لشوارع الغربة طعم آخر من الحرية…………..

مالفا كورد

فجاة رأيت نفسي في بلاد الثلوج في بلاد المسيحين الذين نظموا كل شيئ على قانون دقيق و متوازن, بحيث أنك و الكل واحد و الواحد  هو المقدس الذي من اجله كل شيئ هنا يسير في دقته و تفاصيله.
دهشت بتلك المنازل التي تشبه مسلسلات الكرتون  بسطحوها القرميدية الحمراء أو تلك كروت المعايدة التي كنت أشتريها من المكتبة. دهشت عندما طلبت منا المدرسة أن نناديها باسمه,ا فهي إنسانة مثلنا في النهاية  لا سلطة لأحد عليك هنا, و أن أرسم علم بلادي و أعلقه عند مقعدي.
دهشت في واحد أيار…. تجمعت كل الأحزاب في الساحة الكبيرة مع شعاراتهم و مطالبهم و أعلامهم و رؤاهم للغد القادم. ألقى الجميع كلماتهم ثم انتظمنا في مسيرة ضخمة دون أن نصرخ أو نردد شعارات, فخروجنا هو أقوى كلام و المسؤولين قد وصلهم القرار.
دهشت إنه من حقك ان تنقد…. و لا يزال النقد مشكلتي الكبرى هنا. لم اتعود ان انقد قطة في بلادي و اليوم كل ما اكتبه يجب أن انقده بذاتي و انقد أصدقائي و ان أنقد النظام و ان انقد كبار الكتاب و كبار السياسين و كبار العلماء. كنت أتسأل من أنا لأنقد كل هولاء؟ علموني ما هو النقد!
في هذا السديم كان الوطن الجريح يترائ لي مريضا حزينا مثقلا بالهموم و لا إنسانية و العار و الخوف و قضايا الشرف و قضايا الرغيف و المازوت و السجن و الملاحقة و الموت و الرصاص المجنون.
قلت لهم إنني من بلاد الكبت قد جئت. محملة بالصمت و الخوف و اللا استقرار. إنني فتاة شرقية ما يوما اعترضت على أي قرار. كننا نفذ في المدرسة بهدوء كل ما يطلب منا و فوقها قد نتعرض لعدة ضربات عصي من المعلم. حياتنا كلها كلها كانت  آوامر. نتظاهر بآوامر و الكل سادة عندنا و الفرق كبير بين المعلم و المدير و المحافظ و الوزير و الرئيس. و إن لم يعجبنا شئ نصمت نصمت نصمت…………. حتى إننا نسينا ما هو اللا قبول.
كانوا ينذهلون و لربما ما كانوا يفهمون. كيف لا استطيع ان أقول لا؟ كانوا يواسونني و يقولون لي قولي كل ما يخطر لك فهو نقد بحد ذاته. قوليه ببساطته لا تزينه ببهرجة الكلام, يكفي ان تقولي إنني لا أتفق معك حتى نفهمك.
البساطة قدرة عجبية لا يستطيع احد ان يتسلح بها. أن تتجرد من كل غرورك و كل تلك الاوثان القبلية من التكبر و العناد و ان تجادل بلطف و تتقبل بلطف و أن تنقد بلطف. بساطة لا أزال أبحث عنها و أحتاج لسنين طويلة لأزيل ثقل 20 عاما من التربية المكبوتة و المغرورة.
لكن للحرية هنا طعم آخر…..حرية مجردة من التعب حرية جاهزة على طبق من شقاوة الوطن. حرية مؤلمة لأننا لسنا احرارنا بقيود الوطن و بوجع الوطن. حرية تموت كل يوم بكل أعتقال و بكل قتل. حرية تسخر منا ……….

 أين انتم من مأساة طفل مشرد واحد جائع؟
 أين انتم من سجين مضطهد يتاوه تحت التعذيب؟
 أين أنتم يالمغتربين و المغربيين من الوطن؟

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…