إلى روح الكلمة الكردية إلى الأمير جلادت بدرخان

 توفيق عبد المجيد

وتعود بنا الذاكرة من جديد إلى الخلف… في نزوة شوق وحنين إلى الماضي قريبه والبعيد …تقلب الصفحات دون مرور على الفهارس … تعود بنا الذاكرة إلى حدائق البدرخانيين الأوائل … أمراء جزيرة بوتان … تعب من عبقهم الربيعي … بعد تعب فتنتعش  بهذه النفحات النيسانية العطرة .

ثم تسترد في عجالة سيرة البدرخانيين الذين استحوذوا على قدر لا يستهان به من الصفحات … في التاريخ الكردي قديمه والحديث …فتختزل تلك الذاكرة المرهقة بغبار السنين … التاريخ البدرخاني في بضع كلمات …
لقد كانوا قادة … كانوا أمراء … كانوا سادة القلم … كانوا صناع التاريخ الكردي ومادته … ولكنهم وجدوا في زمان كانت عقود عديدة من الجهل والتخلف والتراث الاستعماري بمختلف أشكاله وألوانه … تفصل بينهم وبين أبناء شعبهم … فحاولوا المستحيل وبكل الطاقات والإمكانات أن يعيدوا الروح إلى البصائر … أن يجسموا المعاناة الكردية أمام العين الباصرة …ولكن كانت المهمة صعبة … كان المسعى عقيماً … كان البون شاسعاً بين من يبصر الشمس بالعين المجردة … ومن يحاول أن يبصرها من وراء غربال … فبدؤوا بالجسد الكردي المغمى عليه … بدؤوا بإنعاشه لتعود إليه الروح من جديد … بدؤوا بضخ المنعشات والمنشطات في هذا الجسد المخدر والمثقل بمخلفات الماضي البعيد .
فكان الحرف أول العلاج … وكانت الكلمة أولى الإسعافات … كان العلاج بمنشط آخر مختلف … أقوى من كل المنعشات … اسمه الكردايتي .
ومنذ ذلك اليوم … ووفاء لذكرى أولئك الخالدين … كانت الأم الكردية أولى الوفيات ولم يكن لديها ما ترد به هذا الوفاء … إلا الوفاء لأولئك الخالدين … وقد ظهر ذلك  الوفاء جلياً في حوار هادئ جرى بين أم وزوجها … رزقا بولد …اختلفا على الوسم … اتفقا على الاسم … خلافاً للبصريين والكوفيين … أطلقا اسم الأمير جلادت على الصغير القادم من غياهب المجهول … توسما فيه الخير والأمل الطالع مثل العشب من بين أنقاض الأيام … أحسا بأن الاسم أمانة ومسؤولية … بأن له هيبة ومكانة وقدسية … هو أمير بامتياز … وهم – بكل تواضع – من عامة الشعب … لأن صاحبه هو الذي قال للكردي : اقرأ بلسان الرحم … اقرأ فالحرف من عند الله … لأن صاحبه هو المعلم الأول الذي علمهم الكردية … فلماذا لا يرسلون الصغير له هدية … ثمناً لأتعابه … ليعمده كردياً وكردايتياً … ثم يعيد إرساله للكرد مهيئاً ؟ لم يدم الحوار طويلاً … ولم يستمر الاختلاف حول الاسم … وسرعان ما كان الاتفاق جلادت الصغير على درب جلادت الكبير …
فنعم الاسم ونعمت التسمية

القامشلي 17/4/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…