ماذا جرى لكوردستان الحمراء ؟

   العدد (11) من مختارات *

الدكتور: محمد لطيف عبدالرحيم (بافىَ نازىَ)
تقديم: أ.د عبدالفتاح علي البوتاني

تقديم:

يُعد الشعب الكوردي، وباعتراف الكُتاب والمؤرخين الموضوعيين والمنصفين، شعب قديم وجذوره في الشرق الاوسط قديمة جداً، ويشكل الكورد اليوم رابع قومية في المنطقة بعد العرب والترك والفرس، اذ يقدر عددهم بنحو (30 – 35) مليون نسمة، وهم بذلك اكبر شعب في العالم ليس له السيادة على ارضه.
كان من المفروض ان يؤسس للكورد دولة مستقلة بعد الحرب العالمية الاولى، ولكن بدلاً من ذلك تم تقسيم وطنهم كوردستان بين تركيا وايران والعراق وسوريا، وحرم الكورد حتى من الحكم الذاتي في هذه الدول.
اما الكورد في الاتحاد السوفيتي (السابق)، فكانوا يعيشون في المناطق الزراعية في جمهوريات ارمينيا واذربيجان وجورجيا، ولأن الاحزاب الشيوعية تنطلق في مواقفها من حل المسألة القومية من النظرة الماركسية – اللينينية، فقد تم انشاء (قضاء كوردستان) في جمهورية اذربيجان في المناطق التي يعيش فيها الكورد بصورة كثيفة، ثم تحول ذلك القضاء الى مقاطعة كوردستان (القومية) ذات الحكم الذاتي ومركزها مدينة لاجين وسميت ايضاً بـ (كوردستان الحمراء)، وكان عدد سكانها نحو (48) الف كوردياً.
وتشكلت في سنة 1925 لجنة خاصة لتطوير المنطقة، فصدرت جريدة كردستان(السوفيتية)، وتم افتتاح معهد تربوي، وبدأ البث الاذاعي وتعليم الاطفال بلغة الام، وما كادت المؤسسات الادارية ان تكتمل في نهاية العشرينات، الا وتغيرت سياسة جمهورية اذربيجان ازاء الحقوق القومية للكورد هناك، لسببين: اولهما نمو الميول القومية العنصرية في القيادة الاذربيجانية، وثانيهما تطور العلاقات السوفيتية الودية مع تركيا، وتمثل التغير بالاهمال الرسمي للمنطقة ولسكانها الكورد، ثم القضاء على (مقاطعة كوردستان) ذات الحكم الذاتي، واخيراً الكف عن نطق كلمة (الكورد) والسعي وبمختلف الوسائل التقليل رسمياً من عددهم(1).
ان منطقة الحكم الذاتي الكوردي او (كوردستان الحمراء) سنة 1922-1930، كانت منطقة جبلية تقع ضمن جمهورية اذربيجان، ويفصلها عن ارمينيا ممر ضيق، هذا الممر كان جزءاً من تلك المنطقة، وتقع عاصمة كردستان الحمراء لاجين فيه، وتضم فضلاً عن لاجين اراضي المناطق: كلبجار وزنكيلان وجبراييل وقوبتان.
في أيار 1992 وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تمكن الارمن ان ينتزعوا لاجين من سيطرة الاذريين، فتسبب ذلك في العودة الى الحديث مجدداً عن الكورد ونواياهم، اذ قيل بان الكورد قد سيطروا على تلك الارض من الاذريين، وفتحوا الطريق لمرور قوافل القوات الارمنية لايصال الدعم والمساعدة الى كرباخ المحاصرة والمطوقة من قبل الاذريين، وقيل ايضاً ان الكورد يرغبون في انبعاث (كوردستان الحمراء) بعد سنين طويلة من زوالها، كل هذه الانباء قد نقلتها وكالات الانباء الارمنية(2).

وللوقوف على حقيقة ماجرى، واظهار الخفايا المتعلقة بهذه المسألة، كلف مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق الدكتور محمد لطيف عبدالرحيم للكتابة عن “ماذا جرى لكوردستان الحمراء”؟!

————- 

* مـخـتــارات نشرة تصدر عن مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق في جامعة دهوك

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

مصطفى عبدالملك الصميدي/اليمن*

تُعدّ ترجمةُ الشَّعر رحلة مُتفَرِّدة تُشبه كثيراً محاولة الإمساك بالنسيم قبل أن يختفي سليلهُ بين فروج الأصابع، بل وأكثر من أن تكون رسماً خَرائِطياً لألوانٍ لا تُرى بين نَدأَةِ الشروق وشفق الغروب، وما يتشكل من خلال المسافة بينهما، هو ما نسميه بحياكة الظلال؛ أي برسم لوحة المعاني الكامنه وراء النص بقالبه…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

تَتميَّز الرُّوحَانِيَّةُ عِندَ الكاتب اللبناني الأمريكي جُبْرَان خَليل جُبْرَان ( 1883_ 1931 ) بِعُمْقِها الفَلسفيِّ، وقُدرتِها عَلى تَجاوزِ الماديَّاتِ ، والتَّعبيرِ عَن الحَنينِ إلى مَا هُوَ أسْمَى وأرْقَى في النَّفْسِ البشرية . وَهُوَ يَرى أنَّ الرُّوحَانِيَّة لَيْسَتْ مُجرَّد شُعورٍ أوْ طُقوسٍ تقليدية ، بَلْ هِيَ حالةُ وَعْيٍ مُتكاملة…

ابراهيم البليهي

من أبرز الشواهد على إخفاق التعليم الذي لا يقوم على التفاعل الجياش عجزُ الدارسين عن اكتساب السليقة النحوية للغة العربية فالطلاب يحفظون القاعدة والمثال فينجحون في الامتحان لكنهم يبقون عاجزين عن إتقان التحدث أو القراءة من دون لحن إن هذا الخلل ليس خاصا باللغة بل يشمل كل المواد فالمعلومات تختلف نوعيا عن الممارسة…

خلات عمر

لم يكن الطفل قد فهم بعد معنى الانفصال، ولا يدرك لماذا غابت أمّه فجأة عن البيت الذي كان يمتلئ بحنانها. خمس سنوات فقط، عمر صغير لا يسع حجم الفقد، لكن قلبه كان واسعًا بما يكفي ليحمل حبًّا لا يشبه حبًّا آخر.

بعد سنواتٍ من الظلم والقسوة، وبعد أن ضاقت الأم ذرعًا بتصرفات الأب…