الكردُ رُعاةُ الغيْمِ

عمر كوجري
 إلى نورالدين ظاظا الدكتور في زمن الأمين العام الأمي
عندما داعبت الغيمةُ رمشَ أمي ( آمد)وعانقت العاصفةُ صدرَ جدِّي سعيد بيران..واستحوزتْ على قبلةٍ من ثلج لحيته..
كانت أمِّي تغزلُ سجاد وجعها..وترسلُ موالها الكردي مطيَّباً بالدَّمع وتؤلِّفُ من حزنٍ طويلٍ بلاغة المعنى..قصيدةً لعينَيْ كردستان ..لعين كرديٍّ .. 
سيحرقُ ورق انتظاره على بوابات المدن الطاعنات في الحُبِّ حين لم تنتظرْ كردوخها…
هذا الكردوخُ الذي رسمَ براعته في الفوزِ بقلوب الكرديات اللواتي أصبحنَ مدُناً من شمسٍ ..وظلالاً لأشجارِ غدِهنَّ ..
هذا الغدُ:
يحلم بحياةٍ وحياةٍ لأمةِ الكردِ
هذه الأمَّةُ :
التي لعبت في ملاعب الأنس ..والتَّورُّدِ ..والنضارة ..فخلَّفتْ وراءها حدائقَ ازدانتْ بزهرِ الأملِ ، وتبرعمتْ بتلاتُ شجرتها فتعطرت أوراقُ التاريخ بابن كثير وابن الحسن الكردي.
وكان للقدس أن تفتحَ صدرَها الناهدَ للفاتح صلاح الدِّين ، وتعلنَ انتماءها وولاءها
لذاك الأشمِّ في جبله وجبهته..والمتيَّم بذؤاباتِ الجبل..
كان لصلاح الدِّين حريةَ الانتماءِ إلى هذا الجبل ..وكان للجبل أن يمنحَ  الأزرق طلاوته وحلاوته ، وهدوءه ، وحكمته..ليكون للكردي فلسفة النظر إلى الأمداء بعيون الجبل ..
وقامة لا تعي غيرَ الشُّموخ ..فليس لها غير الكبرياء حيث لانومَ في عوسجِ الظلال لهذا ينامُ الكرديُّ واقفاً ..عينٌ تحرسُ جبله ..وعين على عريشةِ جدائل كردياته وهُنَّ يزرعْنَ بين الحروفِ حنطةً الكلام ورذاذهِ وهكذا …
كان لابن الكرد- نورالدين – …العالِمُ الذي وأدناه بجهلنا ..كان له أنْ يستظلَّ بفيء البنفسجِ ، ويحاورَ لونه وأصيصَ النُّعاسِ في رِمْشِهِ الناعس ..
كان لنورالدين أن يعلِّمَ البتفسجَ ماءَ الكلام وحكمته ليتذكَّر هذا الزَّهرُ أن – سيامندو – غفا وهو هانئُ البالِ بين شغافِ قلبِ – خجه –
ويقولُ لها:
هذي حياتي أهبها لمملكة العشْقِ..ولأجل عينيكِ حين تضيقُ البحارُ بوسعهما ولأجْلِ كردوخٍ في هجيجِ الغبار باحثا عن ربيعٍ نقي  …
فالكرد..ومنذ أن حملوا عصوا تهم يركضونَ خلف الغيومِ يرعونها ..يحلبون أثداءها، ويجعلون السحب البيضَ تبكي على بكائهم ..ولاتركض ركض الخائفات من البياض ….
الكردُ منذ أن استظلوا بفئِ البنفسجِ ، وزَّعوا حبَّهم على شكلِ حبَّاتِ قمحٍ لأممِ الأرضِ إلى حدِّ أنَّ أرضَهم اشتكتْ من اليُبْسِ والبوار ..لكنهم لم يزعلوا..ولم …..
لم ينصبوا خيمةَ السَّواقي في قلوبِهُمُ وعيونِهُمُ ..
امتشقوا حُبَّهم قلماً وورقةً بيضاء لاتندف سوى الثلج في لذْعِ حرارته كان لنورالدين :
وكان له ما أراد..الكرد وزَّعُوا على شرفه سُكَّر الوداعة، فزرعوا بين أرضهم بذر التحدي لبابٍ يصمُّ المناديا..
لم يركعوا لجبهة السَّجان وكان لنورالدين جمعَ ماتحطَّبَ وترمد من شجرِ الكرد، ونفخ الروحَ في موتهِ فأينعَ
كلُّ ذلك الرماد في طرفةِ حُبّ لقد أخفى نورالدين عشقه في أديم الأرض فأزهرت ضحكات وأيائل وأمواجاً ..
أما قلمُهُ فكان فؤاداً خافقاً بِحُبِّ والآخرين فصادقَ الماءَ ..وصدحَ في بيارات الكرد
أيها الكرد، إن كنتم لاتريدون التشتت والضياع عليكم بتعلُّمِ لغتكم وتعليمها
فـ …يا معلمي:
رغم أنَّ قلوبَ الكردياتِ قد تثكَّلتْ ..والدمعُ ضلَّ طريقه ولايعرفُ كيف يُغيِّرُ
حمرةَ الخدِّ إلى لونٍ أشفف ، ورغم أن أصابعنا تودِّعُ الحياة مفضلةً رحيلاً
مبكراً دون أن تأبه لتأوهاتنا في الليل الطويل ..
فما زال للكردي فسحةٌ ووقتٌ حلو ليلعب مع الغيم الأبيض ، ويرعاهُ بأمنياتٍ شامخةٍ
، ورأسٍ مليئةٍ بحلم مشروع ، وهواء نظيف
ومازال الصِّغارُ يملؤون المكان باللَّوزِ والقرنفلِ والندى…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

نصر محمد / المانيا

-يضم صورا شعرية جديدة مبتكرة ، لغة شعرية خاصة بعناق ، تعانق الأحرف بالابداع من أوسع أبوابه ، انها لا تشبه الشعراء في قصائدهم ولا تقلد الشعراء المعاصرين في شطحاتهم وانفعالاتهم وقوالبهم الشعرية

-مؤامرة الحبر يترك الأثر على الشعر واللغة والقارئ ، يشير إلى شاعر استثنائي ، يعرف كيف يعزف على أوتار اللغة…

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…