نداء من والد الشهيد .. مع بطاقة شكر للسلطات

بقلم: أمين عمر

أخوتي المعزين هل تسمحون أن أقول ما في قلبي, أم أشكركم كالآخرين وكفى ..

 إخوتي كل الشعوب والأقوام يرمزون إلى حب الآباء للأبناء بشيء معين , بقطعة جسد بشيء نقي وجميل  , يوصفون حب الآباء للأبناء بتعبير ما ,قد يشبه الابن بالقلب أو بالروح , بالحياة  بالنور,  قد يوصف بالوجود والأملاك والمشاريع , أما نحن الكرد فرمزنا لذاك الحب هو القلب و الكبد.
 والله إن قلبي ليتمزق والكبد يحترق ويتقطع, واني لأحجز الدموع حياء وهذا من ضعفي, وقصر نظري وبصيرتي.
 والله أن حبي لابني كان كبيرا والعشرين عاما ليس بقليل, و لقد عقدت عليه الآمال و بنيت الطموحات, كبرى ابني قليلا ومعه تابعت مسيرة الطموحات, لأنني كنت المحروم من الأحلام و بلا طموحات, حملته بين يدي وعلى كتفي وهو صغير, اشتريت له من السكاكر والحلوى الكثير , ضربته  بعض المرات لاعبته في الخفاء وأمام أهل الحي, لأجله تشاجرت زوجتي مع الجيران, رسمت له مستقبلا أن يكون مهما ناجحا .. غنيا.. معززا, حلمت بيوم عرسه وان أقيم حفلا و اعزم الكثيرين وآتي له بكبار الفنانين, حلمت بأولاده  يتكاثرون, يلاعبونني و بجدهم الكبير يستهزءون, والله سأكون كاذبا أن قلت كم أنا سعيد, ليس لشيء سوى كوني الآدمي الضعيف, والله ما كنت سأحظى بهذا الكم من الحضور مهما فعلت, ما كنت سأحظى بعزاء كل هؤلاء الطيبين , أناس كثيرون, الآلاف  يقرءون الفاتحة والمئات يخفون الدموع, والله لم احلم بعدد وافدي عرس ابني بهذا الكم, هكذا نحن بني البشر, يكرمنا الله ولكننا ضعفاء أمام القدر, الكل يريد السعادة لأبنائه اجل, وهل بعد الجنة من سعادة يا أخوتي وهل بعد الشهادة فخر, والله أن حزني بجسدي وشكلي وقد يكون في أعماقي أيضا, لكن وفي أجزاء أخرى من جسدي لا اعرف أمكنتها يشتعل فيها الفرح الكبير, هل تعتقدون أن المستقبل الذي رسمته مع صغيري يوما ما  كان أفضل مما وصل إليه , الجنة في الآخرة والخلود والعز في الدنيا
أخوتي المباركين لماذا لانبارك من الآن فصاعدا لذوي الشهداء فبإذن الله أن الشهيد اشد فرحا من العريس والرئيس
أخوتي المهنئين لقد أصبحت رجلا مهما.. تصوروا يا أخوتي أصبحت أبا الشهيد
اللهم أن كنت قد قبلت ابني ورفاقه شهداء فأننا لسنا آسفين عما حدث فهم أحياءا في قلوب الناس  وأحياء في السماء
أخوتي المحتفلين
لماذا نحتفل بتخرج طالب من الجامعة بحصوله على شهادة  ما, مهندسا كان أو طبيب ولا نحتفل بحصول ابنائنا على شهادة الامتياز في الشهادة  
 الرؤساء والقادة يتحدثون عن صغيري واتسائل في نفسي, ماذا فعلت يا صغيري هل كبرت حقا يا صغيري,
والله  إن تعزية القائد البطل البر زاني يعني لي الكثير, كنت دائما رجلا  بسيطا فرفعني ابني إلى مراتب الكبار, بقطرات ماءا حمراء يرتفع الإنسان يا رجال
من اجل ابني وأبناء الآخرين ندد القائد البرزاني بقتل الأبرياء وهم في أمس الحاجة للهدوء مع الجوار
إخوتي المحتفلين إن حضوركم هذا لوالله غالي ولن ننساه, ولكنكم ستذهبون إلى بيوتكم وأنا لا اطلب منكم البقاء ,لأنه سنة الحياة وسأبقى أنا وزوجتي وحدنا لنبدأ ذكرياتنا ونخترق السنين العشرين , عندما كان يغيب ليلة عن البيت, نشعر أن هناك شيء من حولنا  ناقص , عندما كان يسافر أسابيع أو شهور كان ينتابنا القلق ويبدأ الشوق بالحضور, كنا نحرصه على العودة, ننبهه ليحافظ على نفسه, نطمئن عليه بالتليفونات نبعث له التوصيات والنصائح , ولكن اليوم لن ينفعنا الشوق والانتظار فلقد سافر وأعمق بالإبحار, أبعدته أيادي الغدر والطغيان, من بين أيدينا سرقته, ولكن أوعدكم بإذن الله أن أراه وكل يوم, فالسلطات تستطيع نشر الظلم وأن تقتل الجمال والإنسان, ولكنها لن تهزم الأحلام لن تستطيع منع الأرواح من اللقاء, سأخبره أن دمه غالي ونفيس و لم يذهب هدرا واخبره حكايا اتحاد الأحزاب وتكاتف الشباب
نعم لقد حرمت من ابني و من أحفادي ولكني لواثق وليس بمبالغ أن أي شاب يعتبر نفسه ابني الذي غادر
والله أن حزني لهو حزن شكلي.. جسدي .. يفرضه علي  طبيعتي الإنسانية ولكن تيقنوا إنني سعيد بانجازات ولدي وهذه الدموع مياه فائضة ترطب العين والعواطف.
 نعم ولطبيعتي البشرية أنا بعض الشيء حزين وهل تريدون عزائي حقا هل تريدون سعادة أبو الشهيد
نعم تريدون
 أذن ابدءوا تجارتكم تاجر بدم ابني والآخرين لقد قالها شيخنا وشهيدتا العظيم معشوق الكرد والإنسان /لن نسمح لكم بعد اليوم أن تنسوا شهدائكم / فلنتاجر بدماء شهدائنا ولنصنع من الموت حياة /
 اسمحوا أن اعرض حصتي من شهيدكم فلم يعد ملكي وحدي, أنا اعرض حصتي للبيع بالعملات النفيسة بأقساط وحدتكم وعربون حريتكم وغير ذلك فبئس تجارتنا, حافظوا على كلمتكم التي اطلقتومها معا , توحدوا وليكن دم أبنائنا العهد بينكم
 ماذا تقولون هذا الدم قليل… كلا ليس بالقليل فقد سال قبله الكثير
 أرجوكم لا تخذلوهم فأن الفرقة لشبيهة بهدر دم الشهيد
ياخوتي القياديين هل تقدرون والد الشهيد حقا…لقد خطبتم فينا عشرات السنين فهل تستمعون اليوم لنداء والد الشهيد
 والله أن المناصب زائلة وان كثرة أحزبنا تقليل وتصغير لنا
لماذا لاينضم الكبير للصغير نعم أن كان الصغير يرى ذلك عارا أو ذلا بانضمامه للكبير, فليبادر الكبير
والذي يرى نفسه زائدا أو ناقصا فليتحد مع الآخرين  لقد افترقتم بما فيه الكثير, وضيعتم الأوقات على البديهيات وصغائر الامور على الخطابات وحروف الجر والعلة, توحدوا ياخوتي فالله جل جلاله و العقل والمنطق يتطلب توحدكم, دماء أبنائنا يستغيثكم توحدوا
 فلينضم البعض للآخرين , والآخرين للآخرين
أنا واثق أنكم تحرصون على دماء الشهداء ولقد حان موعد نهاية الأخطاء .
واسمحوا لي برفع هذه البطاقة
بطاقة شكر للسلطات ليس من باب الاستهزاء أو للتعبير عن الكره والاستياء بل بطاقة شكر حقيقية لأنهم حولوا ثلاث من بشرنا.. من أكرادنا إلى ملائكة وأولياء… شكرا لأنكم أثبتم للأربعين مليون من الكرد أن البرزاني هو أبو الكرد…أشكركم  شكرا نابعا من القلب الممزق .. فبظلمكم أخرجتم القضية الكردية إلى النور والمحافل الدولية  وسنشكر كل من يدفع القضية الكردية إلى الأمام
 
اعلموا يا قادتنا الكرد أن حزننا لن يزول.. والدموع التي نخفيها اليوم ستسال كثيرا طالما انتم متفرقون, وحدتكم عزائنا وغير ذلك فكل شيء غير مقبول ومطعون.
 في  الختام
 إخوتي المعزين إخوتي المهنئين إخوتي المحتفلين كل التهاني والتقدير لكم
من والد الشهيد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…