê ne sherte ku ezê nikaribim wergerê bikim.. ez bi kêmî kultura erebi hildigrim..
a din ji bo wergera 1001 shevê jî dixwazim bêjim ku ew jî kareke ez bi pera dikim, weshanxaneya Aram xwest ku wergerine û min qebul kir( gelo mafê min ji yeki mamoste bêtir tune ku li medreseyên Basiyan dixebit e, ev jî ne hilbijartina min e)
ez bi xwe ne wergêreke serkeftî me lê (mafi bil meydan xêr Hidêdan) .. ew ji problema saziyan û kesên hêzdar e ku heya aniha nikarin buhayeki bidin wergerê..
Shehrezad chi dibêje bila bibêje ev chirok hatine wergerandin bo gelek zimanan ma me chi kiriye?
not:
ez ê rexneya te bixwinim, ji xwe hewceya me bi gelek rexneyên din jî hene
tu di xweshiyê de her u her bimini
23-112007

ويمكن ترجمته هكذا:
(رغبت في أن أطلب من ريحان شريط المقابلة، لكن للأسف، هي قيَّدتها على وسائل أخرى . وللأسف ثانية، لا يوجد عندي الكيبورد بحروفه العربية، لأرد على كتابتكم، فثمة أشياء كثيرة، تستوجب التوضيح.
إنما أردت القول، في أنني أجيد العربية بطلاقة، لكنني لم أواصل الكتابة بالعربية ،لأنني ما كنت أستطيع التعبيرعن نفسي، إلا أن ذلك ليس شرطاً، في أنني أعجز عن الترجمة، على الأقل، أنا أتميز بالثقافة العربية.
وبالنسبة لترجمة (ألف ليلة وليلة)، فإنني أريد أن أقول،على أنها بدورها عمل أنجزه بمقابل مادي، حيث أن دار نشر آرام رغبت في ترجمتها، وأنا قبلت (تُرى، أليس لي الحق أكثر من أستاذ يدرّس في مدرسة البعثيين، هذه أيضاً، ليست اختياري ).
بالنسبة لي، لست مترجمة متمكنة لكن (ما في الميدان غير حِديِدان).. تلك هي بدورها، مشكلة المؤسسات والشخصيات المعتبَرة، حيث أنها لا تستطيع حتى الآن إعطاء قيمة ما، للترجمة..
لتقل شهرزاد ما تريد أن تقوله فهذه الحكايات قد تُرجمت إلى لغات كثيرة ونحن ماذا فعلنا؟
ملاحظة: سأقرأ نقدك، طبعاً أنا بحاجة إليه، وثمة انتقادات كثيرة أخرى).
أ- في السياق الملفوظ:
لا أريد مطلقاً، أن أدخل في نقاش مع جانا، لأنها، وقبل كل شيء، لم تناقش، ما قمت، أو أردت القيام به، وإنما أبدت موقفاً، لا يبدو ناجعاً، وخصوصاً في وجهه التعارضي بين تأكيد إتقان العربية، وعدم تأكيده حضوراً، وذلك في التعبير عما هو ممكنٌ الأخذ به ثقافياً، وفي الحوار بالذات، وربما ذلك، يشكل امتداداً “طبيعياً” لما فاهت به، في حوارها مع ريحان سرحان، كما لو أن مجمل المكتوب، يشكل سؤالاً واحداً، وما عليها إلا أن تجيب على طريقتها الأحادية المسار.
ولكن للكتابة هنا، ملمحين:
هو أن جانا، لا تتابع ما هو منشور هنا وهناك، بقدر ما تكون أميلَ إلى الانشغال بذاتها، وهذا التحديد، ربما يكون اتهاماً، أو نوعاً من التنجيم، إلا أن المتلمَّس في كتابتها، يدفع بالقارىء المكاشف في هذا الاتجاه، وذلك من خلال طريقة التعبير عن الذات، والتعريف ضمنياً بالذات تلك.
وأن جانا، لا تراعي ما يعنيها، إلا بالقدر الذي تحدده هنا، من خلال نوعية الكتابة، وما تمثله نقدياً، كما لو أن المرسَل إليها، أو الموجَّه نقدياً عنها، لا يعنيها مجدداً، في السياق الذي تتصوره هنا، وهذا الملمح بدوره، ربما، يكون وجهاً من وجوه مكاشفة تقويمها الذاتي لما تمارسه شعراً، أوما تسعى إليه ترجمة، خصوصاً حين تشير إلى أنها الأكثر تواجداً في الميدان، وما يتضح في السياق التصوري هذا، كما لو أن الكتابة المقابلة، أي في الترجمة، ليست سوى الامتداد الطبيعي، للكتابة الشعرية، توأمها، أعني أن الترجمة إلى العربية، تتبدى، بوصفها حالة مضاهاة لما هو شعري، وإنما بصياغة أخرى فقط، رغم اعترافها، بأنها ليست كما يجب في تعبيراً، كما سنرى.
إذ بغض النظر، عما جاء في المقدمة، في كلا القسمين، فإن المدوَّن يأتي قرائنياً، ولكن جانا، وكما يلاحَظ، تصرُّ، على أن ثمة خللاً ما، لا تتحمل هي مسئوليته، ولا بد من الإشارة إليه.
وخصوصاً أكثر، حين تشير إلى اتصالها بريحان (صاحبة الحوار)، حيث الموضوع في مجمله يتركزعلى نوعية الترجمة، والمآخذ عليها، من خلال نماذج مختلفة، إذ إن الإعلان عن ذلك لم يتم في حينه، وحتى بالنسبة للوسيلة، فإن ذلك لا يشكل حجَّة، في تحمل ما يترتب من عبء وجداني، على النتيجة: حواراً وترجمة!
بالعكس من كل ذلك، فإنها ما أخفت إعجابها بجميل ما قامت به، أكثر من مرة، ولا احتاطت للأمر، ومن باب الاحتراز، وهي تمارس تقويماً لما هو ثقافي، وللترجمة النموذجية، ومن ثم تراجع نفسها، أو تواجهها، وهي فيما ذكرته، بالمقابل، لا يبدو عليها أنها معنية بما صرَّحت به.
طبعاً، يهمني أن يُقرَأ موضوعي، هذا أو سواه، أن يناقََش كلياً، أو من زاوية معينة، كما يرتئي المعني بالقراءة، وليس أن يدخل في سجال، والتذكير بعدم وجود الكيبورد بحروفه العربية، ليس حجة فاعلة، لا بل ربما، يرتد إليها، ويضاعف المسئولية، إذ كيف لها، أن تعنى بالعربية، ترجمة، على الأقل، وليس لديها هذا الكيبورد المذكور؟ إن النزعة الذرائعية في الحالة هذه، إضعاف للموقف، طالما أنها تذكّر بأنها كانت سترد على ما قمت به، ولكنها لا تملك الوسيلة الكتابية…!؟
لقد أعلنتُ أكثر من مرة، وفي أكثر من مقال، بصدد صلتي بالترجمة عن الكردية إلى العربية، على أنني وقعت في أكثر من خطأ، بداية، ولكنني، تعلمت، وما زلت، وأنني بالمقابل، لا أزعم لنفسي مطلقاً، كما نوهت، إلى أنني مترجم حصيف، لا الآن، ولا بعد الآن…
وحتى في السياق الآخر، عندما تشير إلى أنها تعرف العربية بصورة جيدة جداً، كما هو مذكور، في رسالتها، فهذا يلفت النظر أكثر، حيث لا تكفي الشهادة، في الاعتراف، بأن المتفوَّه به، يكون قيمةَ اعتبارية، بالشكل الذي يتحدث فيه عن نفسه، إذ المادة هي الموجودة، وليس من باب الاستعراض، أو الاستئثار بموقفي هنا، إذا قلت، صراحة، على أنني، مثلاً (وأقولها في السياق)، ورغم عشرات الكتب التي ألفتها، ومئات المقالات المكتوبة، لا أتحدث بالطريقة هذه، وإنما، فقط: هذه هي العربية التي أعرفها، كما تسمعون، وكما تقرؤون، ليس أكثر.
ورغم أنها، تقول، على أنها ليست كما ينبغي، في الترجمة، لكنها، تصرَّ، كما يظهر،على أنها قادرة على حرث الحقل الكتابي، دون أن ينحرف مسار السكة، وفيما تختاره طبعاً.
في السياق المعلَّق :
وبؤرة التوتر في هذا السياق بالتأكيد، كما يمكن التوقع !
وهذه البؤرة يمكن النظر فيها، على الأقل، في مسارين مترافقين، ومسار ثالث يرتبط بهما:
الأول: حين تصرّح على أنها، تمارس الترجمة، بمقابل مادي! ومن يستطيع الحيلولة دون ذلك؟ لكن المشكل يكمن، هنا، ويبدأ من هنا أيضاً؟
من ناحية، عندما تحاول الإيحاء، وربما المكاشفة على أنها، ما كانت تلجأ إلى هذا الإجراء لولا هذه الحاجة المادية، ومن ناحية ثانية، عندما تبرِز يقينها، وإعجابها بالموضوع (كما في علاقتها) بـ(ذاكرة الجسد)، وأرادت الربط بينهما نفسياً، وفي منحى لا شعوري، وذلك من ناحية الأبعاد الاجتماعية ومناخات الذكورة والأنوثة، وهي التي حرَّفت الموضوع كاملاً (لتقل شهرزاد ما تقوله)، وأضفت على موضوعها سمة استنهاضية، كما لو أن ثمة دعوة مبطَّنة، لمنع المحاولة من أن تتم. كأني بها، ترفض التعامل مع ما هو نقدي ثقافي، وتستجيب لنداء صوتها الخاص بها، رغم أن ما تقوم به ليس خاصاً، أنها غير متابِعة لمجمل ما ينشَر في هذا السياق الذي يعنيها، من موقع (الجنسانية: الجندر)، وبين بنات جنسها، كما هو المقروء الواضح عندها.
وفي هذا المضمار، ربما عليها، توخّي بعضٍ من الدقة في القول، على أنها ليست الوحيدة في ذلك، أن الكردية لا تنطلق منها، وترتد إليها، أن تحسب (قليلاً)، ولتستطيع مقاربة حقائق أخرى أكثر تشعباً وأهمية، في مجتمعها، ومع المعنيين بأمرها، وأمر كتابتها، تلك التي تتعلق بنوعية المترجَم عنها، وصلة كل ذلك بما هو كردي، وليس في الالتفاف على الموضوع، على أن الرواية قريبة من واقعنا الكردي في كل شيء. لا بل هي ذاتها، وضعت احتمالاً في أن سبب عدم الاهتمام، من خلال هذا الصمت، هو ربما، في عدم رضى القرَّاء عنها، إلا أنها لم تأخذ هذا الاحتمال الأخير بعين الاعتبار، بقدر ما تجاوبت مع خاصية مؤثرة، إنما سلباً، من خاصيات الذات، أي أنويتها، وهذا يتضح بالمقابل، ومجدداً، في أنها تركت موضوعها، دون مراجعة، دون إحساس بذنب معين، لتبحث عن المبررات هنا وهناك، وكأن الخطأ هو في مقروء القارىء، والأكثر من ذلك، حين أشارت في إحدى نقاط الرسالة، على أن ثمة مواد أخرى نقدية، غير مادتي، فلماذا هذا التعتيم على ما تقوم به، وعلى ما لا يمكن النظر فيه، بسبب تناقضات أقوال، تفقدها مصداقية القول فيما تسميه، وتحاول الانطلاق منه، دون أي مراجعة ذاتية مجدداً؟
ثمة وضع مأسوي عام، وربما كان عليها مراعاة ذلك (تُرى من مِن الكتاب الكتاب” الكرد هنا”، لديه مثل هذا التحرك الميداني : الثقافي، والأدبي، وهو في راحة بال، ممّا يرده مادياً؟)، أي أن ثمة هموماً مشتركة، بين مجمل الكتاب، في هذا الجانب، وبتفاوت، طبعاً، كردياً وغير كردي ..
وما أشرت إليه، يمكنه أن يتضح أكثر من خلال إشارتها الصريحة، والمرعبة، إلى (الذي يدرس في مدرسة البعثيين..)! تُرى، ماذا يوجد في هذا التصريح المباشر؟ سوى الدفاع عن خطأ، تستشعره، ولا تقف عنده، والبحث عن الذرائع، بطريقة، تقلل من قيمتها القولية والمسلكية أيضاً! من هو العامل في مدرسة البعثيين، وفي هذا النطاق (أنا، أم غيري، أم من..؟)، أي مناسبة للتقدم بمثل هذه الذريعة الفظيعة، وفي هذا الحيّز تماماً؟ وبالمقابل: هل جانا سيدا، تعمل في مدرسة الأحرار المعتبَرين، هناك، في استنبول، مثلاً؟ في ظل أي قوة تتحرك، في اختيارها ذاك؟؟ أظن، أنه كان عليها ألا تلجأ إلى التفوه بقول، لا يمكن التقليل من مسلكياته الاتهامية السيئة الصيت. وفي الوقت ذاته، ماذا استطاعت أن تقدم كردياً، وفي السنوات الأخيرة خصوصاً، لتثير كل هذه البلبلة المزَوبعة، سوى في الحديث عن (ذاكرة الجسد)، كثيراً؟، وبؤس الترجمة إجمالاً فيها؟؟!!
الثاني، عندما تعرّف بنفسها، ولا تعنى به، بقدر ما تتجاوزه، للوقوع أكثر في أحبولة التعارضات الذاتية المنشأ، عندما تشير إلى أنه (ما في الميدان غير حديدان)! وليت جانا الشاعرة، جانا المترجمة، وأكثر من هذه وتلك، جانا المعتبرة ضليعة في اللغة العربية، في ثقافتها، ليتها تعلم ماذا وراء هذا القول المأثور؟ وأرى أنها غير مدرِكة لحقيقته إطلاقاً. من جهة، لأنه في الحد الأدنى، يعكس صورة سلبية عن القائل به، أي يعزز مقامه، وإنما يشهّر بأمره، فهو ذم وليس مدحاً، ولتسأل المعنيين مباشرة، ماذا يعني (حديدان: اللا إنسي طبعاً)، لتعلم وهمَ تصور ثقافة الذات، ومن جهة ثانية، لأن القول، لا يعبّر عن سلامة الموقف بالذات، وإنما يضاعف إدانة للمستشهد به مباشرة، وهو يذكرنا، نسبياً بالقول الدارج كردياً (Gurî bûye mîr: الأقرع صار أميراً)، هذا لا يبشّر بخير، وجانا، صارت في مقام (الأقرع)، رغم أنني أأبى أن أسميها هكذا، لا هي ولاغيرها، وحيث (تعفُّ نفسي عن  وضع الاسم)، مهما كان التفسير في التذكير به.
وفي وضع كهذا، هل عدم وجود، من تعتبره جديراً للقيام بالعمل المذكور، يعني التحرك، لممارسة هذه البلبلة في التصريحات والترجمة المطعونة في دقتها، وتقريظها دون حساب؟ وما يتصدى له (حديدان: الرمز)، من تأكيد عدم صحة اتقان العربية بالطريقة السالفة، وأن الترجمة هي الدليل. ويعني ذلك أيضاً، على أن إلقاء اللوم على الوسط السياسي الكردي، والمعنيين به ثقافياً، وغير ذلك، لا يبرّىء ذمة خاطىء، أو يشرّع لما يختاره في الطريق الخطأ، كما الحال هنا… إن هذا يعيدنا ثانية إلى محاولة التملص من المسئولية، وتحميل الآخرين، وزر أي جنحة قولية أو كتابية، إلى درجة التشهير، دون معاينة الخلفية القيمية للملفوظ القولي والكتابي تحديداً؟
عود على بدء:
تنطلق جانا من مكانة معتبرة، لا تليق بها، في خطاب التواصل، وهي في محاولتها تلك، تصور الموقع الاستقطابي الذي يُنظَر إليها من خلاله (وجود أكثر من مادة)، موحية إلى نفسها، ومن ثم القارىء، كما هو مقول قولها، وليس تقويلاً، على أنها محط أنظار الآخرين، وهذا بؤس وعي ذات، كما هو مفهوم البؤس الذي يلخص الكثير من جوانب الشخصية الثقافية الحية قبل غيرها.
إن هذا يعيد النظر ثانيةً، في كل جواب انطلقت منه، في حوارها، في كل مقولة شددت عليها، أو فكرة حاولت تسميتها، وبدقة أكثر، في كل ما سمَّته ترجمة فعلية، تستحق التقدير.
ولعل ما تقدمتُ به، يدفع بي، إلى استحضار، ما يُقرَأ من لا أدبيات القول المعتبر مقالاً، أو نقداً في هيئة مقال، ليس سوى إنشائيات قول، في مدح المعتبر ز” د” يوان الشاعرة الكردية الفلانية، قبل غيرها، لأن ثمة فيروساً يتكاثر هو هذا الشعر الموسوم أنثوياً، وهذا المنشّط المفيرس والمستفحَل ذكورياً، في الوسط الكردي (آمل أن يُذكَر هنا، مقال يتيم، يخلو من هذا المديح القميء، قماءة المتقدم به ذاتياً، أعني في ثقافته الذاتية)، وبصدد اسم أي أنثى، لا تصدق أنها أنثى، وكيف تكتسب شهرتها الأنثوية، بتأكيد أنثويتها الشهرزادية واقعاً، حين (تلقى طنجرة غطاها)،       و(الغطا)، لا (يخفي) فرحة اللقاء الضمني بـ(الطنجرة)، في التزكية بهذا الاسم أو ذاك، وبالتبادل، وفي المجال المتعلق بالقصة الكردية (غصتها)، وبدءاً من أول نكبة ذكرية الطابع، في اعتبارها قصة فالحة، ليكون ذلك مطرقة على رأس كل من يحاول القول خلافاً، مهما علت مرتبته، طالما أن إليوت نقدِ الشعر الكردي، أو رولان بارت نقد القصة الكردية، هو المفيّز للأثر الظافر. نعم، ثمة مسئولية كبرى، تخص هذه الآفة الكبرى، من سيل المـ”د”احين، تحت اسم الكتاب النقاد، في كمهم المتواصل، في لقاءات منظمة، أو بالمراسلة الخادعة، انترنتياً، في حمَى ذكورة، باتت تبز فحولة العربي كثيراً، إزاء هذا الكم المتنامي، والحامي، من أسماء أنثويات الطابع، وسط اندلاق كتابات، وصياغات بياناناتية، تتطلب أكثر من مواجهة ثقافية موقعية، من تحليل سيكولوجي، يبدأ بالثور الكبير، وراء الثلم المنحرف كثيراً، في جسد الثقافة المثألل كردياً هنا وهناك.
في هذا العود على البدء، آثرت التذكير، بخاصية التواضع في تقديم الذات، في التعبير الحميمي عن ذات، تتمنى أن تكون ذاتاً فعلية، أن تكتسب أهلية حضور أدبية وغيرها، بعيداً عن نفاق مستشرٍ، ذكوري المقام كثيراً، دون إخفاء المعتبرين رموز الثقافة الكردية في أكثر من مكان، وأنا أحاول أن أتقدم، بالمزيد مما هو مأسوي، في السياق الذي انطلقت منه، أي وأنا أقدم فصلاً آخر، من فصول بؤس الترجمة المرتبطة بـ(أنثى الترجمة الكردية)، ربما، لئلا يقال، على أن المتقدَّم به، هو نهاية المصاب في نكبة المترجَم من الكتاب، فثمة “بقيَّات”، ولكنني أكتفي بما سمّيته!
متابعة لما كان سالفاً:
في النص العربي، نقرأ هذا المقطع الصغير:
(لقد وصلتُ متأخرة.. كان هناك ازدحام في الطريق كالعادة في مثل هذا الوقت. ص 71)، ولكنه يصبح هكذا في الترجمة الكردية (حضرت متأخرة، ككل مرة، السير كان ضوضاء، في ذلك الوقت. ص 56)، ويمكن إيراد المقطع كما هو، للمقارنة، لوجود أكثر من خلل:
Ez dereng hatim, weke her carê, trafîk qerebalix bû di wê wextê de
أولاً، ثمة نقص في المقطع، كما هو ملحوظ.
ثانياً، حين قابلت (ازدحام في الطريق) بمفردة فرنسية، أو أجنبية،هي (ترافيك:المرور، السير). وكان يمكن وضع عبارة ( ûrê siksikî bûb)..
ثالثاً، إن مفردة، مثل (qerebalix)، مقابل (الضوضاء)، غير دقيقة، وفي ذات المكان، لأن الضوضاء تخص حركة السيارات، بينما المفردة المذكورة، فتخص الناس حصراً، وهم بين صياح، أو اختلاط أصوات، أي بكلمات غير مفهومة، متقطعة، حيث الأقرب، هو (gengeşî).
رابعاً، حين أحالت الزمن القريب إلى زمن بعيد، إذ طالما أن ” كاترين” وصلت متأخرة”، فلا بد أن يكون حديثها، مرتبطا بالمكان، وبالزمن القريب، بينما في الترجمة الكردية، صيَّرت الزمن بعيداً (في ذلك الوقت)، وهذا إخلال، طبعاً.
نقرأ هذا المقطع، من النص الأصلي، وفي ذات الصفحة السالفة:
(كانت تحب أن تلتقي بي، ولكن دائماً في بيتي أو بيتها، بعيداً عن الأضواء، وبعيداً عن العيون، هنالك فقط كانت تبدو تلقائية في مرحها وفي تصرفاتها معي. ويكفي أن ننزل معاً لنتناول وجبة غداء في المطعم المجاور، ليبدو عليها شيء من الارتباك والتصنع، ويصبح همها الوحيد أن تعود إلى البيت.
وهكذا تعودتُ عندما تحضر أن أشتري مسبقاً ما يكفينا من الأكل لقضاء يوم أو يومين معاً. لم أعد أناقشها ولا أقترح عليها شيئاً. كان ذلك أوفر وأكثر راحة، فلماذا كل هذا الجدل؟ ً).
وهو حين يترجم إلى الكردية، تأتي قراءته هكذا:
(كانت ترغب أن تلتقي بي في بيتي، أو في بيتها، بعيداً عن الأضواء، بعيداً عن العيون. هنالك فقط، كانت تتعامل معي بتلقائية ومرح، وعندما كنا نأكل في المطعم، كانت ترتبك، وترغب في أن نعود إلى البيت.
وهكذا تعودت، عندما تحضر، أن أشتري من الأكل كفاية يوم أو يومين، لم أعد أناقشها حول هذا الموضوع، كان ذلك أفضل وأكثر راحة لي، فلماذا أناقش؟ . ص 56).
في النص العربي، وفي الصفحة ذاتها، نقرأ ما يلي، بصدد جمل متفاوتة طولاً:
جملة (في ذلك اليوم، سعدت وأنا أرى “كاترين” تدخل القاعة)، تنقلب إلى (يومَها، سعدت كثيراً، عندما دخلت كاترين القاعة).
وجملة (تطير داخله كفراشة. قالت وهي تطبع قبلة على خدي)، إلى (صارت كفراشة، قبلتني وقالت).
وجملة (كانت كاترين تسكن الضاحية الجنوبية لباريس)، إلى (تسكن باريس في جنوب باريس).
والجملة التالية (وكانت المواصلات تتضاعف في نهاية الأسبوع)، تصبح (يضطرب السير في نهاية الأسبوع).
هنا، تساوت مفردة (المواصلات)، مع (ازدحام في الطريق) سابقاً، وكذلك، فإن ثمة تسرَّعاً، كما يبدو في ترجمة مفردة “تتضاعف”، أو التباساً حولها، عندما ترجمت إلى (tevlihev dibe)، وهذه تعني (تختلط، تضطرب، ترتبك)، أما المفردة العربية، فهي تعني، كما هو معروف، أن الازدحام يتضاعف: يزداد مضاعفة، أي ( dujar dibe)، أو (dubare dibe)، أو (dûbil dibe)، بينما تكون الكلمة المقابلة للمواصلات، أو للسير، فهي معروفة، كما أظن، وهي (çûnhatin) .
وفي الصفحة ذاتها، اكتفت بوضع (قراها، جمع : قرية)، مقابل (بيوتهم الريفية)…الخ.
في النص العربي، نقرأ:
(كنت أتأملك وأغوص في أعماق نفسي. رحت أبحث عن الحد الفاصل بين هزائمي وانتصاراتي. لم أكن في تلك اللحظة نبياً، ولا كنتِ أنت إلهة إغريقية.. كنا فقط تمثالين أثريين قديمين محطَّمي الأطراف، يحاولان ترميم أجزائهما بالكلمات. فرحت أستمع إليك وأنت ترممين ما في أعماقك من دمار.
قلت:
– يحدث أن أشعر أنني ابنة لرقم فقط، رقم بين مليون ونصف مليون رقم  ٍآخر. ص 104).
كيف جاءت ترجمته في النص المقابل كردياً؟ هكذا، كما أعتقد:
(كنت أتأملك وأغوص في أعماق نفسي n xwe kûraniyê، كنت أبحث في الحدود الفاصلة بين هزائميtêkçûn  وانكساراتيxwe de  n şikestinê، لم أكن في تلك الفترة نبياً، ولا كنت أنت إلهة إغريقية. كنا تمثالين قديمين، كان طرف منهما   aliyekî wanمكسوراً، يحاولان ترميم أجزائهما بالكلمات. كنت أستمع إليك، عندما كنت ترمّمين أجزاء داخلك hundirê xwe.
قلت:
– أشعرez hest dikim أنني ابنة رقم فيما بين مليون أو مليون ونصف مليون رقم. ص 82).
عبارة (رقم ٍ آخر)، هكذا جاءت في النص العربي، وكان المفترض أن تأتي الكتابة هكذا، جملة:
navbera milyon û nîv milyon nimreyên din.
في ذات الصفحة، في كل من النصين: العربي والكردي المقابل، تتحول جملة (أن يكون أبي أورثني اسماً كبيراً)، إلى (أورثني أبي اسماً كبيراً)،وجملة (والنتيجة، أنه تخلى عن دراسته الجامعية)، إلى (والنتيجة ما هي؟ لقد تخلى عن دراسته..)، وجملة (فالشهادات هي آخر ما يمكن أن يوصلك اليوم إلى وظيفة محترمة)..
ومقابل مفردة (الشهادات)، تأتي مفردة (nîşan)، وبالمفرد، وهي تعني (الهدف، العلامة)، أما الشهادة، فلا علاقة بينهما، فهذه تقابَل، بـ(bawername- şanname)، و (محدودة)، كصفة لـ(أحلام)، تأتي مفردة (piçûk)، وهي تعني (صغيرة) في الأصل، بينما (sînor kirî- tixûp kirî)، تكون الأدق، والمعتبرَة هنا.
مثلما أن كل من (الدائم- زمن)، ترد بالعربية، في النص المقابل.
بينما في الصفحة التالية، من النص العربي، فتحل مفردة (gazinên te) وهي صيغة جمع، لمفردة (عتاب، لوم)، مقابل (تذمرك) والتي تقابل بـ(tengijiya te)، على الأقل، وكذلك فإن مفردة (hêviyên wî)،، وهي بمعنى (آماله)، تحل محل (طموحاته ومبادئه). وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن توضع جملة (فتاة عالمة keçikeke zana)، مقابل (فتاة مثقفة. ص 105)، وتضاف صفة أخرى، زيادة، في النص الكردية، وهي (فتاة عالمة وقارئة)…
وفي ذات الصفحة من النص المترجَم (ص 83)، لا وجود لما يقابل (والمعرفة- وقضت عليه- وحتى….ص 105).
في الصفحة (159)، من النص العربي، ثمة أكثر من عدم دقة وخلل، لحظة قراءة المقابل الكردي:
(سألتك:
– كيف تتصورينه إذن ؟
أجبتني.  الخ).
في المقابل، وفي الصفحة (125)، توضع مقابل (التصور) ذات الكلمة المعهودة (xeyal):
– كيف كنت تتصورين te çawa xeyal dikir؟
قلت: te got ، والمفروض (te bersiva min da).
وكذلك، فإن فعل (يؤثثها)،أو (توثث)، يأتي غريباً بالمقابل، ففي الحالة الأولى تستخدم  مقابل (الضوء يؤثثها)، (الضوء كثير فيها)، بينما الفعل المطلوب هو (radixîne)، وإزاء الفعل الآخر، تأتي بفعل غير مفهوم (nabe tijî:لا تمتلىء) في السياق ، مقابل (لا تؤثث)، إذ ربما هي (dijî nabe: لا تسكن، أو لا تقيم ؟!)، كما هو المعهود عندها، وفي الحالتين ثمة خطأ جلي.
وإزاء (الشرفة)، حيث ترد، في المقابل، مرة، وفي المرة ثانية، تستخدم مقابلها (نافذتي)، وفي الثالثة، تستخدم (balkon)، وهي أجنبية، ولكنها صحيحة، بينما نقرأ التالي (انظري هذه النافذة، إنها الجسر الذي يربطني بهذه المدينة. من هنا، من شرفتي أتعامل مع سماء باريس المتقلبة.
كل صباح تقدّم لي باريس نشرتها النفسية، فأجلس هنا في الشرفة لأتفرج عليها وهي تنقلب من طور إلى آخر. ص 159)، ويكون المقابل بالكردية هكذا، كما هو وارد، طبعاً، وبحسب إدراكي هنا:
(انظري، هذه النافذة الجسر الذي يربطني بهذه المدينة من هنا،من نافذتي أضطرب مع سماء باريس. كل صباح تقدم لي باريس نشرتها النفسية، أجلس في هذه الشرفة” البلكون”لأتفرج عليها عندما تنتقل من طور إلى آخر. ص 125).
إن هذا يتكرر، بصورة ما، في الصفحة التالية، وما بعدها، من النص العربي، حيث اخترتها نموذجاً لتحرّي المفارقات بين النصين المشار إليهما. في الصفحة (160)، ماذا نجد مقارنة؟
تتحول جملة (إن الإنسان ليشعر أنه في عنفوان الشباب عند نزول المطر)، إلى (يشعر الإنسان بالشباب، عند نزول المطر. ص 125)، بينما تتحول جملة (عندئذ، نظرت ِ إلى السماء وكأنك تصلين لتمطر)، إلى (وقتها نظرت ِ إلي، كأنك تصلين للمطر…)، وبالكردية ، كما هي:
Wê çaxê te li min nêrî wek ku tu ji baranê re nimêj dikî.
وإن كان الأصح في كتابة (wek ku)، هو الوصل بينهما (weku) اختصاراً..
وتتحول جملة (ورمتك ِ إلى صدري عصفورة مبللة)، إلى (لترمي بنفسك إلى صدري كعصفورة مبللة. ص 126).
والجملة التالية مباشرة (ولم أقل لك شيئاً من كل هذا)، إلى (ولم أقل لك كل هذه الأشياء).
بينما تتحول جملة (شيء من البراءة، والمؤامرة العشقية)، إلى (شيء من البراءة، وتوافق العشق.) tiştekî ji bêgunehiyê û  ji lihevkirina eşqê.
وهنا، أيضاً توضع مفردة (ecêb، ص 125)، مقابل مفردة (متطرفة، ص 160)، وهذا ليس مقبولاً دقةً.
وتتحول جملة (كان صوتك بالعربية يأتي كموسيقى عزف منفرد. ص 161)، إلى (كان صوتك بالعربية، كموسيقى خاصة. ص 126)، وأظن أن الفارق واضح بدوره.
وبصدد الشطرين الشعريين اللذين يخصان مطلع قصيدة السياب (أنشودة المطر) بداية، فإن مفردة (شرفتان)، تتراجعان أدائياً، في الإيحاء، عبر مقابلتها ثانية بـ(نافذتان:  du pencere. ص 126)، بينما تختصّر جملة (ثروة الآخرين تعد بالأوراق النقدية، وثروتي بعناوين الكتب. ص 161)، إلى (ثروة الناس المال وثروتي الكتب. ص 126)، بينما تختفي عبارة (باللغة العربية. ص 161)، في النص المقابل (ص 126) أيضاً.
في الصفحة (190)، من النص العربي، نقرأ:
(لم أكن أتوقع يومها وأنا أبدأها، أنني أبدأ أغرب تجربة رسم في حياتي، وأنها ستكون البداية لعشر لوحات أخرى، سأرسمها في شهر ونصف دون توقف، إلا لسرقة ساعات قليلة من النوم، أنهض منها غالباً مخطوفاً بشهية جنونية للرسم.
كانت الألوان تأخذ فجأة لون ذاكرتي، وتصبح نزيفاً يصعب إيقافه.
ما كنت أنتهي من لوحة حتى تولد أخرى، وما أنتهي من حي حتى يستيقظ آخر، وما أكاد أنتهي من قنطرة، حتى تصعد من داخلي أخرى).
آثرت إيراد هذا المقطع، لمعرفة كيفية تحوّله إلى نص مختلف، عنه، كما هو ملحوظ، في الصفحة (148-149)، وهو:
(ما كنت أتوقع عندما بدأت بها، أنني أبدأ بتجربة غريبة في الرسم في حياتي وأنها ستكون البداية لعشرات اللوحات الأخرى ji dehan tabloyên din  التي سأرسمها في شهر ونصف دون توقف، باستثناء عدة ساعات أسرقها من أجل النوم وأنهض منها  بشهية مجنونة تلك التي تخطَف من النشاطjê    û  ji bilî ku çend saetan bidizim ji bo razanê
a ku ji xebatê têne revandin nîiyar dibim bi lezzeteke d  ş
 كانت الألوان تأخذ لون ذاكرتي، وتصبح  نزيف دم، يصعب إقافه.
كنت أنهي لوحة، فتولِد أخرى، كنت أنهي  حياً، فيستيقظ آخر، كنت أنهي قنطرة، فتصعد من داخلي أخرى) .
في الصفحة التالية (191)، من النص العربي، ثمة مقطع، يخص رسائل زياد، ولكنها في النص المترجم، تأتي بصيغة المفرد (كانت رسائله القادمة من بيروت تدهشني دائماً حتى قبل أن أفتحها..)، وفي المقابل، في الصفحة (149)، نقرأ هكذا (كانت رسالتهnameya wî  قادمة من بيروت أدهشتني حتى قبل أن أفتحها)، والخلل في المتابعة هنا !
في الصفحة (192)، نقرأ هذا المقطع:
(هذه المرة، كان يريد أن يخبرني أنه قد يحضر إلى باريس في بداية أيلول. وأنه ينتظر جواباً سريعاً مني ليتأكد من وجودي في باريس في هذه الفترة..
فاجأتني رسالته.. أسعدتني وأدهشتني).
كيف تمت ترجمة هذا المقطع، في الصفحة (150)؟ :
(هذه المرة كان يريد أن يخبرني، أنه سيحضر إلى باريس في نهاية أيلولdawiya îlonê وأنه ينتظر جواباً سريعاً ليعلم أنني في باريس.
أدهشتني رسالته وأسعدتني şa kirim nameya wî ez dihişandim û ).
في الصفحة (193)، من النص العربي، نقرأ (فقد كنت فرغت مرة واحدة من ذاكرتي.. وارتحت)، لتقرَأ الجملة هذه، وكأنها قطعية (دفعة واحدة)، في الصفحة (151):
(فرغت من ذاكرتي كلياً وارتحت)…
في الصفحة (208) من النص العربي، نقرأ :
(من المؤكد أن زياد كان يتحدث عن لوحاتي خيراً مني. مثل كل النقاد الذين يعطونك شروحاً مدهشة لأعمال فنية قمت بها أنت بكل بساطة، دون أية تساؤلات فلسفية، فيضحكونك إذا كنت فناناً صادقاً وبسيطاً لا تهمك الرموز والنظريات المعقَّدة في الفن. وقد يملأونك غروراً وجنوناً إذا كنت مثل الكثيرين الذين يأخذون أنفسهم مأخذ الجد، ويبدأون عندئذ بالتنظير والتبشير بمدرسة فنية جديدة).
كيف نقرأ هذا المقطع، في النص المقابل؟ وأنا أحاول الحفاظ قدر المستطاع، على سوية النقل:
(من المؤكد أن زياد كان يتحدث عن لوحاتي خيراً مني. مثل كل النقاد الذي يعطونك شروحاً مدهشة لأعمال فنية تقوم بها ببساطة، بدون تساؤلات فلسفية، يضحكونك، أنت فنان صادق وبسيط لا تهمك الرموز والنظريات المعقَّدة داخلك، وقد يملأونك إغراءً aran وجنوناً إذا كنت مثل الكثيرين، الذين يتصرفون بجدية ويبدأون بالشروح وبشارة (mizgîn، وليس mizgîndarî) مدارس فنية صغيرة).
في الصفحة (251)، من النص العربي، نقرأ :
(وإذا بحقيبته السوداء المنسية في ركن خزائنه، منذ عدة شهور، تغطي فجأة على كل أثاث البيت)، ليكون المقابل هكذا، وفي الصفحة (196)، مع نقص ملحوظ (فجأة، تغطي حقيبته الموجودة في طرف خزانته على كل أطراف البيت .).
وفي الصفحة ذاتها، نقرأ (سألت عن تلك (الكندورة) بعد أيام من وفاة ( أمَّا) فقيل لي بشيء من الاستغراب إنها أعطيت مع أشياء أخرى للنساء الفقيرات)، لتأتي الترجمة بالمقابل، وفي الصفحة (197)، هكذا (سألت عن ذلك الثوب، بعد أيام من وفاتها، فقالوا لي، على أنهم أعطوه للنساء الفقيرات).
وفي الصفحة (253) نقرأ:
(وكنت أدري خلال تلك الأيام التي عشتها مسكوناً بهاجس تلك الحقيبة..)، ليأتي المقابل، في الصفحة (198)، هكذا (ما كنت أدري min nizanîbû خلال تلك الأيام التي عشتها مسكوناً بهاجس تلك الحقيبة.)..
في الصفحة (321)، من النص العربي، نقرأ (أذكر أنه ظل لعدة أيام عاري الصدر، عاجزاً حتى أن يضع قميصاً على جلده، حتى لا يلتصق بجراحه المفتوحة)، فيأتي المقابل، وفي الصفحة( 254)، هكذا (أذكر أنه ظل عارياً  لعدة أيام، عاجزاً عن ارتداء قميصه، حتى لا تلتصق به جراحه المفتوحة  da birînên wî yên vekirî p vê nezeliqin)….الخ.
وخلال تتبعي، مقارنة، لعدة صفحات متتالية، وتحديداً (346-349)، وفي النص الآخر، أي (272-275)، لاحظت، وعبر تدقيق معين ، ما يلي:
كثرة استخدام المفردات العربية، وكأن لا بديل لها، في الكردية، وبشكل صارخ (الوقت- الخاطر- المطامع السياسية- الخراب-  الحسابات- الزواج- المنطق- الحكم- الحرام- الحلال- الحال- الستر..).
عدم وجود مفردات، في النص المقابل، لا يمكن تجاهل أهميتها (بعد لحظات+ محض346272- رخصة+ بلا مقابل348274- بشيء، معظم +حتى+ سلطة+ كل يوم349274-275..)
عدم دقة في استخدام ترجمة مفردات مختلفة:
مثلاً، مفردة (متذمراً، ص 348- 349)، يأتي المقابل، باختلاف (ص 274)، مرة هكذا (bi bêzarî)، وهذه تعني (بكُره ٍ) كثيراً، وفي الحالة الثانية، مقابل (تذمري: acizya xwe)، وهي بالعربية أصلاً، أي (تضايقي)، وحيث تستخدم أحياناً (gazin)، كما في الصفحة (83)، مقابل الواردة في الصفحة (105)، من النص الأصلي.
وحتى بالنسبة للمفردة الكثيرة الاستعمال (guman)، تأتي بأكثر من معنى، إلى درجة التعارض الواضح، مثلاً، مقابل (أشك- يعتقد، ص 346)، إذ تستخدم ذات المفردة (ص 272)، بالصيغة ذاتها، إذ إن مفردة (أشك)، تقابل (ez ber gumanin)، بينما مفردة (يعتقد)، فكما وردت في النص (guman dike)، أو (bawer dike).
ولدينا مثال آخر، كما في (منذ سنوات، ص 346)، حيث التدقيق في الدال الزمني، غير مأخوذ بعين الاعتبار، كما يجب، في مكوناته، أو اشتقاقاته، إذ تضع بالمقابل (ji zû de، ص272)، أي (منذ زمن بعيد)، وهي صياغة قد تشمل سنوات وسنوات، ولكن المقابل الصحيح، كما ه معروف (berî çend salan ).
وكذلك، فإن وضع مفردة (xwendetir، ص 273)، مقابل (أكثر ثقافةً، ص 347)، غير دقيقة، إن لم تكن خاطئة دلالة، إذ الصحيح (andeyetirç)، والوارد في النص الأصلي، جملةًً، هو :
(وأكثر جمالاً وثقافة من الأولى)، بينما يأتي المقبل (وأكثر جمالاً وقراءةً من السابقة).
وفيما يخص مفردة( الزائرات، ص 349)، وللدقة، عبارة (معظم الزائرات)، يأتي المقابل (كل النساء اللواتي يأتين إلى هنا. ص274).
عدم التدقيق في الجمع والمفرد: كما في حال (مشكلاته، ص 347)، مقابل (مشكلته، ص 273)، إضافة إلى النقص في  أكثر من جملة، بالتتابع، لنورد ذلك، للتدقيق:
(ويسعى إليه لاهثاً. إنها الطريقة الوحيدة ليحل مشكلاته ومشكلات ابنته مرة واحدة، ويوفر عليها كثيراً من المتاعب..)، والمقابل، جاء بالصيغة هذه:
Û li pey bireve, ev awayê tenha ye ji bo problema xwe çareser bike û problemên keça xwe û nehêle pirr biweste..
وأظن، أن المقابل يكون مختلفاً، وبشكل ملحوظ:
(ويهرب وراءه. إنها الطريقة الوحيدة ليحل مشكلته ومشكلات ابنته،ولا يدعها تتعب كثيراً).
وجود حالات خلل، سواء من ناحية عدم الدقة، أو سوء تقدير التقابل بين النصين:
في النص الأصلي، نقرأ (ربما لأنه لم يعد ذلك الوقت الذي قضاه في إقناع ناصر، لم يعد قادراً على المزيد من المناقشة.ً 346).
في المقابل الكردي، كيف جاءت معالجة هذه الفقرة؟ (ربما بسبب الوقت wexta الذي قضاه مع ناصر، ليغيّر نظرته (موقفه)، لم يعد قادراً أن يتحدث أكثرbêtir biaxiviya. ص 272).
في النص الأصلي،نقرأ (وأن له أولاداً يقارب عمرهم عمر عروسه الجديدة. ص 347)، بينما في النص المقابل،نقرأ:
(وعمر عروسه في عمر أولاده. ص 272)، حيث الخلل،في :ربط العروس بالأولاد، وليس العكس،وفي عدم تحديد العروس، فهي في النص الأصلي (الجديدة)، وفي إطلاق القول، من جهة الكم (الأولاد بالجملة، وليس ” البعض منهم”)، وهذا واضح تماماً.
في ذات الصفحة، وبالتقابل،ثمة ما يلفت النظرأيضاً. في النص العربي، نقرأ :
(أو تمنع رجلاً حصل على منصب جديد لم يحلم به، من أن يبدأ في البحث عن فتاة أحلامه)،
بينما في المقابل، فنقرأ (أو تمنع رجلاً حصل على إدارة جديدة dezgeheke nû، حيث كان يحلم به ku xwen pê didîtin ، وهولا يبدأ في البحث عن الفتاة في أحلامه).
مرة أخرى، يلاحظ، أن المترجمة لا تعير الاهتمام الكافي لموضوعة الكم، الفاعلة في إضاءة المعنى، وفي توضيح العلاقات بين كيانات النص المختلفة، بداية ونهاية، حيث الالتباس، مثلاً قائم بين مفهوم المنصب (داخل إدارة)، والمنصب بالذات،كون المنصب يقابل (payedariyeke )..
وفي النص الأصلي، نقرأ (وعبثاًَ رحت أشرح له أنني قادم من قسنطينة لهذا الغرض، وحدهن النساء كن جديرات بالعناية هناك.. ص 348)، ليأتي المقابل، ناقصاً قبل كل شيء (وحدهن النساء جديرات بالعناية tenê jin hêjayî guhdanê bûn)…
في المثل القائل والوارد في النص الأصلي، (حتى يبقى زيتنا في دقيقنا. ص 349)، يأتي المقبل، معكوساً، وبعدم الدقة المطلوبة، وهو الدال على التمايز، ومن باب التمييز الاجتماعي، الطبقي…الخ، والجملة الواردة بالكردية هي (حتى يبقى زيتنا على دقيقنا. ص 275)، أي :
Da” Zeyta wan li ser ardê wan bimînê”، أي ليس (di ardê wan de)…الخ.
أكتفي بهذا القدر من الأمثلة…؟؟!!.

       

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…