قصص قصيرة

محمد علي علي

الحياة سيجارة

اشتهر بولعه الشديد للسيجارة ، وجاء ذلك اليوم عندما أصبح طريح الفراش . جميع أراء الأطباء اتفقت على أن أيامه قد باتت معدودة :
 ” الأعمار بيد الله ، ولكن لا أمل يرتجى منه ” .
في البيت ، كان الجيران والأقارب يجتمعون حوله، ينتظرون كل يوم أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، ولكن حشرجة الموت  كانت تخيب أملهم ،
واللافت أن المريض – الميت كان دوما يرفع بأصبعيه للمجتمعين ، طالبا سيجارة ، ولكن لا أحد كان ينفذ طلبه ، فالأطباء منعوه من التدخين ؟
 وذات يوم جاء رجل عجوز من أقاربه ، فلا حظ حركة أصبعيه المرسومة على شكل علامة النصر V ، فسأل الموجودين عن معناها ، فأجابوه
بأن مريضهم يطلب سيجارة ، عندها اخرج العجوز علبة تبغه ، لف له لفافة غليظة ، سأله احد الموجودين :
– ماذا تفعل ، لقد منعه الأطباء من التدخين !
 أشعل العجوز اللفافة ، ناوله للمريض ، ثم التفت إلى الحضور وقال باسما :
 – الحياة كالسيجارة تشتعل ثم تنطفئ ، لقد لبيت طلبه الأخير!
  بينما كان العجوز يتكلم ، كان المريض يهز برأسه موافقا ، دخن … دخن ودخن ، حتى انطفأ،
 تصاعد دخانه إلى الأعلى أما رماده …فتناثر هنا…وهناك !

 درس في الجغرافيا

– انظري يا ابنتي ، هذه هي الكرة الأرضية ، الأرض التي نعيش عليها ! هل هي جميلة ؟
 – نعم يا أبي، إنها جميلة جدا !
 – اللون الأزرق هو البحر ، الأخضر هو السهول ، أما اللون البني فهي الجبال ، هل تعرفين الآن ما هو لون الأرض ؟
 – أزرق ، أخضر وبني !
 – صحيح ، ممتاز ، هذا هو لونه عن قريب ، أما من الفضاء …!
 –  فضاء ؟
  –  نعم ، أقصد من بعيد فيبدو … !
   نهضت الطفلة من مكانها تراجعت خطوات إلى الوراء، تأملت الكرة الأرضية من بعيد،  ثم صاحت :
 – انه أزرق اللون كالسماء يا أبي !
 – هذه هي القارات الخمس ، في القارات توجد بلدانا ، في البلدان مدنا وفي المدن بيوتا .
 – لم أفهم يا أبي !
 – مثلا ، هذه قارة أسيا ، هنا توجد  بلدان كثيرة ،وفي البلدان مدن كثيرة ، انظري ، هنا تقع مدينتنا ، التي نعيش فيها !
 – وأين بيتنا يا أبي ؟
 بحث الأب على الكوكب في قارة أسيا  عن بلده ، عن مدينته ثم عن بيته للحظات ، رسم نقطة بالقلم  وقال :
 – هنا في هذه النقطة تقريبا ..يقع بيت الأجرة الذي نسكن فيه يا ابنتي !

 شكوى

مع مرور الزمن ، امتدت مقبرة البلدة طولا وعرضا ، فخشي جيران المقبرة الأحياء من هذا التمدد للأموات نحو بيوتهم ، فكتبوا عريضةإلى مجلس البلدة يشتكون من زحف المقبرة .
ناقش المجلس في جلسة طارئة المشكلة ، قدمت حلولا عديدة ، مهندس البلدية اقترح بناء …! أو بالأحرى إنشاء مقابر عصرية
ذو طابقين لحل مشكلة ” سكن الأموات ” ولكن رفض مقترحه لأسباب عمرانية . أما المراقب الفني فاقترح إزالة المقبرة القديمة ، لتحل محلها مقبرة جديدة ، ورفض مقترحه أيضا لأسباب أخلاقية …وهكذا بقيت المشكلة قائمة ، فلم يرض أحد من الأحياء التبرع بقطعة أرض لأخوتهم الموتى…!
 في أحد الاجتماعات ، تمت استشارة حفار القبور الذي اقترح على المجلس ما يلي :
– طالما هناك في كل بيت فناء أو ” حوش ” واسع ، فلما لايدفن الميت في هذا الفناء ؟ وهكذا ستتقوى أيضا صلة الرحم بين الأحياء و الأموات .!
 قوبل المقترح بتصفيق حار .
 وهكذا أصبح في كل بيت مقبرة وفي كل مقبرة بيت …!

 التافه

– ما رأيك بالحياة ؟
– تافهة !
– الحب ؟
– تفاهة !
– السعادة ؟
– تفاهة !
– الشجاعة ، الصدق ، الضمير ؟
– تفاهات !
– أنت متشائم جدا ؟
– بل تافه جدا …!

 جواب منطقي

– من أين لك هذا البيت الجميل ، أيها العامل ؟
– من كدي وعرق جبيني !
– وأنت ، أيتها الراقصة الحسناء ، من أين لك بهذه ” الفيلا ” الفاخرة ؟
– من خصري  وعرق بطني …!

aramcosigal@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…