المواقع الالكترونية الكردية, طموح كبير … وقصور كبير

عمر كوجري  

    في غمرة الثورة الالكترونية التي اجتاحت العالم، كان لابد للكرد من أن يقولوا كلمتهم ، ويدلوا بدلوهم  مواكبين غيرهم في هذا المجال  الذي يعلن كل يوم فتحاً جديداً في عالم التقانة والاكتشافات المذهلة بحيث بات من الصعب على المرء أن يراوح في مكانه يوماً واحداً، لأن كل يوم من عمر البشرية في الألفية الثالثة يعد فتحاً جديداً لا بل  أن كل يوم يعتبر تاريخياً ، وهذه فرصة وطفرة عبقرية لم تحصل في أي من مراحل التطور الإنساني عبر تاريخه الطويل،  وقد جاء الإعلام الالكتروني ليقوض إلى حد بعيد معالم الكتابة الورقية التي تبارت بدورها إلى الاستعانة بتلك التقنية التي أصبحت في متناول الجميع، فبكبسة زر يستطيع المتلقي أن يقرأ أية مطبوعة في أية بقعة من بقاع الأرض، وبالتالي تتوافر الخيارات لديه ليفرز المطبوعة المهمة من المطبوعة الضعيفة تقنياً ومعرفياً.
وهذا ما أشعر القيمين على الإعلام المكتوب لتجاوز هناتهم الكثيرة والبحث عن بدائل على كل الصعد، وإيجاد النص الجيد الذي يكسب، ويكثر في النهاية الزوار ومتصفحي الصفحة، وهذا غاية العمل الإعلامي القائم على الانتشار، والربحية أيضاً.
   من هذا المنطلق ولغايات نبيلة وبأياد بيضاء باشر المهتمون والمتبحرون في علوم الكومبيوتر والانترنيت من الشباب الكرد خارج البلاد في المنافي الطوعية أو حتى في الوطن بتأسيس مواقع ألكترونية مستفيدين من تقانة الانترنيت، وباللغات الكردية والعربية والانكليزية والألمانية وغيرها من اللغات العالمية الحية.
    لكن المحزن أن مجمل هذه المواقع قد حاكت قريناتها من المواقع التي سبقتها، فانتشرت أسماء هذه المواقع، لتتشابه في طرح الأسماء والمواضيع التي تطرح، فما أن تفتح موقعاً حتى تستغني عن فتح بقية المواقع لأن الكتاب هم أنفسهم، ولا يكاد المتلقي يرى موقعاً كردياً مختصاً بموضوع أو فكرة معينة، فجميعها تنشر على صفحاتها مواداً سياسية وحوارات ونصوص شعرية ونثرية، وقراءات في كتب، وركن المرأة والصحة، والأخبار الطريفة  وووو لم نجد موقعاً كردياً واحداً يهتم بالمقالات السياسية حصراً، ولا ينشر سواها، في حين أن ثمة مواقع بالعربية والتركية وغيرهما تختص فقط بنشر النصوص الشعرية أو القصصية، أو تختص بنشر أمهات الكتب القيمة والتي لا يمكن للقارئ اقتناءها إما لندرتها أو لتكلفتها الباهظة.
فإضافة إلى مواقع الأحزاب الكردية – وما أكثرها – تطالعنا صفحات الانترنيت كل فترة بموقع جديد .. لست ضد كثرة المواقع لكن لا أن تصل  الأمور إلى حد التخمة المعرفية التي لا طائل منها فهنا المشكلة ، وكأن كل كردي يملك في منزله جهاز كومبيوتر، ويجلس كل يوم ساعات عديدة وراء منجزات الشبكة العنكبوتية.
 الكرد يفضلون كثيراً الركض وراء قوت أطفالهم على تصفح الانترنيت.
والأسوأ من كل هذا وذاك أن بعض المواقع الكردية لا تدار من قبل ورشات متكاملة، بعكس كل العالم، فربما يدير شخص محدد موقعاً دون أن يملك أدنى مقومات العمل الإعلامي، ولك تصور صعوبة هذا العمل الذي يتطلب متفرغين ومتخصصين ألخ .. ومن المبكي لا المضحك أن الموقع وتجديده وتطويره يقع على كاهل ذلك الشخص الوحيد فإذا سافر أو مرض أو ذهب إلى مكان، أو حضر محفلاً سياسياً  بقي موقعه بارداً إلى حين تشريفه، ولا ننسى أن هذه المواقع مسؤولة مسؤولية أخلاقية حيال الكثير من الطحالب والأشنيات التي نمت في غير أرضها، وأصبح كل من غازل أزرار« الكيبورد» كاتباً« كبيراً» لا يشق له غبار، وبالطبع لا وقت للقائمين على هذه المواقع بغربلة المواد التي ترسل إليهم، وتصحيحها لغوياً، والتوقف عن نشر كل ما يرسل لهم.
أقترح ما يلي:
1 – أن يتقلص عدد المواقع إلى الحد المعقول
2- أن يشرف على هذه المواقع أهلها من الصحفيين والكتاب والمتخصصين
3- أن تمول هذه المواقع، من قبل الميسورين من أبناء الشعب الكردي، وبالتالي أن يفرغ بعض أصحاب الأقلام المميزة لرفد هذه المواقع بالمواد المهمة، والكتابات الأنيقة.
4- أن تعطى الفرصة للأقلام الشابة والجادة حصراً ، وأن تستبعد من غير أسف الأقلام التي تثير الشتائم والزوابع الفارغة، أعني الأقلام الضحلة التي لا تقول شيئاً.
5- أن تكون هناك مواقع متخصصة في شأن بعينه، كي يتوجه أصحاب المقالات السياسية مثلاً إلى المواقع السياسية، والشعراء إلى مواقع الأدب، وبالتالي نكسر قاعدة تكرار الأسماء في كل المواقع.
عندئذ سنستطيع التسويق بشكل علمي لأفكارنا، وأحلامنا، وسنقرب المسافات مع الآخرين.  
    

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شيرين خليل خطيب

في أيِّ مجال إبداعي، أو أي حرفة تعتمد على الحس والموهبة، يظهر أشخاص يظنون أن بإمكانهم اقتحام هذا العالم لمجرد أنه يعجبهم أو أنهم يحلمون بالانتماء إليه. لكن الحقيقة المُرَّة التي مهما حاولنا تجميلها، هي أن بعض الطرق لا تُفتح لكل عابر، وأن بعض الفنون تحتاج إلى موهبة أصلية أو حد…

خالد بهلوي

اختُتمت الدورة الإلكترونية لتعليم كتابة سيناريو السينما الكردية، التي أُنجِزت بإشراف الدكتور جاسمي وزير سَرهَدي، البروفيسور في المسرح والسيناريو (الدراما الهوليوودية)، والمدرّس السابق في جامعة صلاح الدين في هولير، والحاصل على عدة جوائز دولية في كتابة السيناريو السينمائي.

قدّم الدكتور الدورة على مدى عشرة أسابيع، تناول فيها موضوع الدراماتورج وبنية القصة الدرامية، إضافة إلى محاور…

ا. د. قاسم المندلاوي

في هذه الحلقة نقدم للقارئ الكريم نبذة مختصرة عن فنانين آخرين، احدهم من غرب كوردستان، الفنان الشهيد يوسف جلبي، الذي تعرض الى ابشع اساليب الاضطهاد والتعذيب من قبل السلطات السورية الظالمة، وخاصة بعد سيطرة نظام البعث سدة الحكم عام 1966. فقد تعرض الكثير من المطربين والملحنين والشعراء الكورد في سوريا…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…