حنيني في المساء


شعر  أحمد فراج العجمي

حنيني في المساء لوالديّا              يؤجج في­­ الفؤاد هوى شذيّا 
يموج بشاطئي قلبي ، وحبي            يخاطب في النوى دمعا عصيّا

فيمطر غيث إجلال وبر              يفور بخافقي موجا عتيّا 
يحرك ساكن الوجدان شوقا              أما من نظرة تشفي عييّا
أيا أماه والأسفار قهر                 عذاب بكرة وأسى عشيّا
أنوء بغربتي يا أم لكن                كلانا يحتسي ألما قويا 
 إذا كان البعاد قرين شوق             فإني قد غدوت به شقيّا 
فما في المال منفعة وخير             إذا ما كنت عن أمي قصيّا 
فمن يا أم عند الكرب تدعو              إذا جن الدجى ربا عليّا 
ومن إن كنت حيرانا شتيتا              تجمّع شملها وتحيط بيّا
ومن إن مسني ألم تمنّت               لوان الله عافاني وتعيَا 
ومن إن نمت عنها قبلتني               فأرقى للجنان بها مليا
ومن إن تهت عنها أرشدتني            فتصبح ظلمتي نورا سنيّا
سهرت لكي أنام قرير عين             بليل الأنس ريانا غنيّا 
كذاك جبلت يا أماه قلبا                  رفيقا مشفقا برا زكيّا
لعل الله يجمع ناظرينا                   وتحويني كضمك لي صبيّا
أصافح إن لمست يديك سحبا             أقبل تحت أخمصك الثريّا 
وأنظر فيك بدرا من سناه                تخر أمامه شهب جثيّا 
وأحضن فيك يا أماه نورا                أغض الطرف إن طلع المحيّا 
أما والله أقسم عن يقين                  إذا شاء الإله وكنت حيّا 
أبرك ما استطعت إلى سبيــــل             فإني لست جبارا عصيـّـا
***
أيا أبتاه هل ينساك شعري                وذكرك راسخ في أصغريّا
وأصداء الأذان لكل فرض               تذكرني الصبا وتفيض فيّا
فيا أسمى ضياء من هداه                يفيض النور مقتحما قويّا
ألا صوت يخاطب فيك روحي            ويبعث منك ذاتي : يا بُنيّا
عطاؤك يا أبي إهماء غيث               قطوف ذُللت طعما وريّا
أهز إذا ضللت بجذع نور               يساقط من جناك هدى جنيّا
وتكسوني أبي أثواب رشد                وتطعمني التقى زادًا هنيّا
أيا أبتاه أقسم عن يقين                  إذا شاء الإله وكنت حيّا 
أبرك غير إلمام بأف                   فلم أك قط جبارا عصيّا 
***
إذا ما رمت للفردوس بابًا                فلم أر مثل باب البر شيّا 
أيا يوم اللقاء كفاك بعدا                  فهيا قد سئمت البعد هيّا 
***
فيا أمي ويا أبتي :
سأرشف دمعتي
صبرًا
وأخمد لهفتي
قسرًا
وأرقب لحظتي
وأبيت
أستجدي
أمان الشوق
يحويني
وينقذني
من الأوهام
أخطب غيمتي
وأطلق الأحزانْ
أناجي البحر
كم سيف من الديجور
يسرق دفء أنجمنا
فيخفيها
وهذا الموج يبكي حضن
قافيتي
وهذا الحرف يغرق
والظلام يحل أبياتي
فلا معنى
ولا مبنى
تركتك يا مساء الشعر
أهمس في ضمير الأسر
أفضح فيك هذا السرْ …
سأرحل عنك كي أرتاح
نوما
من عناء الفكرْ
ويا أمي :
سأحضن فيك أحلامي
وأجري نحو أيامي
أعانقها
أسابقها
إليك وأرتمي
في جنة المأوى
على رجليكْ
أسافر في رؤى عينيكْ
وأقطف من خرير يديكْ
وأرضع من رضا بركْ
وأشرب من علا صبركْ
وأعجب من حنان الراح تستلقي على شَعري
فأسقط في جنان الخلد أسبقني إلى شِعري
أقبل نسمة الفجرِ
وأسكن قلعة السحرِ
فطب نوما مع الأحلام
يا قلبي
ولا تحزن لطول الليل
إنك في حمى أمي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…