إلى الناجي بأعجوبة … إلى كرم اليوسف

  توفيق عبد المجيد

ابن الأخ … ابن العزيز … ابن المناضل … ابن الجريء … ابن الشجاع
اعتذر منك أولاً … ومن أبيك – أخي – ثانياً … على تقصيري في زيارتكم … أنت وأشقاؤك أثناء المعالجة في المشفى … وأشكر الكادر الطبي الذي أشرف على علاجكم … وأحمد الله دائماً على نجاة من نجا .

أعتذر منكم ثانية – أحبتي – لأنني كنت في غيبوبة ، لم استفق منها إلا بعد أن حصل ما حصل … ثم عرفت النتائج المؤلمة … عرفت الحصيلة المرة … فلم يكن بإمكاني … بل لم يعد مقبولاً… هذا الصمت مني … حاولت التعبير عن المشاعر … فانهالت علي الكلمات بغزارة … احترت ماذا اختار منها لهذه الرسالة  الاعتذارية الموجهة إلكم … والتي ستدخل بيتكم دون استئذان بعد قليل :
توسلت إلىّ الشاعرة الفلسطينية ( فدوى طوقان ) أن تصحبني إلى بيتكم المتواضع … منبت الشجعان … ومنزل الأبطال … للتعرف عليكم … ولكنني رجوتها بإلحاح أن تحمّلني – بدل الزيارة – رسالة إليكم … فكانت هديتها المتواضعة … هذه الأبيات الجميلة التي تختزل مشاعرها … التي تترجم تطلعها إلى المستقبل :
وها أنتم كصخر بلادنا قوة
وها أنتم كزهر بلادنا الحلوة
فكيف الجرح يسحقني
وكيف اليأس يسحقني
وكيف أمامكم أبكي
يميناً بعد هذا اليوم لن أبكي

فاقبل اعتذاري لأنني كنت أستاذك يوماً ما … اقبل اعتذاري لأنني علمتك تاريخ الأدب والبلاغة … وأنت الوحيد من بين المئات … الذي وضع قدميه على الطريق الصحيح … الطريق الذي أرتضيه … ولم تقبل أن تضيع في غياهب الفراغ القاتل بل رفضت حياة اللامبالاة … وكنت بكل جدارة وامتياز أبن إبراهيم اليوسف .
ستحقق آمالك … ستكمل مشاريعك … ستخدم أمتك … المستقبل باسط ذراعيه لك … فأنت القدوة لشباب هذه الأيام … وأنت وغيرك … الأمل .
لقد نجوت يابن أخي فلا تخشى الكوابيس … فأنت الناي العازف دائماً أعذب الألحان … أنت الحي … أنت القلم المبدع الذي ننتظره .
تأكد – ابن أخي كرم – أنك أكبر بالفعل من تلك الرصاصات … وتأكد مرة أخرى أنها لم ولن تخيفك … لن توقف مسيرتك … لن تنال من قامتك الشامخة … لأنك طرقت باب الموت … وخاطبته دون خوف ، قائلاً مع عزيز نيسن : أيها الموت تعال باحترام فأنا في انتظارك .
24/3/2004

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مروان شيخي

المقدّمةُ:

في المشهدِ الشِّعريِّ الكُرديِّ المعاصرِ، يبرزُ الشاعرُ فرهادُ دِريعي بوصفِه صوتاً خاصّاً يتكلّمُ من عمقِ التجربةِ الإنسانيّةِ، لا بوصفِه شاهداً على الألمِ فحسبُ، بل فاعلاً في تحويلِه إلى جمالٍ لغويٍّ يتجاوزُ حدودَ المكانِ والهويّةِ.

ديوانُه «مؤامرةُ الحِبْرِ» ليسَ مجرّدَ مجموعةِ نصوصٍ، بل هو مساحةٌ روحيّةٌ وفكريّةٌ تشتبكُ…

غريب ملا زلال

سرمد يوسف قادر، أو سرمد الرسام كما هو معروف، عاش وترعرع في بيت فني، في دهوك، في كردستان العراق، فهو إبن الفنان الدهوكي المعروف يوسف زنكنة، فكان لا بد أن تكون حياته ممتلئة وزاخرة بتجربة والده، وأن يكتسب منها بعضاً من أهم الدروس التي أضاءت طريقه نحو الحياة التي يقتنص منها بعضاً من…

أحمد مرعان

في المساءِ تستطردُ الأفكارُ حين يهدأ ضجيجُ المدينة قليلًا، تتسللُ إلى الروحِ هواجسُ ثقيلة، ترمي بظلالِها في عتمةِ الليلِ وسكونِه، أفتحُ النافذة، أستنشقُ شيئًا من صفاءِ الأوكسجين مع هدوءِ حركةِ السيرِ قليلًا، فلا أرى في الأفقِ سوى أضواءٍ متعبةٍ مثلي، تلمعُ وكأنها تستنجد. أُغلقُ النافذةَ بتردد، أتابعُ على الشاشةِ البرامجَ علّني أقتلُ…

رضوان شيخو

 

ألا يا صاحِ لو تدري

بنار الشوق في صدري؟

تركتُ جُلَّ أحبابي

وحدَّ الشوق من صبري.

ونحن هكذا عشنا

ونختمها ب ( لا أدري).

وكنَّا (دمية) الدُّنيا

من المهد إلى القبر..

ونسعى نحو خابية

تجود بمشرب عكر..

أُخِذنا من نواصينا

وجرُّونا إلى الوكر..

نحيد عن مبادئنا

ونحيي ليلة القدر

ونبقى…