محمد قاسم
لم اكن ادري انني سأزور الشام في هذا الوقت ..ولكن الفرصة سنحت عندما عرض علي السيد “ابو شيار” أن القي محاضرة في امسية لديهم، استقر الموضوع على ان يكون :
“جدلية العلاقة بين الكرد والاسلام”.
وكان اقترح موضوعا موازيا هو “عن الصحافة الكردية ” بمناسبة عيد الصحافة المصادف 22 نيسان 2008 –وقد مرت على المناسبة مئة وعشرة اعوام عندما صدرت اول صحيفة كردية باسم “كردستان” في القاهرة على يد احد أمراء البدرخانيين-مدحت بدرخان بك- الذين وضعوا الأساس للصحافة الكردية عبر مجموعة مجلات، منها:
لم اكن ادري انني سأزور الشام في هذا الوقت ..ولكن الفرصة سنحت عندما عرض علي السيد “ابو شيار” أن القي محاضرة في امسية لديهم، استقر الموضوع على ان يكون :
“جدلية العلاقة بين الكرد والاسلام”.
وكان اقترح موضوعا موازيا هو “عن الصحافة الكردية ” بمناسبة عيد الصحافة المصادف 22 نيسان 2008 –وقد مرت على المناسبة مئة وعشرة اعوام عندما صدرت اول صحيفة كردية باسم “كردستان” في القاهرة على يد احد أمراء البدرخانيين-مدحت بدرخان بك- الذين وضعوا الأساس للصحافة الكردية عبر مجموعة مجلات، منها:
روناهي-هوار…وغيرهما.
لكنني آثرت موضع “جدلية العلاقة بين الكرد والاسلام” لما له من اهمية في المرحلة الراهنة من الحياة السياسية في المجتمع الكردي، حيث يبدو أن نغمة شاردة يعيشها الشباب الكرد خاصة؛ اضافة الى بعض الذين عاشوا لحظات رد الفعل تجاه الممارسات التي قام بها العرب والترك والفرس ضد الكرد، بمحاولة الباسها سلوكا دينيا –كما هي عادة الطغاة والمستبدين والظالمين- اذ يلجؤون –دوما- الى التخفي وراء مبادئ وشعارات يجدلونها، وخير ما يخدمهم هو تلك التي تكون بلباس ديني اسلامي خاصة..!
صحيح أن ما قام به هؤلاء-العرب والترك وفارس..- هو ممارسات ظالمة –وباسم الاسلام- ضد الكرد قوميا، ولكن هذا لا يبرر لنا ان نتخذ رد فعل يجعلنا في حالة اهتزاز اجتماعي –يدركها المختصون تجليا ونتائج-.
تلبية للدعوة، فقد سافرت الى دمشق، والقيت محاضرتي التي شارك الحضور في مداخلات –بدت جميعا أنها متفهمة- وان ظهرت افكار مختلفة في اطار ممارسة حق الديمقراطية في التعبير. وهذه ذاتها ظاهرة ايجابية ، أن يقبل المتدين او ذو الميول الدينية، الرأي المختلف، والعكس صحيح. ويبدو أن الكرد سيتمايزون عن غيرهم من شعوب الشرق الأوسط في هذا؛ مالم تصادر الأداءات السياسية -المتعثرة احيانا – روح الممارسة الديمقراطية في حياة الكرد.!
وفي انتظار مواعيد مراجعة بعض الأطباء، اتيح لي بعض زيارات لقرابتي.. وكنت أمر عبر شوارع وجادات وازقة ..
فقد كان موعدنا مع ابن اخي في “ساحة الحريقة”.
لأول مرة –منذ سنين طويلة أشاهد هذه الساحة- كانت دائرية تقريبا.. تحيط بها دوائر ومكاتب ومحلات منها: المصرف الزراعي التعاوني-المصرف العقاري-المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية (سندس) المركز الرئيسي في الحريقة.
محلات اجواخ وأقمشة وتجارة سلع مختلفة غذائية..وغيرها.
في وسط الساحة نافورة ماء تندلق مياهها بقوة على أربعة بحرات ذات اشكال هرمية بشكل ما؛ لونها اخضر داكن -زيتي- لتستقر هذه المياه المتدفقة نحو الأعلى نوالنازلة بشكل نافورة في بحيرة أوسع، محيطة بها، مكسوة جدرانها بالرخام الأبيض المائل الى الصفرة الخفيفة..!
واما الأرض المحيطة بها فهي مبلطة، تتخللها مقاطع صغيرة في أشكال مختلفة ..مستطيلة ومثلثة وغير ذلك.. زرعت فيها نباتات المرجان وغيرها من نباتات زينة ووازهار وورود.. وفي الحافات نصبت مقاعد، أرضيتها خشبية لا مساند،تمنيت لوكان لها مساند يمكن للمرضى والعجائز أن يتكؤوا عليها،لعلها تريح ظهورهم المتألمة غالبا نتيجة وطاة اثقال الزمن.الممتد والهموم والمعاناة –وهي ظاهرة شعوب العالم المتخلف..للأسف..!
وخلفها مساحات متصلة مزروعة بنباتات زينة مختلفة.
وآخر ما فيها سياج منسوج من الحديد حماية لها، منقوش لتعطي جمالا متكاملا مع ما تعطيه النوافير..!
كانت الساحة جميلة، وواسعة .. يمر عبرها الناس –ذهابا وايابا – في اكثر من اتجاه –شارع مفتوح عليها –ربما أربعة او خمسة..!
وكان مسيرنا عبر أسواق دمشق القديمة ومنها –مدحت باشا، سوق الصوف، باب الصغير، واشار ابن اخي الى جهة فيها مقبرة لقدماء المسؤولين والخلفاء منهم معاوية..!
ازقة ضيقة ربما كانت تعتبر واسعة حين انشائها، حيث مرور المشاة والدواب، ولكنها كانت ضيقة جدا لمرور السيارات والمشاة معا ..
(ولكن يبدو انه لا بد مما لا بد منه)..
فقد فرضت الحياة التكنولوجية نفسها كضرورة لنقل الناس والبضائع..ولكن الذي بدا لي مؤلما ان هذه الأسواق لا تتمتع باهتمام الدولة من حيث الترميم والحماية ..لتعبر عن مرحلة تاريخية تبقى حية امام الأنظار وفي الذاكرة..!
عند عودتنا وقعنا في بعض اخطاء بركوب سيارة ليست في اتجاه وجهتنا، فدفعنا ثمنا لذلك بعض الوقت، لكننا اهتدينا الى الوجهة التي نحن مولينها، غير ان بعض السرافيس-سيارات النقل- تلكأت في نقلنا، فاضاعت علينا وقتا آخر.. وتساءلت:
لماذا لا تستطيع الحكومة ان تحل مشكلة –أذكر اننا كنا نعاني منها في السبعينات من القرن الماضي ويبدو انها لاتزال مستعصية رغم ما قدمته شعوب حية من تقنيات لحلها، ومنها السيارات المختلفة الأشكال والاحجام..!
هذه المشكلة هي: تمنع بعض السائقين –تحت ذرائع مختلفة –من متابعة مسيرها في الخطوط المختصة..؟.. وتساءلت ايضا:
هل هي مشكلة في مناطق بعينها، أم انها مشكلة عامة-وهو ما لا أعتقده، فليست السلطات بمنأى عن مقولة دارجة في الشام (خيار وفقوس).
ويبدو انها حالة مزمنة في السلوكية الرسمية في بلادنا، واحيانا عامدة..!
وصلنا.. وفي ساحة ما، من حارة الأكراد-ركن الدين- ركبنا سيارة هونداي صغيرة عرجت بنا نحو منطقة عالية من الحارة المتكئة الى الوجه القبلي من جبل قاسيون.. ومر في خاطري ان اكتب هذه الكلمات عن الهوندايات التي تقوم بخدمات عظيمة للفئات الفقيرة –واحيانا لبعض الاغنياء الذين اتخذوا حافات الجبل مسكنا ..لسبب ما…!
كتبتها فيما كنت انتظر دوري للدخول الى الطبيب –بل في مخبر لأحد أصدقائي-كان تلميذي يوما ما – قبل الذهاب الى عيادة الطبيب والذي طمأنني عن حالتي الصحية ولكنه اكد على
أهمية مراقبة الضغط والشحوم والكوليسترول..ونصح بالغاء استعمال كلوبيد بعد مرور سنة واكثر على تناولها –هكذا يتم معالجة الاحتشاء الدماغي في أوروبا كما قال- ونصح بالعمل الفيزيائي على قدر المستطاع –منها العمل الفكري والكتابة ..-
عندما ترتقي الى جبل قاسيون لتعبر الشوارع والأزقة المتصاعدة أو النازلة، والملتوية مع ما فيها من انحدارات وارتفاعات والتواءات وتداخل زوايا الدور، وحركة الناس غير الملتزمة بقواعد السير، وحركة الهوندايات طالعة نازلة تنتظر بعضها في احايين كثيرة، أو تمر بجانب بعضها في حركة مهنية عجيبة ومدهشة من سواقها، فيصعد الى الذهن تساؤل:
ترى ..! لو لم تكن هذه الهوندايات-كما تسمى شعبيا- فكيف ستكون الحياة في منطقة جبلية لا تصل اليها السيارات العادية بسبب ضيق الأزقة وصعودها والتوائها..؟!
سؤال آخر: لولا هذه الهوندايات-وهي اختراع غربي او شرق أسيوي (مستمد من الغرب)
فهل كان متوقعا ان تخترع مثلها من قبل الشعوب المتخلفة والعربية منها..؟!
كنت اجيل الطرف في ملامح وسحن سكان المنطقة –حارة الأكراد التي عربت الى ركن الدين طمسا لهوية سكانها القومية المميزة..-فاجد الكردي والعربي والشركسي والتركماني والمسيحي والمسلم.. وكل يمر في الشارع نفسه، او يقف امام باب محله، او يعمل فيه.. طبيبا او مهندسا او محاميا..أو تاجرا او ذا مهنة ما..الخ .فلا اشعر بما يجعلني ارى التمايز بينهم في اعمالهم، وابتساماتهم وهم يستقبلون الزبون، او يودعونه..!
ولكني –عندما اعود الى ممارسات السلطة السياسية يتمثل امامي مشاريعها السياسية الظالمة تجاه قوميات –مواطنة- وربما طوائف مواطنة-او احزاب مواطنة..الخ. على قاعدة بغيضة هي استئثار حزب واحد للسلطة وانكار قواعد المشاركة على الغير..الا اذا تجردت من خصوية مبادئها واتجاهاتها واستقلاليتها كما فعلت احزاب الجبهة ..!
وقبل ان اغادر دمشق وصل الى سمعي النبا السعيد: ارتفاع سعر المازوت و والنقل مباشرة، والغاز أضعافا ..وبدات اسمع الشكوى والغضب في وجوه ونبرات الناس ..!
وعدت الى استرجاع بعض البلدان التي تواجه فيها الحكومات والشعب حول قضايا من هذا النوع فاجد اضرابات ومظاهرات وجدل بين النقابات والحكومات، وحوارات تتمخض عن نتيجة ترضي الطرفين او الأطراف.. واقربها –ربما – ما كان في فرنسا قبل شهور قليلة..
وتساءلت: أين من هذه الأمل والمسلك المتحضر أنظمة عروبية همها التحكم في حركة شعوبها ، والمشاطرة في تطبيق قواعد تسرق بها هذه الشعوب ذهنيا وفاعلية ومستقبلا..!
فكيف سيكون التقدم يا..عرب..؟!
صحيح أن ما قام به هؤلاء-العرب والترك وفارس..- هو ممارسات ظالمة –وباسم الاسلام- ضد الكرد قوميا، ولكن هذا لا يبرر لنا ان نتخذ رد فعل يجعلنا في حالة اهتزاز اجتماعي –يدركها المختصون تجليا ونتائج-.
تلبية للدعوة، فقد سافرت الى دمشق، والقيت محاضرتي التي شارك الحضور في مداخلات –بدت جميعا أنها متفهمة- وان ظهرت افكار مختلفة في اطار ممارسة حق الديمقراطية في التعبير. وهذه ذاتها ظاهرة ايجابية ، أن يقبل المتدين او ذو الميول الدينية، الرأي المختلف، والعكس صحيح. ويبدو أن الكرد سيتمايزون عن غيرهم من شعوب الشرق الأوسط في هذا؛ مالم تصادر الأداءات السياسية -المتعثرة احيانا – روح الممارسة الديمقراطية في حياة الكرد.!
وفي انتظار مواعيد مراجعة بعض الأطباء، اتيح لي بعض زيارات لقرابتي.. وكنت أمر عبر شوارع وجادات وازقة ..
فقد كان موعدنا مع ابن اخي في “ساحة الحريقة”.
لأول مرة –منذ سنين طويلة أشاهد هذه الساحة- كانت دائرية تقريبا.. تحيط بها دوائر ومكاتب ومحلات منها: المصرف الزراعي التعاوني-المصرف العقاري-المؤسسة العامة لتوزيع المنتجات النسيجية (سندس) المركز الرئيسي في الحريقة.
محلات اجواخ وأقمشة وتجارة سلع مختلفة غذائية..وغيرها.
في وسط الساحة نافورة ماء تندلق مياهها بقوة على أربعة بحرات ذات اشكال هرمية بشكل ما؛ لونها اخضر داكن -زيتي- لتستقر هذه المياه المتدفقة نحو الأعلى نوالنازلة بشكل نافورة في بحيرة أوسع، محيطة بها، مكسوة جدرانها بالرخام الأبيض المائل الى الصفرة الخفيفة..!
واما الأرض المحيطة بها فهي مبلطة، تتخللها مقاطع صغيرة في أشكال مختلفة ..مستطيلة ومثلثة وغير ذلك.. زرعت فيها نباتات المرجان وغيرها من نباتات زينة ووازهار وورود.. وفي الحافات نصبت مقاعد، أرضيتها خشبية لا مساند،تمنيت لوكان لها مساند يمكن للمرضى والعجائز أن يتكؤوا عليها،لعلها تريح ظهورهم المتألمة غالبا نتيجة وطاة اثقال الزمن.الممتد والهموم والمعاناة –وهي ظاهرة شعوب العالم المتخلف..للأسف..!
وخلفها مساحات متصلة مزروعة بنباتات زينة مختلفة.
وآخر ما فيها سياج منسوج من الحديد حماية لها، منقوش لتعطي جمالا متكاملا مع ما تعطيه النوافير..!
كانت الساحة جميلة، وواسعة .. يمر عبرها الناس –ذهابا وايابا – في اكثر من اتجاه –شارع مفتوح عليها –ربما أربعة او خمسة..!
وكان مسيرنا عبر أسواق دمشق القديمة ومنها –مدحت باشا، سوق الصوف، باب الصغير، واشار ابن اخي الى جهة فيها مقبرة لقدماء المسؤولين والخلفاء منهم معاوية..!
ازقة ضيقة ربما كانت تعتبر واسعة حين انشائها، حيث مرور المشاة والدواب، ولكنها كانت ضيقة جدا لمرور السيارات والمشاة معا ..
(ولكن يبدو انه لا بد مما لا بد منه)..
فقد فرضت الحياة التكنولوجية نفسها كضرورة لنقل الناس والبضائع..ولكن الذي بدا لي مؤلما ان هذه الأسواق لا تتمتع باهتمام الدولة من حيث الترميم والحماية ..لتعبر عن مرحلة تاريخية تبقى حية امام الأنظار وفي الذاكرة..!
عند عودتنا وقعنا في بعض اخطاء بركوب سيارة ليست في اتجاه وجهتنا، فدفعنا ثمنا لذلك بعض الوقت، لكننا اهتدينا الى الوجهة التي نحن مولينها، غير ان بعض السرافيس-سيارات النقل- تلكأت في نقلنا، فاضاعت علينا وقتا آخر.. وتساءلت:
لماذا لا تستطيع الحكومة ان تحل مشكلة –أذكر اننا كنا نعاني منها في السبعينات من القرن الماضي ويبدو انها لاتزال مستعصية رغم ما قدمته شعوب حية من تقنيات لحلها، ومنها السيارات المختلفة الأشكال والاحجام..!
هذه المشكلة هي: تمنع بعض السائقين –تحت ذرائع مختلفة –من متابعة مسيرها في الخطوط المختصة..؟.. وتساءلت ايضا:
هل هي مشكلة في مناطق بعينها، أم انها مشكلة عامة-وهو ما لا أعتقده، فليست السلطات بمنأى عن مقولة دارجة في الشام (خيار وفقوس).
ويبدو انها حالة مزمنة في السلوكية الرسمية في بلادنا، واحيانا عامدة..!
وصلنا.. وفي ساحة ما، من حارة الأكراد-ركن الدين- ركبنا سيارة هونداي صغيرة عرجت بنا نحو منطقة عالية من الحارة المتكئة الى الوجه القبلي من جبل قاسيون.. ومر في خاطري ان اكتب هذه الكلمات عن الهوندايات التي تقوم بخدمات عظيمة للفئات الفقيرة –واحيانا لبعض الاغنياء الذين اتخذوا حافات الجبل مسكنا ..لسبب ما…!
كتبتها فيما كنت انتظر دوري للدخول الى الطبيب –بل في مخبر لأحد أصدقائي-كان تلميذي يوما ما – قبل الذهاب الى عيادة الطبيب والذي طمأنني عن حالتي الصحية ولكنه اكد على
أهمية مراقبة الضغط والشحوم والكوليسترول..ونصح بالغاء استعمال كلوبيد بعد مرور سنة واكثر على تناولها –هكذا يتم معالجة الاحتشاء الدماغي في أوروبا كما قال- ونصح بالعمل الفيزيائي على قدر المستطاع –منها العمل الفكري والكتابة ..-
عندما ترتقي الى جبل قاسيون لتعبر الشوارع والأزقة المتصاعدة أو النازلة، والملتوية مع ما فيها من انحدارات وارتفاعات والتواءات وتداخل زوايا الدور، وحركة الناس غير الملتزمة بقواعد السير، وحركة الهوندايات طالعة نازلة تنتظر بعضها في احايين كثيرة، أو تمر بجانب بعضها في حركة مهنية عجيبة ومدهشة من سواقها، فيصعد الى الذهن تساؤل:
ترى ..! لو لم تكن هذه الهوندايات-كما تسمى شعبيا- فكيف ستكون الحياة في منطقة جبلية لا تصل اليها السيارات العادية بسبب ضيق الأزقة وصعودها والتوائها..؟!
سؤال آخر: لولا هذه الهوندايات-وهي اختراع غربي او شرق أسيوي (مستمد من الغرب)
فهل كان متوقعا ان تخترع مثلها من قبل الشعوب المتخلفة والعربية منها..؟!
كنت اجيل الطرف في ملامح وسحن سكان المنطقة –حارة الأكراد التي عربت الى ركن الدين طمسا لهوية سكانها القومية المميزة..-فاجد الكردي والعربي والشركسي والتركماني والمسيحي والمسلم.. وكل يمر في الشارع نفسه، او يقف امام باب محله، او يعمل فيه.. طبيبا او مهندسا او محاميا..أو تاجرا او ذا مهنة ما..الخ .فلا اشعر بما يجعلني ارى التمايز بينهم في اعمالهم، وابتساماتهم وهم يستقبلون الزبون، او يودعونه..!
ولكني –عندما اعود الى ممارسات السلطة السياسية يتمثل امامي مشاريعها السياسية الظالمة تجاه قوميات –مواطنة- وربما طوائف مواطنة-او احزاب مواطنة..الخ. على قاعدة بغيضة هي استئثار حزب واحد للسلطة وانكار قواعد المشاركة على الغير..الا اذا تجردت من خصوية مبادئها واتجاهاتها واستقلاليتها كما فعلت احزاب الجبهة ..!
وقبل ان اغادر دمشق وصل الى سمعي النبا السعيد: ارتفاع سعر المازوت و والنقل مباشرة، والغاز أضعافا ..وبدات اسمع الشكوى والغضب في وجوه ونبرات الناس ..!
وعدت الى استرجاع بعض البلدان التي تواجه فيها الحكومات والشعب حول قضايا من هذا النوع فاجد اضرابات ومظاهرات وجدل بين النقابات والحكومات، وحوارات تتمخض عن نتيجة ترضي الطرفين او الأطراف.. واقربها –ربما – ما كان في فرنسا قبل شهور قليلة..
وتساءلت: أين من هذه الأمل والمسلك المتحضر أنظمة عروبية همها التحكم في حركة شعوبها ، والمشاطرة في تطبيق قواعد تسرق بها هذه الشعوب ذهنيا وفاعلية ومستقبلا..!
فكيف سيكون التقدم يا..عرب..؟!