ونتذكر الصحفيين يوماً واحداً في السنة

  توفيق عبد المجيد

أنتهز هذه الفرصة لأحيي كل الصحفيين وأصحاب الأقلام الجريئة الذين وقفوا دائماً ، وفي أحلك الظروف وأصعبها للدفاع عن المقهورين والمستضعفين والمستعبدين أينما كانوا ، أولئك الذين جندوا أقلامهم لتكون على أهبة الاستعداد ، ووضعوها في خدمة القضية الكردية ، والقضايا الوطنية والإنسانية أينما كانت ، وأخص بالتحية أولئك الرواد من الأوائل الذين رفعوا راية الصحافة الكردية الحرة عالياً واعتبروها من مسؤولياتهم الكبرى انسجاماً مع القول القائل: (القلم أمانة والأمانة مسؤولية ومن الخيانة أن يتصدى لأمانة المسؤولية من يفتقد كليهما).
لقد كان القلم على الدوام ، وعلى مر التاريخ أداة إيجابية للتغيير حسب لها الطغاة ألف حساب ، كما كان الإعلام يسير في المعارك جنباً إلى جنب مع الجيوش المقاتلة ، بل كان يتقدمها في كثير من الأحايين وقد كان الجنرال الفرنسي الأسطوري نابليون بونابرت يفضل خوض الحروب العديدة والمعارك الطاحنة وتحمل مشقاتها وعذاباتها ، على مواجهة الصحفي ، إذ قال بصريح العبارة (أتمنى أن أخوض مائة حرب ولا أواجه صحفياً واحداً) ، كما صنفه المستبدون الذين يحولون الممالك إلى ملكيات خاصة تسمى بأسمائهم ويصادرونها بالضد من إرادات السكان ورغباتهم ، صنفوه في الخانة التي يهيمن عليها الشيطان الوجه النقيض للخير حسب رؤاهم ومداركهم المحدودة ، ونظرهم القصير (جميل أنت أيها القلم ولكنك رمز الشيطان في مملكتي ) فالصحافة في أية أمة إذا كانت حرة ، مقياس ومؤشر هام على مدى حيوية وإمكانية التغيير نحو الأفضل في تلك الأمة ، لأنها العين الباصرة ، والقلب الذي يشعر ، وهي خير دليل على نوعية هذه الأمة ( يقول المرحوم بشارة الخوري , صاحب جريدة البرق : (الصحافة في الأمة آلة الحياة ، وأمة بدون صحافة, لا عين لها فتبصر, ولا قلب لها فتشعر..وعنوان كل أمة صحافتها)
كما كانت الصحافة الملتزمة الحرة بوقاً للسلام ، وصوتاً حقيقياً وصادقاً للأمة ، وفي نفس الوقت كانت سيفاً للحق يجير المظلومين من الظالمين ، فقد دكت الصحافة عروشاً ومعاقل كثيرة بما كانت تقوم به من رسالة سامية حيث يقول الكاتب الروسي ليو تولستوي في هذا المجال :( الجرائد نفير السلام ، وصوت الأمة ، وسيف الحق القاطع ، ومجير المظلومين ، وشكيمة الظالمين ، فهي تهز عروش القياصرة ، وتدك معاقل الظالمين) .
أرجو من جميع الصحفيين وحملة الأقلام أن يحسنوا استغلال هذا المنابر الفضائية الكثيرة فيبرزوا الصورة المشرقة والحضارية لشعبنا الكردي دون الإساءة لأحد ، وأن يسلطوا الضوء على جميع الزوايا الرمادية والمعتمة في مجتمعنا وتنظيماتنا على أن يكون هدفهم هو النقد البناء والإصلاح الحقيقي دون تشهير أو إساءة لأحد ، وأن يركزوا على إبراز القيم النبيلة في كتاباتهم  ، وأن يعملوا بكل قوة على نشر ثقافة التآخي وروح التسامح ـ ويعززوا ثقافة المواطنة الحقيقية واستحقاقاتها ، وثقافة المساواة بين جميع مكونات الشعب السوري ، كما عليهم دائماً وأبداً أن يعملوا على نشر ثقافة المحبة ، الصادقة ، الصافية ، الشفافة ، ويحاربوا بلا هوادة أو خوف النزعات التسلطية وثقافة القمع والهيمنة ، والاضطهاد والإرهاب ، ويعملوا على فضح الانتهازيين والمتسلقين والوصوليين الذين يحسنون استغلال الفرص ومصادرة أتعاب الغير ، وتجيير كل شيء لذواتهم ومصالحهم الشخصية ، وأن يساهموا في خلق رأي عام يخدم الأهداف العادلة للقضية الكردية منطلقين من الضمير والأخلاق وحب الوطن والقضية ، كما أرجو من الذين يهمهم الأمر أن لا يحاولوا فرض الهيمنة على هؤلاء الصحفيين الذين يمارسون مهنة الصحافة بحثاً عن النجومية على أكتافهم ، فيتخلوا عن أسلوب القمع ، ويكفوا عن استعمال المقص الذي يعبث ببعض المقالات لكي لا يمتد المقص إلى أصابعهم ، ولنعلم جميعاً أننا نعيش في عصر الكلمة التي أثبتت أنها تتفوق على كل الأسلحة في التغيير ولو بعد حين ، لأن القلم أحد صناع التاريخ الثلاثة (المثقف، والسياسي، والتاجر)، فحامله هو صاحب الفكرة ومبدعها ، ثم يأتي دور السياسي فيحول (الفكرة) إلى (موقف عملي) ثم يجسدها في نظام وإدارة، وفي بناء علاقات داخلية وخارجية ، أما الصانع الثالث للتاريخ (فيبقى وراء الستار، متربّصاً بجهود كل من المثقف والسياسي، حتى إذا أثمرت وآتت أُكُلها انقضّ عليها، واستأثر بها).
مرة أخرى أحييي كل من جند قلمه في خدمة شعبه ووطنه ، كما أخص بالتحية كل حملة الأقلام والمشرفين على المواقع الألكترونية الذين استطاعوا تحطيم جدار الممنوعات واختراقه بذكاء نادر وشجاعة فائقة ، ليدافعوا ليلاً نهاراً وبكل ما أوتوا من قوة عن قضية شعبهم المقهور ، ويمنحوه الصورة اللائقة به ليكون في دائرة الضوء وموضع اهتمام معظم الرأي العام العالمي الحر ، ( والعمل بنظرة عصرية ورؤية جديدة لتنفيذ مهمتهم المقدسة).
عاشت الكلمة الصادقة
عاشت الصحافة الحرة
22/4/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…

حاوره: إدريس سالم

إن رواية «هروب نحو القمّة»، إذا قُرِأت بعمق، كشفت أن هذا الهروب ليس مجرّد حركة جسدية، بل هو رحلة وعي. كلّ خطوة في الطريق هي اختبار للذات، تكشف قوّتها وهشاشتها في آنٍ واحد.

 

ليس الحوار مع أحمد الزاويتي وقوفاً عند حدود رواية «هروب نحو القمّة» فحسب، بل هو انفتاح على أسئلة الوجود ذاتها. إذ…

رضوان شيخو
وهذا الوقت يمضي مثل برق
ونحن في ثناياه شظايا
ونسرع كل ناحية خفافا
تلاقينا المصائب والمنايا
أتلعب، يا زمان بنا جميعا
وترمينا بأحضان الزوايا؟
وتجرح، ثم تشفي كل جرح،
تداوينا بمعيار النوايا ؟
وتشعل، ثم تطفئ كل تار
تثار ضمن قلبي والحشايا؟
وهذا من صنيعك، يا زمان:
لقد شيبت شعري والخلايا
فليت العمر كان بلا زمان
وليت العيش كان بلا…