اللامنتمي … الى ذرات الثلج الأبيض

 بقلم: محمد علي علي

اللامنتمي
 أيها اللامنتمي إلينا !
لما لاتنتمي إلينا ؟
 قلب صغير في كل مكان
حب كبير في كل زمان !
كم أحس بالغربة وهو يقرأ في صفحات هذا الكتاب ، أحس بنفسه منتميا إلى عالم سرابي يفصل بينه وبين الأفق الذي يسير إليه ألغاما شوكيه حادة العيون تود أن تغرس بأشواكها الشائكة في لحمه ، في قلبه ، وكم تمنى لو داس بقدمه هذا اللغم ليتنائر أشلاءه ازاهيرا وفراشات ملونة ، تزين هذه الدروب الضيقة ،المزروعة بالحقد والكراهية ،جمالا وبهاء ؟
 لو ينفطر هذا القلب الجريح النازف حبا !
 لو ينبلج هذا ” الصندوق العظمي الأسود ” فجرا،  شروقا ، نورا وضياءا!
 لو أمطر هذا اللسان وابلا ، دررا وجواهرا، تجّمل صدور هامات أيامنا العارية بالصدق والأمانة  .
 ماذا تخسر من عمرك أيها الفاني لوزرعت رحمة في تربة فكرك ؟
 ماذا تخسر لوغر ست في صميم فؤادك بذرة ، غرسة ، حبا إنسانيا يجعلك كطائر ،
  تتنقل من دوحة إلى أخرى مغردا ، تصغي إليك طربا كل الآذان في كل الآفاق؟
ماذا يفيد نعيقك إن جعلت من نفسك غرابا اخرقا ، أو بومة لا ترى حقيقة النهار ،
تخرج في الليل ، بحثا عن طريدة بريئة ، تائهة ، خرجت كطائر العنقاء من بين أنقاض العذاب والشقاء ،بومة لا تجلب سوى الشؤم و لا تحط سوى على الأطلال ؟
مالي أراك تتلون كالحرباء و تتلوى كالأفعوان الأسود ، قد هرمت بين القش بعد سبات وخرجت من جحرك جائعا ، تفح بفحيح لا تصيد سوى الفئران ؟
مالي أراك قد خرجت متربصا بنابيك السامين ، تنفث سما زعافا في وجوه كالحة ، تبحث عن بلسم شاف لجروح الروح من لسعات عقارب الزمن ؟

أيها الإنسان الفاني …!
 أنت لست سوى ومضة من عمر الزمان ،
 منيرة كالحقيقة أو مظلمة كالرياء ، 

 فامشي في الأرض هونا !
  أنت لست سوى عابر سبيل على مسافات المكان ،
 تبحث عن جدث توري فيه بقايا أثارك من الأيام ،
 فمثواك الأخير هواديم الأرض ، بين ذرات التراب ،
 و لاتطمح لعش يبنى في الأعالي ، فلا أعشاش تبنى في السماء !
 الخير وردة ، والشر شوكة !
 فيا وردا طاب ذكراه  بعطره ،
ويا شوكا وخز المرء ألما بمحياه ،
يا رحيقا يغتسل بقطر الندى عند الشفق :
إن تصبح عسلا فيه شفاء للإنسان ،
 خير من أن تصبح حنظلا ،
يلفظك  الدهر مرارة من أفواه الذباب !

aramcosigal@hotmail.co

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

دريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…