فوزي الاتروشي
(1)
عند الظهيرةِ عند منتصفِ النهارْ
عند الظهيرةِ حين كانت حزمةُ الشمس الجميلةِ
تقدحُ جمرَ نارْ
عند الظهيرةِ والنساءُ قوافلٌ
تطوي الدروبَ تشقُّ أرديةِ المدى
تمضي إلى جني الثمارْ
تمضي إلى حيث الينابيع التي..
من أجل نوروز إستحالت كالبحارْ
عند الظهيرةِ كان طفلٌ في حلبجة يقتفي أَثر
الفراشاتِ الملوّنةِ الجناحْ
كانت ضفائره الجميلةُ كالسنابلِ
(1)
عند الظهيرةِ عند منتصفِ النهارْ
عند الظهيرةِ حين كانت حزمةُ الشمس الجميلةِ
تقدحُ جمرَ نارْ
عند الظهيرةِ والنساءُ قوافلٌ
تطوي الدروبَ تشقُّ أرديةِ المدى
تمضي إلى جني الثمارْ
تمضي إلى حيث الينابيع التي..
من أجل نوروز إستحالت كالبحارْ
عند الظهيرةِ كان طفلٌ في حلبجة يقتفي أَثر
الفراشاتِ الملوّنةِ الجناحْ
كانت ضفائره الجميلةُ كالسنابلِ
حين تلفحها الرياحْ
الوردُ كان مشوَّشاً … أيَّ المعاطف يرتدي
أيَّ المفارق يستريح بظلهِّا
أيَّ المسالكِ يستحمُّ بشمسها
كان البنفسج والرياحين السخيةُ بالعبيرْ
كل من الأخرى تغار
فغداً سيبدأ مهرجانُ الحبِ …
يبدأ مهرجان النارْ
عند الظهيرةِ كل شيءٍ
كان يستجدي السماءْ
حتى تظلَّ نقيةً من أجل نوروز المتيَّمِ بالضياءْ
وفجأةً أُعلن في حلبجة الحصارْ
وأصبحت حبيبةًَ تذرفُ دمعاً ودماً
غلَّفها البكاءُ ..صارت السماء غيماً
والغيوم أصبحت تمطرُ سمُّاً قاتلاً
عانقها من كل جانبٍ سوار
وجاء نوروز …ولكن فوق أكوامٍ من القتلى
وصارت حلبجة نجمةً تنضحُ سمُّاً ودماً وبكاءْ
وبعض أشعار رثاءْ
صارت نجمةً تدورُ في هذا المدارْ
شاهدةً على قبح العالم …
تحمل في إحدى عينيها
وشمَ السمومِ … وفي الأخرى علامةَ انتصارْ
(2)
عند الظهيرةِ عند منتصفِ النهارْ
كانت حلبجة تستريح على ضفاف النهرِ …
تغسلُ وجهها
تشدو وتحمل كحلها …وتشدُّ أكمام القميص
وتعيد لون شفاهها …تختار ثوباً فاخراً
كل المدائن والجنائن من أناقته تغارْ
نوروز آتٍ لامحالة رغم غيم السمِّ
والمطر الربيعيُّ الجميل سيغسلُ
الطرقات من هذا الغبارْ
وحلبجة الحسناء سوف تظلُّ للعشاق آلهةً
وإن تاهوا فهي الحبيبة والمزارْ
(3)
أنهار بلادي تذرفُ في الوديان دماً
وعيون نساء بلادي تسفحُ أحزانا
وصخور حلبجة تنبضُ فيها
الروح وتصدحُ للقتلى
أشعار رثاءٍ وألحانا
أوراق العشبِ تنادي إنتزعونا
ولنصبحْ لأجساد القتلى أكفانا
جذع الأشجارِ يصيحُ خذوني تابوتاً
أو حطباً لصغار حلبجة
أُحرقُ نفسي … أُصبحُ نيرانا
كل الأحجار تورَّدَ فيها الشوق
لتصبح شاهدةً للقبر
كل إمرأةٍ قطعتْ أعناقَ ضفائرها
كل مفارز أطفال حلبجة تأتي عند الفجرتقول :
لن نبكي …لن ندفنَ أيَّ قتيلٍ …
لن نبني أضرحةً …لن ننعى إنسانا
وسيبقى وجه مدينتنا نوروزاً
يوزِّع كل فصولِ العام للعالمِ ريحانا
(4)
قطعوا هواءَ العالم عن أطفالنا
فتعلَّم الأطفال فنَّ الرمي بالبنادقْ
هدموا القرى …أخلوا البيوت
فتعلمنا فنَّ بناءِ الكمائنِ والخنادقْ
سرقوا كتاب (مه م وزين )
فصار كل واحدٍ منا …من أجل حبيبته الكوردية
يجعل قلبه نبع عشقٍ وحرائقْ
أمطروا علينا السمّ القاتل …
لكنَّ السمُّ أورقَ في حلبجة ريحاناً
وبنفسجاً وزنابقْ
(5)
طفلٌ أعمى …رجلٌ يلتفُّ بطفلتهِ
ورضيعٌ يبحثُ عن ثدي ..
يهديهِ بعض حليبٍ …بعض حنانْ
وأبٌ شيخٌ يتحجَّر في عينيهِ الدمعُ
وتسحقهُ الأحزانْ
والطفلةُ ذات الشعر الأشقر ترقد نائمةً
وبعينيها نوروزٌ كان سيأتي
يهديها بعضاً من قطع الحلوى
أو شالاً أو فستانْ
وهناك ضفائرُ أمٍ مازالت…
تتراقصُ ..مازالت تتحرَّق شوقاً
للحناءِ لبعضٍ من …
أوراق الآس …لطوق زهورٍ يزخر بالألوان
وغيومُ السمِّ القاتل مازالت تهطلُ
لكن عيون حلبجة تستجدي من يعطيها كحلاً
وتنادينا لن أصبح مقبرةً فأنا بستانْ
والحب بقلبي أقوى من هذا السمِّ القاتل
وغداً سأزور بحيرة (وان)
وسأغسلُ كل جراحاتي …
وأزورُ ضريحَ العشقِ الكورديِّ المدفونِ هناك
بحضن جزيرة بوتانْ
وسأدعو أطفالي الموتى …
أن ينتفضوا كي يشهدَ هذا العالم كيف سنبني
من جثثِ القتلى وطناً
سنظل نسمِّيهِ كوردستانْ
(6)
ضربونا بالأحجار فلم نُقتلْ
ضربونا بالبارود فلم نُقتلْ
حرقوا أكوام بيادرنا لكنا لم نُقتلْ
قطعوا عنا الماءَ …
الخبز …الدفءَ .. الأثوابَ فلم نُقتلْ
حصدوا أطفال حلبجة …لكن حلبجة
عند الفجر غدت أجملّ
(7)
ياأطفال الدنيا …
سأحدِّثكم …سأبوحُ لكم بالسرّ
في كوردستان يصير الطفل شرائحَ لحمٍ
ينهشها ذئبٌ جائعْ
وبقاياه ترمى في النهرِ
في كل نهارٍ تُجهض إمرأة عمداً
وتُقطَّع نهداها وأصابعها تبترْ
وتحاكم بالإعدام إذا ولدت طفلاً آخرْ
ولكي يفنى الأطفالُ
رشُّوا بالسمِّ القاتل …
رشوا العشبَ الأخضرَ والبيدرْ
لكن ياأطفال الدنيا
لاتنتفضوا حزناً …لاتنتفضوا فَزَعاً
فلغةُ الأرقام تقول :
كل إمرأةٍ كوردية قد تنجبُ خمسةَ أطفالٍ
في العام الواحد أو أكثرْ
(8)
من أجل عيونِ حلبجة أقسمنا
أن نعقدَ دبكتنا الكوردية … أن نلتفَّ بأعلامِ
الوطن الغالي
أن يحرقَ كلَّ منا شعرَ حبيبته
كي يضرمَ نيران النوروز المتفتِّحِ فوق جبين
حصار
أن نعشقَ بعد اليوم كما لم نعشقْ
أن نرقص بعد اليوم كما لم نرقصْ
أن لانكتب غير قصائد حب عذرية
من أجل عيون حلبجة أقسمنا
أيَّ المفارق يستريح بظلهِّا
أيَّ المسالكِ يستحمُّ بشمسها
كان البنفسج والرياحين السخيةُ بالعبيرْ
كل من الأخرى تغار
فغداً سيبدأ مهرجانُ الحبِ …
يبدأ مهرجان النارْ
عند الظهيرةِ كل شيءٍ
كان يستجدي السماءْ
حتى تظلَّ نقيةً من أجل نوروز المتيَّمِ بالضياءْ
وفجأةً أُعلن في حلبجة الحصارْ
وأصبحت حبيبةًَ تذرفُ دمعاً ودماً
غلَّفها البكاءُ ..صارت السماء غيماً
والغيوم أصبحت تمطرُ سمُّاً قاتلاً
عانقها من كل جانبٍ سوار
وجاء نوروز …ولكن فوق أكوامٍ من القتلى
وصارت حلبجة نجمةً تنضحُ سمُّاً ودماً وبكاءْ
وبعض أشعار رثاءْ
صارت نجمةً تدورُ في هذا المدارْ
شاهدةً على قبح العالم …
تحمل في إحدى عينيها
وشمَ السمومِ … وفي الأخرى علامةَ انتصارْ
(2)
عند الظهيرةِ عند منتصفِ النهارْ
كانت حلبجة تستريح على ضفاف النهرِ …
تغسلُ وجهها
تشدو وتحمل كحلها …وتشدُّ أكمام القميص
وتعيد لون شفاهها …تختار ثوباً فاخراً
كل المدائن والجنائن من أناقته تغارْ
نوروز آتٍ لامحالة رغم غيم السمِّ
والمطر الربيعيُّ الجميل سيغسلُ
الطرقات من هذا الغبارْ
وحلبجة الحسناء سوف تظلُّ للعشاق آلهةً
وإن تاهوا فهي الحبيبة والمزارْ
(3)
أنهار بلادي تذرفُ في الوديان دماً
وعيون نساء بلادي تسفحُ أحزانا
وصخور حلبجة تنبضُ فيها
الروح وتصدحُ للقتلى
أشعار رثاءٍ وألحانا
أوراق العشبِ تنادي إنتزعونا
ولنصبحْ لأجساد القتلى أكفانا
جذع الأشجارِ يصيحُ خذوني تابوتاً
أو حطباً لصغار حلبجة
أُحرقُ نفسي … أُصبحُ نيرانا
كل الأحجار تورَّدَ فيها الشوق
لتصبح شاهدةً للقبر
كل إمرأةٍ قطعتْ أعناقَ ضفائرها
كل مفارز أطفال حلبجة تأتي عند الفجرتقول :
لن نبكي …لن ندفنَ أيَّ قتيلٍ …
لن نبني أضرحةً …لن ننعى إنسانا
وسيبقى وجه مدينتنا نوروزاً
يوزِّع كل فصولِ العام للعالمِ ريحانا
(4)
قطعوا هواءَ العالم عن أطفالنا
فتعلَّم الأطفال فنَّ الرمي بالبنادقْ
هدموا القرى …أخلوا البيوت
فتعلمنا فنَّ بناءِ الكمائنِ والخنادقْ
سرقوا كتاب (مه م وزين )
فصار كل واحدٍ منا …من أجل حبيبته الكوردية
يجعل قلبه نبع عشقٍ وحرائقْ
أمطروا علينا السمّ القاتل …
لكنَّ السمُّ أورقَ في حلبجة ريحاناً
وبنفسجاً وزنابقْ
(5)
طفلٌ أعمى …رجلٌ يلتفُّ بطفلتهِ
ورضيعٌ يبحثُ عن ثدي ..
يهديهِ بعض حليبٍ …بعض حنانْ
وأبٌ شيخٌ يتحجَّر في عينيهِ الدمعُ
وتسحقهُ الأحزانْ
والطفلةُ ذات الشعر الأشقر ترقد نائمةً
وبعينيها نوروزٌ كان سيأتي
يهديها بعضاً من قطع الحلوى
أو شالاً أو فستانْ
وهناك ضفائرُ أمٍ مازالت…
تتراقصُ ..مازالت تتحرَّق شوقاً
للحناءِ لبعضٍ من …
أوراق الآس …لطوق زهورٍ يزخر بالألوان
وغيومُ السمِّ القاتل مازالت تهطلُ
لكن عيون حلبجة تستجدي من يعطيها كحلاً
وتنادينا لن أصبح مقبرةً فأنا بستانْ
والحب بقلبي أقوى من هذا السمِّ القاتل
وغداً سأزور بحيرة (وان)
وسأغسلُ كل جراحاتي …
وأزورُ ضريحَ العشقِ الكورديِّ المدفونِ هناك
بحضن جزيرة بوتانْ
وسأدعو أطفالي الموتى …
أن ينتفضوا كي يشهدَ هذا العالم كيف سنبني
من جثثِ القتلى وطناً
سنظل نسمِّيهِ كوردستانْ
(6)
ضربونا بالأحجار فلم نُقتلْ
ضربونا بالبارود فلم نُقتلْ
حرقوا أكوام بيادرنا لكنا لم نُقتلْ
قطعوا عنا الماءَ …
الخبز …الدفءَ .. الأثوابَ فلم نُقتلْ
حصدوا أطفال حلبجة …لكن حلبجة
عند الفجر غدت أجملّ
(7)
ياأطفال الدنيا …
سأحدِّثكم …سأبوحُ لكم بالسرّ
في كوردستان يصير الطفل شرائحَ لحمٍ
ينهشها ذئبٌ جائعْ
وبقاياه ترمى في النهرِ
في كل نهارٍ تُجهض إمرأة عمداً
وتُقطَّع نهداها وأصابعها تبترْ
وتحاكم بالإعدام إذا ولدت طفلاً آخرْ
ولكي يفنى الأطفالُ
رشُّوا بالسمِّ القاتل …
رشوا العشبَ الأخضرَ والبيدرْ
لكن ياأطفال الدنيا
لاتنتفضوا حزناً …لاتنتفضوا فَزَعاً
فلغةُ الأرقام تقول :
كل إمرأةٍ كوردية قد تنجبُ خمسةَ أطفالٍ
في العام الواحد أو أكثرْ
(8)
من أجل عيونِ حلبجة أقسمنا
أن نعقدَ دبكتنا الكوردية … أن نلتفَّ بأعلامِ
الوطن الغالي
أن يحرقَ كلَّ منا شعرَ حبيبته
كي يضرمَ نيران النوروز المتفتِّحِ فوق جبين
حصار
أن نعشقَ بعد اليوم كما لم نعشقْ
أن نرقص بعد اليوم كما لم نرقصْ
أن لانكتب غير قصائد حب عذرية
من أجل عيون حلبجة أقسمنا
أن نعقد دبكتنا الكوردية