يوم الصحافة الكردي…..هل من جديد؟

مسعود أوسي
beyaz-200@hotmail.com

يصادف اليوم الذكرى العاشرة بعد المائة لصدور أول صحيفة كردية “كردستان”2241898 في القاهرة على يد الأمير مقداد مدحت بدرخان, ففي ظروف صعبة ومرحلة حساسة من التاريخ الكردي حمَل الأمير مقداد على نفسه القيام بجميع المهام الملقى على عاتق الجريدة من كتابة وتحرير وإخراج وتوزيع ,كل ذلك مجانا ودون مقابل, إضافة إلى قيامه بإرسالها إلى مناطق كردستان بمساعدة الطلبة الكرد الدارسين في الأزهر, استمرت هذه الجريدة في الصدور حتى العدد 31 حيث توقفت عام 1902 نتيجة الصعوبات المالية والضغوطات العثمانية
ليس خافيا على احد الدور الريادي لعائلة البدرخانيين في حقل الأدب والثقافة وبشكل خاص في مجال الصحافة الكردية, فتصميمهم على إصدار الجرائد لم يتوقف رغم الإجراءات الكمالية بحقهم من نفيهم وسجنهم وحتى الأمر بقتلهم, وجدير بالذكر أن الأمير جلادت بدرخان قد أصدر أول مجلة كردية بالأحرف اللاتينية  في عام 1932 بمدينة دمشق تحت اسم هوار والتي استمرت إلى عام 1943 ,كما أسس أول دار نشر كردي مكتبة هوار. 

صحافة تحت الظلام:
بعيدا عن السرد التاريخي للمراحل التي مرت بها الصحافة الكردية في سوريا والممتدة من عام1957والى الآن والتي ارتبطت ارتباطا وثيقا بالاحزاب السياسية الكردية وتوجهاتها وتأثرت بالانقسامات المتتالية في هيكلياتها, يمكننا القول أن الاعتماد على النشرات الدورية للأحزاب الكردية كانت من أهم وسائل الصحافة الكردية في الوصول إلى ذهن القارئ الكردي حتى بدايات التسعينات, ويجب أن لا ننكر الدور الايجابي لتلك النشرات والدوريات في مجال نشر الثقافة الديمقراطية وزيادة الوعي السياسي بالقضية الكردية وعدالتها, وإذا كان من البديهي معرفة ان تلك النشرات الحزبية تخدم قضية الشعب الكردي في سوريا فيجب أن نلحظ دورها أيضا وإسهامها في بناء شخصية إعلامية كردية وان لم تكن متخصصة ومهنية.
ان جسم الإعلام الكردي في سوريا رغم ضعفه وصغره قد نما وكبر بفضل وعي المثقفين الكرد واستفادتهم من التجارب السابقة وإدراكهم للدور التي تقوم به الصحافة في كشف مواضع الخلل والضعف ومحاولة إصلاحها والرقي بها لتكون عوننا لنا في مواصلة النضال من اجل نيل الحقوق المشروعة  للشعب الكردي في سوريا فإسهاماتهم المتواصلة وتوجههم نحو صحافة مستقلة خاصة في العقد الأخير جعلت من أقلامهم أكثر حراكا ونشاطا وتنوعا , وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار الثورة التكنولوجية والإعلامية الهائلة وظهور الفضائيات والانترنيت والموبايل وبروز فئة إعلامية متخصصة وأكاديمية حزت نحو الجوانب الفكرية والأدبية والفلكلورية فنقلت أدواتها من مجرد نشرات ودوريات إلى مجلات شهرية وفصلية ومواقع الكترونية بمستوى جيد تهتم بالشأن الكردي بشكل عام والكردي السوري بشكل خاص.

مشكلات وصعوبات وأفاق تجاوزها:
ما من احد يجهل السياسات التي طبقت على الشعب الكردي في سوريا من قبل الأنظمة المتعاقبة والتي مارست الاضطهاد والتميز العنصري وطبقت بحقه مشا ريعا لا إنسانية , واستمرار تلك السياسات من قانون طوارئ فتجريد من الجنسية إلى أحكام عرفية وحزام عربي وغياب فعلي لقانون مطبوعات عصري ديمقراطي, إضافة إلى وضع اقتصادي هش وضعيف جعل من المسالة الكردية في سوريا ومن ضمنها الصحافة الكردية تعاني الكثير في مسيرته ونضالها لتحقيق العيش الكريم والتآخي ونيل الحقوق بعيدا عن التهميش, أننا ندرك جيدا ما للصحافة من دور جوهري فهي المرآة التي تعكس واقع المجتمع وتترجم أفكارها وتطلعاتها إلى حقيقة ممكنة, ولكن وفي ظروف صعبة مثل هذه لا لوم للبطء الذي رافق مسيرة الصحافة الكردية إذا ما عرفنا ان الصحافة السورية عموما ما زالت متأخرة ومقيدة لان الصحافة تحتاج إلى جو من حرية الرأي والتعبير والاستقلالية وبافتقاد هذا الشيء أصبحت الصحافة السورية مجبرة على الحفاظ على نفسها في بوتقة ضيقة تتماشى مع رغبات السلطات الحاكمة.
إذا جميعنا نتفق بان المشكلة الأهم قديما وحاضرا هي تسلط السلطات وقوانينها الصارمة والظالمة التي جعلت من كل قلم يراجع ذاته ألف مرة قبل التفكير بالكتابة والتعبير عن رأيه, فكانت نتيجة ذلك قصور هيمن على الهيكل الإعلامي الكردي في سوريا وشلت قدراتها قبل ان تكبر وأسهمت في تأخرها.
وإذا كنا قد نوهنا إلى الدور الايجابي للنشرات والدوريات الحزبية ,فيجب ان لا نخفي الجانب السلبي منه والذي اثر على شكل ومضمون الحياة الإعلامية الكردية, فتوجيه الأقلام حسب رغباتها ومصالحها جعلتها تغفو عن متطلبات المرحلة وضروراته أضف إلى ذلك عدم الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والفكرية والثقافية وبالصحافة المكتوبة باللغة الكردية.
ان الصعوبات المالية أيضا وقفت وتقف في وجه تطور الصحافة الكردية فالحاجة إلى دور نشر وأدوات طباعة ومؤسسات إعلامية تكفل الارتقاء بمستوى الصحافة الكردية وتؤمن لها الغطاء الحيوي وال معلوماتي وتساهم بتعبئة إعلامية مهنية, هي مسالة ليست بسهلة وتحتاج إلى امكانات مادية قد لا تتوافر لدى المعنيين بالصحافة.
كما يمكننا ان نشخص من بين الأمراض التي ألمت بالإعلام الكردية أو جعلتها حاجزا في تقدمه قلة الكوادر المهنية المتخصصة في الإعلام والذي من دونهم لا يمكننا ان نتحدث عن صحافة وإعلام صحيح البنيان فمهنة الصحافة تحتاج إلى من يجيدها ويتقنها ويؤثر بها على المجتمع ولان هدف الصحافة أولا وأخيرا هو المجتمع والشعب والتاريخ فيجب ان يكون القائمون عليه ذو كفاءات وقدرات عالية ووعي لصعوبة المرحلة وحجم المسؤوليات الملقى على عاتقهم,ثم ان تشتت الكوادر الإعلامية وعدم وجود جامع يجمعهم في كيان واحد ينقص من عطاءاتهم ونتاجا تهم وهذا ما يؤكد الحاجة الماسة لوجود منظمة أو اتحاد يضم جميع الصحفيين والكُتاب الكرد أضف إلى ذلك ضرورة إقامة ندوات وحوارات تثقيفية ودورات تاهيلية تنمي الطاقات لدى المواهب الواعدة وتشجعهم على المتابعة.
وبنظرة إلى خارطة الإعلام الكردية نلاحظ عدم قدرتها على مواكبة التطورات الحاصلة في وسائل الإعلام المتقدمة من نقل الخبر إلى السبق الصحفي وإجراء حوارات نوعية خاصة, إذا ما استثنينا النقلة النوعية للإعلام الكردي بعد أحداث آذار2004 فاغلبها تحول إلى التخصص في الدراسات والبحوث فقط , كما ان اقتصار الصحافة الكردية في سورية على الصحافة المقروءة فقط وعدم وجود إعلام مسموع أو مرئي يجعله يتقدم ببطء, خاصة ونحن نعرف جيدا بان الإذاعة والتلفاز قد دخل كل بيت , طبعا هذه المهمة تقع على عاتق الجميع من منظمات وأحزاب واقتصاديين ومغتربين فإنشاء محطة تلفزيونية أو إذاعية هي مهمة جماعية من الصعب على الأفراد القيام بها لوحدهم, وإذا كان من الصعب إصدار جريدة كردية يومية فانه ليس بالمستحيل خاصة إذا تم بتعاون وتنسيق مع الإعلام الكردستاني الذي استفاد من حرية الرأي والتعبير المتاحة والوضع المؤسساتي للحكومة الإقليم, فأهمية الصحافة في حياة الشعوب كونها السلطة الرابعة تدفعنا إلى العمل معا من اجل تطويرها وإيجاد أوفق لتجاوز العوائق والصعوبات التي تواجهها ضمن الإمكانات المتاحة.
ان إطلالة يوم الصحافة الكردي هذا العام تفرض علينا أسئلة ليست سهلة الإجابة: هل من جديد في فضاء الإعلام الكردي؟ وكيف يكون هذا الجديد ؟ وما أدواته للوصول إلى مبتغاه ؟ أسئلة يمكن التغلب عليها بالوقوف على مشكلاتها وعقباتها واستخلاص الحلول منها و بالتصميم والإرادة الحر والنية السليمة, بوركت الأيادي التي سطرت بأقلامها السطور الأولى في الصحافة الكردية وتمنياتنا للكوادر الصحفية والمواهب الواعدة بالتوفيق في حمل رسالة الصحافة الكردية لمواصلة مسيرتها في دعم نضال شعبنا لنيل حقوقه والعيش بسلام مع أخوتهم العرب في سورية, وطن الجميع عربا وكردا.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…