مدينتي

   شعر : د. بدرخان السندي
ترجمة: بدل رفو مزوري

مدينتي على سفر
مدينتي قررت الرحيل
ولن تتراجع
سائحة، مسافرة
زورق وربان أنا
تهيأت للرحيل
الليل كان يحتضر
حين ابتسم فجر جديد
كبرعم مخمل
وعلى ضمانة سر صامد
قدِمَت إليّ
مدينتي
تحت عشق شجرة
 شفافة وسرمدية
بين الوجود والعدم…
هناك…
في لحظة صمت وملء سلام
قالت لي مدينتي…
بصوت خافت ومرتجف
وبعينين خجولتين ملء قرار
نعم… قررت اليوم
سأسافر…
حينها أينع السؤال الأبدي ثانية
الذي ليس له جواب من الطفولة
والمغروس في روحي
يا ترى لِمَ  يسافر العالم؟
لمَ تتقطع القلوب الحية
تغدو حماماتٍ
وتتوارى في زرقة السماء؟
أين تشد الرحال طيور الخريف
ومن أين تأتي طيور الربيع
ولمَ تجيء وتروح
تحلق وتختفي؟
يا مدينتي التي قررت السفر
أين اتجاهك
فأجابت… أين سأذهب…!
فقلت لها: أين؟ تقع أين؟
فردت: أيها الصديق
أينما هو جميل
من دون جواب
يظل السؤال…
يا مدينتي… مدينة ورود الآمال
مدينة العتبات والأزقة
وأبواب الذكريات القديمة
نوافذ وأسواق وساحات المرح
فاتنات وقصص العشق الخفي
مليئة بالشباب
 والملاحم القادمة والمنتظرة
مليئة بالسمراوات الجميلات
بالأعياد والمصطافين
بالهموم والمكابدات
بالذكريات…
 أجل… بالذكريات
بالأصدقاء والأحبة والجيران
 مدينة فارس القدر
        قرار السفر
مَن سيصطحبكِ في هذه الرحلة؟
فأجابت: رفاق السفر
قلوب متكسرة وعشاق
وبلاغة الصمت
الأطفال يحلمون بالسعادة
في مدينة الأحلام
وجدائل الفاتنات
 من خوف العشق
غدت فراشٍ
غدت ورود ريحان وذبلت
سأملأ جيوبي وعُبّي
من بؤبؤ بناتٍ انتحرن
ولم ينتحرن…!
الكذب العتيق
المنتشر في أزقتي
يا مدينة فارس القدر
          قرار السفر
كيف ستسافرين…؟
ــ أنا وصحبتي
سنمتطي غيمة مجنونة
أو…
نمتطي ساق نرجسة طاهرة
لم تدنَّس بعد بحذاءِ طاغٍ
سأهز بوابة أمير الغيوم
كي يهطل بنا، أنا وصحبي
على أرض،
سكانها يسمون الأشياء بمسمياتها
يقولون:
للحمام حمام
للسحالي سحالٍ
للحمير حمير
للبلابل بلابل
للجواسيس جواسيس
للصوص لصوص
والنرجس نرجس
هناك من جديد
سوف أزرع النرجس
وهناك سأصدح بنشيد

(أي رقيب)!.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

 

صبحي دقوري

 

حكاية

 

كان “دارا” يمشي في شوارع المدينة الأوروبية كما يمشي غريبٌ يعرف أنه ليس غريباً تماماً. العالم لا يخيفه، لكنه لا يعترف به أيضاً. كان يشعر أنه ككلمة كورديّة ضائعة في كتاب لا يعرف لغتها. ومع ذلك، كان يمشي بثقة، كما لو أن خطواته تحمل وطأة أسلافه الذين عبروا الجبال بلا خرائط.

 

في تلك الليلة، حين…

عِصْمَت شَاهِين الدُّوسْكِي

 

دُرَّةُ البَحْرِ وَالنُّورِ وَالقَمَر

دُرَّةٌ فِيكِ الشَّوْقُ اعْتَمَر

كَيفَ أُدَارِي نَظَرَاتِي

وَأَنْتِ كُلُّ الجِهَاتِ وَالنَّظَر

***

أَنْتَظِرُ أَنْ تَكْتُبِي وَتَكْتُبِي

أَشْعُرُ بَيْنَنَا نَبْضَ قَلْب

بِحَارٌ وَمَسَافَاتٌ وَأَقْدَارٌ

وَحُلْمٌ بَيْنَ أَطْيَافِهِ صَخَب

***

دَعِينِي أَتَغَزَّلْ وَأَتَغَزَّل

فِي عَيْنَيْكِ سِحْرُ الأَمَل

مَهْمَا كَانَ النَّوَى بَعِيدًا

أُحِسُّ أَنَّكِ مَلِكَةٌ لَا تَتَرَجَّل

***

دُرَرٌ فِي بَحْرِي كَثِيرَةٌ

لَكِنَّكِ أَجْمَلُ الدُّرَرِ الغَزِيرَةِ

أَقِفُ أَمَامَ الشَّاطِئِ

لَعَلَّ مَقَامَكِ يَتَجَلَّى كَأَمِيرَةٍ

***

أَنْتِ مَلِكَةُ البَحْرِ وَالجَمَالِ

لَا يَصْعُبُ الهَوَى وَالدلالُ

لَوْ خَيَّرُوكِ…

فواز عبدي

حين وقعت بين يديّ المجموعة الشعرية “مؤامرة الحبر، جنازات قصائد مذبوحة”[1] للشاعر فرهاد دريعي، وأردت الكتابة عنها، استوقفني العنوان طويلاً، بدا لي كمصيدة، كمتاهة يصعب الخروج منها فترددت في الدخول، لكن مع الاستمرار في القراءة وجدت نفسي مشدوداً إلى القصيدة الأولى بما تحمله من غنى وتعدد في المستويات، فهي تكاد تكثف فلسفة…

فراس حج محمد| فلسطين

لا أقول صدفة، فأنا لا أحبّ موضوع الصدف، ولا أومن فيه، لكنّ شيئاً ما قادني إلى هذا الكتاب، وأنا أتصفّح أحد أعداد جريدة أخبار الأدب المصريّة (عدد الأحد، 26/10/2025)، ثمّة نصّ منشور على الصفحة الأخيرة لـ “نجوان درويش”، بعنوان “بطاقة هُوِيّة”، لوهلةٍ التبس عليّ الأمر فبطاقة هُوِيّة اسم قصيدة لمحمود درويش، وهي…