مســـــرحية : تاج علو على رأس جلو..!

سردار رشيد

لاذنب لهم.. فهم بشر ٌ بالفطرة ..
أو
تاج علو على رأس جلو..!

( مجموعة من الأبواب موزعة على الجدار الأيسر والأيمن وعلى الصدر المواجه للجمهور وكرسي خشبي قديم في المنتصف ….!!!)

الفصل الأول من فصوله

دلو 🙁 وهو جالس على الكرسي)..(مسائلا ً نفسه بحيرة )..ما أخباري يا ترى ..؟؟!.. ما أخبارك ترى يا دلو…؟؟. (للجمهور).. هناك خلل ..( مقنعا ً نفسه ).. بالطبع هناك خلل .. في هذه المعادلة اللعينة ..أنا متأكد بأنني لست السبب.. أنا الضحية هنا أيضا ً.. أنا عينة تافهة لما يجري هنا ..أنا الطرف المسكين في هذه المعادلة .. أنا الطرف المظلوم يا ناس… (منتبها ً)..

أحدهم قادم … (صوت أقدام يليه دخول علو من أحد الأبواب )..
أهلا بك يا صديقي العزيز … (مرحبا ًبه بحفاوة ).. كيف الحال .. تفضل اجلس هنا .. أتريد شايا ً.. قهوة .. أي شيء..؟؟!!
علو : ( باستكبار واضح )..لا ..لا أريد أي شيء.. (جالسا ً).. ما الأمر …
هل جاءك الوحي أخيرا ً.. وقررت أن تسد ما عليك … وترد لي ذلك المبلغ اللعين …
دلو : ( مبتسما ًوكأنه لم يسمع  ).. إنه معطف ُجميل …إنه يليق بك إلى درجة كبيرة .. يالا أناقتك …!!
علو : ( بغرور  ).. نعم..نعم…لقد اشتريته البارحة بثلاثة ألآلاف ليرة..
دلو:( مقاطعاً بخبث).. أنت تستحق أن تلبس معاطف بعشرين ألف حتى…
فأنت تملك شخصية قوية وهادئة وجميلة في نفس الوقت .. يجب أن تكون شخصا ًإما قياديا ً.. أو مسؤولا ً…
علو:( متابعا ًبغباء).. أتظن ذلك ..؟؟
دلو:( منتصرا ً)…بالطبع…حتى أنني أتحدى من يقول عكس ذلك…
علو 🙁 منتبها ً).. كيف هي أمورك .. ما هي أخبارك…
دلو 🙁 جاسا ًبالقرب منه)…(متنهدا ً).. الحمد لله…
علو : ( وهو يخرج رزمة من المال من جيبه )..(يعدها )…خذ هذه عشرة أخرى لك..
دلو 🙁 بخبث )..أنت بالفعل رجل .. والرجال قليلون في زمننا.. لك عندي عشرون ألف..سأسددها قريبا ً..حتى لو عملت في تكسير الحجارة…(خارجاً)..
(لنفسه بصوت مسموع لعلو بدهاء).. إنه رجل .. والرجال قليلون.. إنه رجل .. والرجال قليلون …
علو 🙁 على كرسيه بعد لحظات منتبها ً).. يا إلهي ماذا فعلت ..؟؟!! (راكضا ً ورائه)..إنه ثعلب ماكر.. دلو ..دلو …

الفصل الثاني من فصوله
(المكان نفسه)

دلو 🙁 وهو جالس على الكرسي)..(مسائلا ً نفسه بحيرة ).. هناك خلل بسيط .. (للجمهور)…لست سوى جزء بسيط جدا ًمن السبب …( مقنعا ً نفسه ).. أنا نتاج من ردة الفعل الطبيعية لهذه الوضع التافه .. (منتبها ً).. أحدهم قادم … (صوت أقدام يليه دخول خلو من أحد الأبواب )..
خلو : ( بعصبية ).. أين أنت يا رجل ..!! إنني أبحث عنك منذ شهرين .. !!..أهكذا ترد الجميل …؟؟!! (منتبها ً لحال دلو ووجهه اليائس).. ما الأمر يا دلو ..؟؟.
دلو 🙁 متنهدا ً)..أهلا ً بك … ما أخبارك …
خلو:( متأثرا ً)..مابك أنت ..ماذا هناك …؟؟
دلو 🙁 بحرقة ).. أمي يا خلو .. أمي …
خلو:( متأثرا ً)..مابها أمك .. أخبرني…؟؟!
دلو 🙁 مصطنعا ًالبكاء ).. إنها مريضة … وأنا .. أنا لا حول لي ولا قوة …
اللعنة على المرض والفقر حين يجتمعان … كنت قد جهزت لك مالك كاملا ً يا صاحبي .. ولكنني صرفت ثلاثة ألاف منها.. على مصاريف المشفى ..
وبقي معي ألفان فقط…خذها .. وسأرد لك الباقي بعد هذه الأزمة وسامحني أرجوك .. فهي أمي يا صاحبي..
خلو 🙁 متأثرا ً).. لا عليك ..لا أريد المال .. قد تحتاجه ..
دلو 🙁 بشكل خطابي ).. لا أرجوك يا خلو .. خذه ..فأنت الآخر تحتاجه أكثر مني.. (يناوله)..
خلو 🙁 متأثرا ًوبرجولة صارخة).. اذهب يا دلو لقد سامحتك بالبقية ..فنحن أصدقاء .. وأمك بمثابة أمي .. أيضا ً…
دلو 🙁 باكيا ً ).. أنت رجل يا صاحبي .. والرجال جدا ً قليلون في هذا الزمن..
(خارجا ً).. أنت رجل يا خلو .. والرجال قليلون جدا ً.. في هذا الزمن ..
أنت رجل…
خلو 🙁 جالسا ًبارتياح)… الحمد لله على كل حال .. ربي يشفيها ويعافيعا وعلي العوض إنشاء الله….(خارجا ًبزهو).. الحمد لله ..الحمد لله…

الفصل الثالث من فصوله
(المكان نفسه)

دلو 🙁 وهو جالس على الكرسي). إنه كرسي جميل .. سأشتري واحدا ً مثله …(مسائلا ً نفسه بحيرة ). لا خلل هنا .. الناس هم سبب مشاكلي .. فهم ماديون إلى درجة كبيرة .. (للجمهور)…إنهم أناس أغبياء بالفطرة .. (منتبها ً) (صوت أقدام يليه دخول جلو من أحد الأبواب )..
جلو : ( بعصبية  ).. بالفعل أنت إنسان كاذب… لا تقل بأنك أجريت عميلة  لأحد أقربائك من مالك الخاص كالعادة…ولا تتحجج بموت أحد …
أريد مالي .. أريده الآن يا من تغش نفسك بالمزايدة على عواطف الغير…
أنت إنسان فاشل ..ولا تستحق حتى أن نسلم عليك من بعيد …
دلو 🙁 صارخا ومهددا ً ).. إياك أن تتعدى حدودك.. انتبه لكلامك .. ومن قال لك بأنني أنتظر سلامك لي …خذ مالك وخلصني من هذه المصيبة .. مالك حرام ..لم أتوفق به في الأساس .. خذ خمسة آلافك وخلصني..
جلو : (بهدوء ).. خمسة يا ناكر الجميل .. خمسة …!! لقد كانوا ستة ياحرا..
حسنا ً..هات خمسة .. فليسامحك ربك .. إنني بالفعل استحق ما فعلته بي..
فليسامحك ربك.. (خارجا ً).. فليسامحك ربك…
دلو 🙁 وكأن شيئا ًلم يكن ).. بالفعل إنه كرسي جميل ..(خارجا ً)..سأشتري واحدا ًمنه ..لا بدّ أن أشتري واحدا ً  منه ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…