حواريات حسين أحمد مرآة تعكسُ حياة الكتاب والمثقفين

  بقلم: رندة ابراهيم

ما زال الخلاف والجدل قائمين في الأوساط الثقافية والأدبية حول الحوار واللقاء الصحفي هل يُعتبر فناً أدبياً أم لا ؟

كلما قرأت حواراً جديداً للكاتب الكردي حسين أحمد كلما أدركت أن الحوار فن أدبي جميل ورائع من خلال الأسئلة والاستفسارات المتنوعة والمتجددة والهادفة التي يطرحها حسين أحمد على محاوره ومن ثم نَفسَه الطويل وصبره على الإجابات ونقلها بأمانة وتقنية دون التلاعب بها أو حذف بعض الجمل أو العبارات منها بالإضافة إلى حرصه على التنوع المعرفي وسعيه الدؤوب للتحاور مع مختلف شرائح المجتمع من أدباء وكتاب ومثقفين وسياسيين وباحثين وفنانين على مختلف انتماءاتهم ومذاهبهم وآرائهم وأفكارهم .
الأمر الهام الذي أثار انتباهي هو أنه لايقتصر حواره على كتاب سوريا الكرد وغير الكرد فقط بل يتجاوز كل الحدود ويجتاز السياج والأسوار ليجعلنا ندخل معه بعفوية وهدوء إلى معالم الآخر البعيد عنا جسداً وفكراً ونتعرف إليها  لنكتشف فيها ومن خلالها زوايا غامضة وقاتمة من حياتهم كانت مجهولة لدينا وهنا تبرز مهارته في اصطياد المفردات التي تدغدغ تلك الزوايا وتكشف الستار عنها.
لكن الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو اهتمامه الكبير بالمرأة الكاتبة والباحثة والسياسية وإضاءته لجوانب مختلفة من حياتها ومكامنها وهو المعروف بمناصرته للمرأة وطرح قضاياها وهمومها بشفافية وصراحة وفضح المظالم والانتهاكات التي ترتكب وتمارس بحقها خاصة ونحن نعيش عصراً بات يشهر فيه رماح النقد والتهكم على المرأة الكاتبة والمثقفة.
ربما يجهل الكثير الجهود الكبيرة التي يبذلها حسين أحمد ليرى كل حوار من حواراته نور النشر والانتشار وربما يجهلون عدد الساعات بل والأيام والشهور التي يمضيها مع محاوره ليكون الحوار بأسئلته وأجوبته ناجحاً ومقبولاً لدى القراء .
من هنا تبرز لنا أهمية الحوار ووظيفته في التعرف إلى حياة الكاتب والسياسي والفنان الذي نحبه ونتابع أعماله وفي التواصل معهم ومعرفة آرائهم في مجمل قضايا الحياة والكون وطرق معيشتهم وتكوينهم وتفكيرهم هذا بحد ذاته يشكل العمود الفقري الذي يستند إليه نجاح هذه الحوارات واستمراريتها .
وقبل أن أنهي مقالي الذي أتمنى من خلاله للأخ حسين أحمد دوام التقدم والنجاح فيه اسمحوا لي أورد هذه الفقرات من إحدى مقالات الكاتب نفسه والذي يؤكد من خلاله على أهمية الحوار:

(مما لاريب فيه لم يكن مجرد هفوة آنية أو عابرة قيامي بإجراء لكل هذه الحوارات والمقابلات, مع شخصيات متنوعة و مختلفة في كتاباتها وفنونها ومواهبها الجميلة مطلقاً أو مضيعة للوقت أو اللعب على حبال الغايات و المصالح الشخصية, كما تخيله البعض من “كتاب النت” أو استنزاف لطاقة كاتب و شاعر و فنان أو حتى سياسياً كردياً أو غير ذلك في غير مصبه, ليس إلا إرضاء لقناعاتي ومبادئي الثقافية والفكرية والإنسانية, التي أومن بها إيماناً حقيقياً وهي إجلاء للملأ عن أفكار و تجارب و إبداعات من خلال رؤيا ومشاهد استجمعناه عبر تفاعلاتهم مع الطبيعة أولا, من ثم مع الإنسان و تفاعلاته مع الاحداث.
لذلك ألهبتني قناعة جامحة بان امضي في هذا الاتجاه وان أشيد جسراً متيناً للتواصل والتفاهم المباشر في هذا المنحى, وقد أخذت على كاهلي انتقاء منهج الحوار الصريح, والواضح ربما هو الأجدر برأيي في محاولة جادة لسد هذا التصدع المربك الذي يظهر بين وقت واخر في المشهد الثقافي والسياسي والفني فيما يحدث بين الكاتب وقارئه من الناحية ,وبين القارئ وكاتبه من الناحية الأخرى, لإعطاء رؤية واضحة وجلية لمكنونات هذا الكاتب أو هذا الشاعر, الغائبان للقارئ الكردي والعربي على حد سواء. لذا راودني إحساس قوي في القيام بجهد يساهم في ردم هذه التصدعات هنا وهناك .. التي كنت أجدها منذ وقت طوي

ل, جاهداً في تقديم الصورة الواضحة للشخصية التي كنت أحاورها و أناقشها لتقديمها للمشهد الثقافي الكردي والعربي بهيأتها الناصعة والجميلة معاً. من هذه الزاوية راودتني فكرة الحوارات واللقاءات وقد أجريت الحوارات التالية التي أخذت من وقتي وعمري وطاقتي أكثر من عشرة أعوام حقيقية.  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…

خلات عمر

في قريتنا الصغيرة، حيث الطرقات تعانقها الخضرة، كانت سعادتنا تزهر كل صباح جديد. كنا ننتظر وقت اجتماعنا المنتظر بلهفة الأطفال، نتهيأ وكأننا على موعد مع فرح لا ينتهي. وعندما نلتقي، تنطلق أقدامنا على دروب القرية، نضحك ونمزح، كأن الأرض تبتسم معنا.

كانت الساعات تمر كالحلم، نمشي طويلًا بين الحقول فلا نشعر بالوقت، حتى يعلن الغروب…

عبدالجابر حبيب

 

منذ أقدم الأزمنة، عَرَف الكُرد الطرفة لا بوصفها ملحاً على المائدة وحسب، بل باعتبارها خبزاً يُقتات به في مواجهة قسوة العيش. النكتة عند الكردي ليست ضحكة عابرة، وإنما أداة بقاء، و سلاح يواجه به الغربة والاضطهاد وضغط الأيام. فالضحك عنده كان، ولا يزال يحمل في طيّاته درساً مبطناً وحكمة مموهة، أقرب إلى بسمةٍ تخفي…

أعلنت منشورات رامينا في لندن، وبدعم كريم من أسرة الكاتب واللغوي الكردي الراحل بلال حسن (چولبر)، عن إطلاق جائزة چولبر في علوم اللغة الكردية، وهي جائزة سنوية تهدف إلى تكريم الباحثين والكتّاب المقيمين في سوريا ممن يسهمون في صون اللغة الكردية وتطويرها عبر البحوث اللغوية والمعاجم والدراسات التراثية.

وستُمنح الجائزة في20 سبتمبر من كل عام، في…