ولادة

سردار رشيد

المكان : مشفى الرازي
الزمان : 11/9/2007
من هنا ومن قاع ٍ يتنهد تحت ثقل هموم فطرية بدأت منذ ولادتها منذ لحظة تعلقها بملامح أبيها الغير متناسقة وثدي أمها الهزيل جدا ًوجدران بيتها أو ما يشبه البيت في مفهومنا ولغة جدتها المتضمنة لكلمات لم ولن أسمع بها ..!! …أعلنت عن الزيادة في عدد السكان .. أعلنت الهزيمة..أعلنت عن تعبها … وعن مشقة عبورها لمرحلة ما قبل ولادتها .. وولادتها ..
بكت لأول مرة على الرغم من أنها لا تعرف معنى البكاء .. شهقت حتى الموت لأول مرة على الرغم من أن والديها صرحا أكثر من مرة بأنهما سوف يردان الموت عنها .. وملاك الرحمة كما عرفناهم يوزعون البسمة مجانا ً علينا وبحثهم عن صفقة زواج أو علاقة مستمر .. وألم معدة الصغيرة وأمعائها مستمر ٌ… وذلك الشيء المزعج …الذي يغتصب عينها .. ذاك الضوء الفوضوي الذي يتراقص من حولها ، مستمر ٌ.. وفرحة الأب مستمرة .. وخلاص الأم يستمر…والزيارات وعلب الحلوى .. والتهاني وأزمة الازدحام فوق رأسيهما المتعبين مستمرة…
وهي لا تزال تبكي … أين الحليب يا الله … أين الطبيب يا عباد الله …؟ أين ..؟ جاء الطبيب … لا بدّ من حليب .. لا حليب .. إذن اشتري الحليب ..!!! من هنا ومن زاوية يغمره العجز فيها والضعف البائس ينهش جبينا ً حائرا ً بين الفرح والبكاء بين عاطفة جديدة من نوعها و فاتورة فريدة من نوعها ، بين نظرات الأم إليه متفاهمة لحالة مكترثة جدا ً لأمره وشعورها الجديد الغير مألوف نحو الصغيرة .. من هنا.. أرحمها يا رب ..وأرحمنا…
فلقد جاءت ولية عهد المأساة ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…